إنها الإنسانية بقلم د٠إبراهيم خليل إبراهيم

إنها الإنسانية
كتب د٠إبراهيم خليل إبراهيم
وصل ضابط الشرطة أمر بالقيام بتنفيذ حكم إخلاء سكن فجمع قوّته وتوجه إلى المنزل المراد إخلاؤه ففتح له الباب رجل عجوز كهل فدخل الضابط المسكن
فوجده لا يحتوي سوى بعض الأشياء القليلة جدا فوجه سؤاله للعجوز : من يعيش معك ؟ فقال : لا أحد ٠٠ أسكن لوحدي
فسأله الضابط : لماذا لم تسدد الإيجار فقال العجوز : معاشى ضئيل جدا وعلاجي يأخذ أغلبه ولا يتبقى لي سوى القليل الذى أعيش به وقمت ببيع أغلب الأثاث لأكمل الدواء
وطلبت من المالك أن يُمهلني حتى أستطيع أن أدفع له الإيجار فليس لي مأوى سوى هنا وأنا لا أتحمّل برد الشارع ..!!
نظر ضابط الشرطة للعجوز وتكاد دموعه تنزل من عينيه فسأله العجوز : أنت يابيه جاي ترميني فى الشارع ؟ فابتسم الضابط والدموع فى عينيه :
مين قال كده ؟ أنا جاي أنا واللي معايا نسأل ونطمئن على صحتك فقال العجوز : ربنا يبارك لكم يارب والله تعبان أوى يابيه وما بقدرش أجيب الدواء كله !! قال الضابط : ما احنا سمعنا كده وجينا علشان نوديك المستشفى والإسعاف جاي فى الطريق .
قام الضابط بطلب الإسعاف ثم توجه إلى مالك البيت وقال له : هوه عليه كام ؟ قال : ١٩٠٠ جنيه
قال الضابط : أعمل مخالصة وهتاخد فلوسك وأعمل إيصال بستة شهور مقدم وشوف كام حسابك ؟
وصلت سيارة الإسعاف ووضعوا العجوز على كرسي متحرك وقاموا بوضعه وحمله إلى سيارة الإسعاف وتوجهت السيارة إلى مستشفى وتم الكشف الطبى على العجوز وتم صرف الأدوية من صيدلية المستشفى وأحضر الطبيب بعض الأدوية غير المتوفرة من الخارج
ثم حمل ضابط الشرطة الرجل العجوز فى سيارة الشرطة وعاد به إلى البيت وقال له : نصف ساعة وراجع
٠
أحضر ضابط الشرطة المبلغ وأخذ الإيصالات وتنازل صاحب العقار وهَمَّ بالخروج فناداه العجوز : هتيجى تزورني تاني يابيه ؟ قال له : طبعا وأخرج ورقة وكتب رقم هاتفه وقال له : وده رقمي لو احتجتنى رن علي وأنا كل أسبوع هاجي أزورك .