أبوالياسين: أمريكا تُفكك قواعد العالم.. العدل الدولية تتهدد والعالم يغرق في فوضى!
أبوالياسين: أمريكا تُفكك قواعد العالم.. العدل الدولية تتهدد والعالم يغرق في فوضى!

أبوالياسين: أمريكا تُفكك قواعد العالم.. العدل الدولية تتهدد والعالم يغرق في فوضى!
في عالمٍ يُحاول النهوض من تحت أنقاض الحروب، تتحول أمريكا إلى “فاعل خفي” ينسف أسس النظام الدولي من الداخل، بينما تُهدد علناً محكمة العدل الدولية وتعرقل تحقيقات جرائم الحرب، وتكشف وثائق “رويترز” عن لعبة مزدوجة: الإنسحاب الرسمي من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بينما تُواصل دبلوماسيوها المرتشيين الضغط خلف الكواليس لإنقاذ “إسرائيل” من المحاسبة، فهل أصبح العالم غابةً بلا قوانين؟.
• المقررة الأممية: ما يحدث في غزة إبادة جماعية.. وأمريكا شريك أساسي!
في تصريحٍ يهزّ ضمير الإنسانية، وصفت “فرانشيسكا ألبانيز”، المقررة الخاصة الأممية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، العدوان الإسرائيلي على غزة بأنه “ليس حرباً، بل إبادة جماعية تُنفَّذ أمام أعين العالم”، مُحمِّلةً الولايات المتحدة مسؤولية التواطؤ عبر دعمها اللامحدود لإسرائيل، وأكدت “ألبانيز ” أن المجتمع الدولي، وبخاصة أمريكا، يُشاهدون مذابح المدنيين منذ عدة أشهر دون تحرك جاد، ما يجعلهم “شركاء في الجريمة” بحسب القانون الدولي، وهذه التصريحات تُضيف صوتاً معتبراً إلى سيل الإدانات الدولية، لكنها تطرح تساؤلاً مريراً: هل ستتحول الكلمات إلى محاسبة؟، أم أن الإبادة ستبقى “مشهداً مفتوحاً” بموافقة القوى العظمى؟.
• أمريكا ومحكمة العدل: حربٌ على الشرعية الدولية
لم تكتفِ الإدارة الأمريكية بإنسحابها من حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بل تواصل إستخدام نفوذها لتعطيل تحقيقات جرائم الحرب، خاصة تلك المرتبطة بإسرائيل، فوفقاً لتقرير رويترز، مارست واشنطن ضغوطاً ممنهجةً لإسقاط مقترح باكستاني يهدف إلى إنشاء”آلية دولية مستقلة” لجمع أدلة على إنتهاكات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية.
• ترامب ينسحب.. لكن دبلوماسييه يهاجمون من الداخل!
رغم إعلان “ترامب “فك الارتباط مع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، واصفاً إياه بالـ”منظمة منحازة”، كشفت مصادر دبلوماسية أن ممثلي واشنطن لم يتوقفوا عن التدخل في قرارات المجلس، بل إنهم نجحوا في إفراغ مقترح باكستان من مضمونه، عبر تهديد دولٍ أخرى بعقوبات أمريكية إذا صوتت لصالحه، وذكر أن هؤلاء الدبلوماسيين الأميركيين تحت ضغوط لوبيات مؤثرة لعرقلة اي تحقيق يدين إسرائيل.
• إسرائيل فوق المحاسبة: كيف حوّلت “أمريكا” العدالة إلى سلاح إنتقائي؟
المقترح الباكستاني كان يهدف إلى إنشاء “تحقيقٍ مستقل” بصلاحياتٍ غير مسبوقة لجمع أدلة تُستخدم لاحقاً في المحاكم الدولية، لكن الضغط الأمريكي أدى إلى حذف هذه الآلية من النص النهائي، ما يُعطي إسرائيل حصانةً جديدةً، خاصةً بعد حملة غزة الأخيرة التي خلفت آلاف الضحايا المدنيين، والسؤال الغاضب هنا:إلى متى تفلت إسرائيل من العقاب على جرائمها البشعه؟.
• رسائل التهديد: “من يدعم التحقيق سيُعاقب”!
كشفت وثائق رويترز عن رسالةٍ مُرسلة من “لجنة الشؤون الخارجية الأمريكية” إلى أعضاء مجلس حقوق الإنسان في 31 مارس الماضي، حذّرت فيها من دعم أي آلية تحقيق ضد إسرائيل، مُلوحةً بعقوباتٍ مماثلة لتلك التي فُرضت على المحكمة الجنائية الدولية، وهذه التهديدات تُكرس سابقةً خطيرة: تحويل العدالة الدولية إلى رهينة للمصالح السياسية.
•النسخة الممسوخة: كيف تحوّل المقترح الدولي إلى حبر على ورق؟
بعد أشهر من الضغوط، خرج المقترح الباكستاني في نسخةٍ مُهزوزة: لم يعد ينص على إنشاء آلية التحقيق المُستقلة IIIM، بل إقتصر على “دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة للنظر في الفكرة مستقبلاً”، وهو ما يعني تأجيل القضية إلى أجلٍ غير مسمى، بينما تستمر إسرائيل في إنتهاكاتها بعيداً عن العقاب، والسؤال المطروح :هل الدم الفلسطيني رخيص لهذا الحد؟.
وفي الختام: إنه وفي مشهدٍ يُجسّد إنهيار النظام الدولي، تتحول أمريكا من “شرطي العالم” إلى “قرصان يُفكك سفينة العدالة” وبينما تُحذّر تقارير الأمم المتحدة من تحول العالم إلى “غابةٍ بلا قانون”، يبقى السؤال: هل سينجح الضمير الإنساني في إيقاف هذه الآلة المدمرة، أم أن عصر المحاسبة قد إنتهى إلى الأبد؟، والجواب ربما يكمن في صمت المجتمع الدولي، وفي دماء الضحايا التي لا تجد من ينصفها.
بقلم : نبيل أبوالياسين : الكاتب الحقوقي والباحث في الشأني العربي والدولي