شعر و ادب

” أدبيات ” الحلقة الرابعة بقلم/ أ.د. أحلام الحسن 《 تحليلُ النّص 》

أدبيات ” الحلقة الرابعة

بقلم/ أ.د. أحلام الحسن

《 تحليلُ النّص 》

عملية تحليل النّصوص أمانةٌ حِرفيةٌ لابدّ من تأديتها على أكمل وجه، وبأفضل إداءٍ لكي تتعلم منه أيضًا الأقلام الجديدة في ممارسة فنّ التحليل وأن لا يعتمد على تتبع عثرات الكاتب أو صناعة العيب من اللاعيب أو المبالغة في وصف العيب.
تحليل النصوص رسالةٌ أدبيةٌ نبيلة لا يجيد صناعتها إلّا ذو الإختصاص والخبرة، الهدف منها تقويم الأدب بأنواعه، ودعم المسيرة الأدبية لإخراج نخبةٍ من الأدباء الأماجد الذين يليقون بمجتمعاتهم، ويكملون مسيرة الحضارة الأدبية لأوطانهم.

لتحليل النّصوص الأدبية شعرًا كان أو نثرًا أو قصة أساسياتٌ وقواعد وشروط يجب توفّرها في الناقد والمحلّل الأدبي وأهمها:

١- المعرفة والخبرة في كتابة الشعر والإلمام بعلم اللغة والنّحو والصّرف وعلم العروض.

٢- الدراسة والموهبة والخبرة في ذات النّصوص المطروحة للتحليل كالشعر العروضي والقصة بأنواعها والرواية والخاطرة والنثر، وعلى المحلل أن يكون مُلمًا بقواعد اللون الأدبي المراد تحليله وبالبديعيات في الأدب العربي المعاصر ومدارسه.

٣- النّزاهة والإنصاف التّام والشفافية وعدم التّحيّز واستبعاد المحسوبية وتجنب فتل العضلات مع مراعاة عدم صناعة الإحباط لدي الكاتب.

٤- إمتلاك الثقافة الإجتماعية والدينية ولباقة الحديث والطّرح ليتمكّن من إصلاح الفاسد في النّص وبصورةٍ لبقةٍ تنعش النّصّ وتسدد الكاتب للأصوب دون المساس بمشاعر الكاتب.

٥- القدرةُ على تحليل النّصّ واكتشاف خفايا التّورية وإيجابياته وسلبياته والتّأني في قراءة النّصّ ولأكثر من مرةٍ قبل المبادرة بالتّحليل والدراسة.

٦- إختيارُ الوقت الهادئ والمناسب للتّحليل والدراسة ولايغفل المحلل عن حالته النّفسية أيضًا بحيث يكون في حالته الطّبيعية والهادئة وليس في حالة الإنفعال أو ضيق الوقت.

٧- عدم إضافة أيّة كلمةٍ على النّصّ، والإلتزام بمفردات النّصّ تمامًا، والبحث عن جماليات النّصّ، دون الإقتصار على عيوبه، وعدم تشكيك الكاتب في قدراته الأدبية وعدم تثبيطه، فلا يكون المُحلّل والناقد معولًا للهدم من خلال تحليلٍ سقيمٍ يضرّ ولا ينفع.

فالشّعر والنّصّ الأدبي بأنواعه غالبًا ما يحلّل نفسه بنفسه من خلال عرض الكاتب لمحتوى أفكار القصيدة أو القصة وغير ذلك من النّصوص الأدبية، إلاّ أنّ هنالك بعض القصائد ليست بالقليلة، مما يغلب عليها أسلوب التّورية، أو الترميز، أو التلغيز، وهذا النّوع من كتابة الشعر بالتّلغيز والتّرميز نوعٌ فريدٌ وعذبٌ يبثّ في المُحلّل الأدبي والناقد روح الفضول في البحث عمّا خلف كواليس القصيدة، وعن مكنوناتها التي لم يفصح الشاعر عنها في قصيدته.

فخلفَ قصيدته قصيدةٌ لم تظهر على واجهة النّص، حيث أنّ لغة التّورية في القصيدة جعلت للقصيدة ظاهرةً مميزة وهي ظاهرة واجهة القصيدة وبطن القصيدة المغاير تمامًا للغة الواجهة الترميزية والمحلّل الادبي الحاذق هو الذي سيفكّ تلك الشفرات ولو إلى حدٍ ما.

٨- البحثُ في النّصّ عن جماليات اللّغة كالبديعيات والمحسنات والإيقاع وإحداث الصّدمة لدى الكاتب من خلال نصّه، وتماسك التّحليل وترابطه بين فقرات القصيدة والتصوير المنهجي لها مثل الإسلوب المستخدم والخيال والمعنى ومستوى التدفّق العاطفي.

٩- عدم زج النصائح الحادة اللهجة أو مادونها في نصّ التحليل والنقد، بل الإكتفاء بالإشارة الخفيفة واللطيفة اللهجة، وبقية النصائح والتوجيهات فبين المحلّل الأدبي للقصيدة وبين الشاعر، ومن الأفضل عدم اطلاع الغير على سلبيات النّصّ أو التشهير بالشاعر، وإلاّ سيفقد الناقد المحلّل ثقة الآخرين فيه فضلًا عن فقدانه لأخلاقيات المحلّل وأمانته فهو مؤتمنٌ على نصوصٍ وعليه حفظ الأمانة والتوجيه بالتي هي أحسن.
ءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء
المصدر/ كتاب السبيل إلى بحور الخليل ” كيف أعدّ نفسي لكتابة الشعر- للمؤلفة أ.د.أحلام الحسن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى