
رشفات من القرآن
كتب أشرف ماهر ضلع
(هذا فراقُ بيني وبينك)
….
لماذا لا نتريث ونتصبر ونتحمل؟!!
لماذا لا نمسك أنفسنا حتى تتضح المسألة وتنجلي القضية وينكشف المستور؟!
لماذا نسارع دائما إلى الاعتراض
والنقد والتعليق؟!
لماذا لا نقرأ الموضوع من زواياه كلها
ونتمعن في الأمر كثيرا
وندقق في ما نرى ونسمع حتى لا نجني الندم من وراء التعجل؟
لماذا نبادر بالحكم على التصرفات قبل أن نفهم الحيثيات جيدا؟!
ونخفُّ إلى إعطاء التقييم النهائي قبل أن نقف بحرص على كل الملابسات؟!
فما نراه أحيانا خطأ قد يكون هو عين الصواب
وما نظنه تعثرا قد يكون هو ذات الرشد والحقيفة
فيا ليتنا نتمهل حتى لا نتحسر
….
(هذا فراقُ بيني وبينك)
وانظر كيف وصل كلمة (فراق) بكلمة (بيني) وصلا مباشرا ولم يفصل بينهما بالتنوين فكأنه فراق خاص واستثنائي كما هو اللقاء نفسه خص واستثنائي.
…
لقد خسر موسى عليه السلام بتعجله رفقة الخضر
تلك الرفقة الاستثنائية التي ما حدث مثلها ولن يحدث حتى قيام الساعة
قال له: اصبر فما صبر
تمهل فما تمهل.
…
بأبي وأنت وأمي يا موسى
أين ذهب قولك في البداية:( ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا)
أمهلك الرفيق مرة ومرة لكنك أبيت إلا أن تواصل الاعتراض فكانت النتيجة تلك المقولة الحزينة( هذا فراقُ بيني وبينك)
…
آهٍ لو أنك صبرت يا موسى
لو أنك لم تعترض
لو أنك تركت الرجل يفعل ما يشاء لتتجلى لنا على يديه حكمة الله في أقداره التي قد نراها خلاف ما هي عليه
(هذا فراق بيني وبينك سأؤنبك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا)
ليحزم موسى متاعه بعدها ويعود من حيث جاء
هما كانا سيفترقان على كل حال
لكن كم تمنى الوجود أنْ لو طالت تلك الرفقة المباركة
…
وفي كلمة (فراق) أسى ولوعة وألم
لكأن الخضر قالها وعيناه تدمعان
فيا ليت شعري ما كان وقعها على موسى
لك تتخيل ذلك إلى أبعد مدى
فلقد قطع موسى للقاء صاحبه المسافات الطويلة حتى قال( لا أبرح الأرض حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا)
وظل يمشي بقدميه حتى تجاوز المكان المعلوم بمراحل وبعد لأي وتعب ومعاناة لقيه ففرح بذلك أيما فرح وتواضع له وجعل يقول له( هل أتبعك) ( ولا أعصي لك)
وها هو بعد قليل يسمعه يقول له: ( هذا فراق بيني وبينك)
تخيل بالله عليك
…
ومهما يكن
فبالتعجل قد تخسر الكثير
فلا تتعجل