أسماء غراب من غزة تفوز بلقب “شخصية العام في الخُلق الرفيع”
أسماء غراب من غزة تفوز بلقب "شخصية العام في الخُلق الرفيع"

عاجل الدكتورة أسماء غراب من غزة تفوز بلقب “شخصية العام في الخُلق الرفيع” لعام 2025
كتبت آية معتز صلاح الدين
أعلن المرصد العربي للأخلاق التابع لشبكة إعلام المرأة العربية اليوم رسميًا عن فوز الدكتورة أسماء عبد القادر إبراهيم غراب، من قطاع غزة، بلقب “شخصية العام لأصحاب الخلق الرفيع” لعام 2025، تقديرًا لمسيرتها المهنية والإنسانية الثرية، التي جسّدت فيها ومازالت أسمى معاني العطاء والتفاني في خدمة الإنسان والمجتمع، رغم أقسى الظروف التي يمر بها قطاع غزة المحاصر والمُدمَّر حيث تعيش تحت أنقاض منزلها الذى دمره الاحتلال الإسرائيلي
وقد أوضح المرصد العربى للأخلاق أن اختيار الدكتورة أسماء غراب جاء بالإجماع من لجنة التحكيم وذلك خلال التصفيات النهائية للمسابقة بحصولها على الدرجة الكاملة 50 درجة من 50 وان اقرب المنافسات لها حصلن على 44 ثم 40 درجة على التوالى وجاءت هذه النتيجة بعد مراجعة دقيقة لملفها المتكامل من لجنة التحكيم برئاسة الإعلامية العمانية الأستاذة بسمة مطر كامونا وقد احتوى ملف الدكتورة أسماء غراب سجلًا مميزًا من الإنجازات في مجالات الصحة النفسية والعمل المجتمعي والتطوعي والعلمي، حيث أثبتت حضورًا إنسانيًا ومهنيًا استثنائيًا في مختلف مراحل الأزمات والحروب التي عصفت بالقطاع وحتى الآن.
وفيما يلي النص الكامل للسيرة الذاتية التي قدمتها الفائزة للمرصد العربي للأخلاق، والتي ننشرها كوثيقة ملهمة لكل الباحثين عن الأمل والعمل في أحلك الظروف:
تكريم يعكس وجع غزة وصمود نسائها
علق المستشار الاعلامى د.معتز صلاح الدين رئيس المرصد العربي للأخلاق ورئيس شبكة إعلام المرأة العربية على فوز الدكتورة أسماء غراب قائلًا: “في كل عام نكرّم شخصية تلهم المجتمع العربي، لكن هذا العام كانت القصة مختلفة… لقد جسّدت الدكتورة أسماء غراب صورة نادرة من الصمود، حين مارست العلم والرحمة من بين ركام بيتها المهدّم في غزة، ولم تتوقف عن العطاء طوال الوقت. إنها امرأة عظيمة تقف على جبهة الأمل في مواجهة الموت، ولهذا استحقّت هذا التكريم بكل جدارة.”
شبكة إعلام المرأة العربية: “هذا الفوز وسام لغزة”
من جهتها، أشادت شبكة إعلام المرأة العربية بهذا الفوز، واعتبرت الدكتورة زينب الآغا نائب رئيس الشبكة هذا الفوز “وسامًا على صدر كل امرأة فلسطينية، وكل إنسان يرفض الاستسلام مهما اشتدّ الظلم”، كما دعت إلى دعم مثل هذه النماذج التي تكرّس وقتها للخير والعلم رغم كل التحديات.
صوت غزة يصل إلى العالم
بالرغم من أنها تعيش في منزل مهدّم بلا سقف ولا مياه ولا كهرباء الا أنها لا تتوقف عن فعل الخير سواء بتوزيع مياه تقوم بشراءها أو تحملها تكلفة حفر بئر اصبح مصدرا للمياه فى المنطقة التى تعيش فيها فى غزة
وتواصل الدكتورة أسماء عملها مع النساء والأطفال، وتعالج النفوس الجريحة، وتخطط لمبادرات مستقبلية طموحة مثل “نحو جيل مشرق” و”رعاية أيتام حرب غزة”، مستثمرة كل طاقتها في مواجهة الحرب بالعلم والرحمة.
لقد نجحت د. أسماء غراب في أن تجعل من الألم طاقة بناء، ومن الأنقاض منصة أمل، وأن تتحول من معالجة نفسية في غزة إلى شخصية عربية مرموقة يُحتذى بها داخل وخارج الوطن العربي
-وصرحت الدكتورة أسماء غراب قائلة”ترشحي لهذه الجائزة لم يكن غاية، بل محطة أُعبّر من خلالها عن صوت آلاف النساء اللواتي يواصلن النهوض رغم الدمار.”
وفيما يلي النص الكامل للسيرة الذاتية التي قدمتها الفائزة للمرصد العربي للأخلاق، والتي ننشرها كوثيقة ملهمة لكل الباحثين عن الأمل والعمل في أحلك الظروف مع العلم انها ظلت أياما طوال تكتب تلك السيرة الذاتية لأن الكهرباء تنقطع لأوقات طويلة وكذلك الانترنت لكنها اعتمدت على الطاقة الشمسية لشحن الجوال وغير ذلك من استخدامات الكهرباء :
الى السيدات والسادة في المرصد العربي للأخلاق، تحية طيبة وبعد،
يسرني التقدّم بملف مشاركتي في مسابقة “شخصية العام لأصحاب الخلق الرفيع”، والذي يتضمن ملخصًا عن أبرز محطاتي المهنية والإنسانية التي دفعتني بخطى واثقة لترشيح نفسي، إيمانًا مني برسالة هذه المسابقة النبيلة , أؤمن بأن هذه المسابقة تمثل منصة مهمة لتبادل الخبرات والرؤى، ومصدر إلهام يُثري العمل المجتمعي في وطننا العربي، ويُبرز النماذج التي تسهم في صناعة الأثر الإنساني والمعرف
أنا دكتورة أسماء عبد القادر إبراهيم غراب، فلسطينية من مدينة غزة، متخصصة في العلاج المعرفي السلوكي، أعمل مستشارة للصحة النفسية في شبكة إعلام المرأة العربية، كما أقدم خدمات العلاج النفسي والإشراف الإكلينيكي في مؤسسة نسوية تُعنى بالنساء المعنّفات، وأتولى الإشراف الإكلينيكي على مقدمي الخدمات النفسية، حيث أتابع معهم مناقشة الحالات النفسية الصعبة، ووضع الخطط العلاجية المناسبة، وتقديم التوجيه اللازم لضمان التعامل المتكامل مع مختلف الاضطرابات النفسية. كما أعمل على تدريب مقدمي الخدمات حول الموضوعات الخاصة بالعلاج النفسي، والعنف المبني على النوع الاجتماعي، وعلاج الإدمان، أشرف أيضًا على تدريب وتأهيل طلاب علم النفس من مرحلتي (بكالوريوس وماجستير) وتمكينهم من المهارات العملية في التعامل مع الاضطرابات النفسية، وكنت ضمن طواقم الدعم النفسي للحالات المستضافة في مراكز الحجر الصحي خلال جائحة كورونا في غزة ، و إلى جانب عملي الأساسي الذي يوفر لي مصدر دخل، أشارك في عدد من المبادرات والأنشطة التطوعية الهادفة إلى تحقيق أعمال إنسانية ومجتمعية وعلمية، تساهم في نهضة المجتمع ، تنبع من إيماني بأن بناء الإنسان هو أساس نهضة المجتمع. فعملت ناشطة انسانية مجتمعية وكذلك ناشطة علمية وإليكم فيما يلي تفاصيل الملف بشكل موضح، من خلال سرد المحاور المطلوبة ، مع خالص أمنياتي بالتوفيق لجميع المشاركين .
الإنجازات المهنية في مجال العمل (الحكومي أو الخاص)
• أعمل مستشارة لشؤون الصحة النفسية لدى شبكة إعلام المرأة العربية، حيث تم اختياري بناءً على تقدير كفاءتي وحصولي على التسجيل الرسمي من جمعية المراسلين الأجانب في القاهرة، وذلك تقديرًا لجهودي المهنية في مجال الصحة النفسية.
• أعمل معالجة نفسية في مؤسسة تُعنى بحماية المرأة والطفل في غزة، ضمن فريق متخصص لدعم النساء المعنفات نفسيًا واجتماعيًا. أقدّم الدعم والعلاج النفسي للنساء والأطفال المتضررين من العنف والصدمات، وأسهم في تمكينهم نفسيًا واجتماعيًا ضمن برامج متخصصة تسعى لتحقيق التمكين والاستقرار لهم.
• شاركت في إعداد بروتوكول لعلاج الإدمان جاءت بشكل تطوعي، بعد أن تبين من خلال عملنا مع النساء المعنفات أن إدمان الزوج يعد من أبرز الأسباب المؤدية للعنف ضد المرأة. وبصفتي متخصصة في العلاج المعرفي السلوكي، أدركت أهمية التصدي لهذه الظاهرة الإنسانية، فساهمت في إعداد البروتوكول باستخدام تقنيات العلاج المعرفي السلوكي، وشاركت في تدريب مزودي الخدمات والشرطة وكل المعنيين بالأمر، بهدف أن يصبح هذا البروتوكول مرجعًا مهنيًا للمختصين في المؤسسات الأهلية والحكومية.
• أشرفت على تدريب مزودي الخدمات النفسية ومقدمي الرعاية في مواضيع العنف المبني على النوع الاجتماعي وعلاج الإدمان باستخدام تقنيات العلاج المعرفي السلوكي، كما قدمت لهم تدريبًا متكاملًا حول كيفية التقييم الدقيق للحالات النفسية، وتطوير خطة علاجية شاملة، ومتابعة تنفيذها لضمان تحقيق أفضل النتائج العلاجي.
• ساهمت بشكل تطوعي في تدريب طلاب علم النفس من الجامعات في مرحلتي البكالوريوس والماجستير، حيث قدمت لهم الإشراف والتوجيه في كيفية التعامل مع الحالات النفسية، وذلك بهدف تأهيلهم للعمل ميدانيًا بشكل متكامل وفعّال مع الحالات النفسية ، عبر تطبيق المعارف والمهارات العملية التي اكتسبوها خلال التدريب.”
• عالجت مئات الحالات من النساء والأطفال ضحايا العنف والعدوان الإسرائيلي، من خلال تنفيذ خطط علاجية شاملة ومتطورة تستند إلى أحدث الأبحاث والممارسات العلاجية، بما يساهم في تحسين حالتهم النفسية والقدرة على التكيف مع التحديات.
• شاركتُ بالتعاون مع الجهات الرسمية في برامج الاستجابة السريعة خلال جائحة كورونا، حيث قدمت جلسات دعم نفسي وعلاج نفسي عن بُعد (عبر الإنترنت والهاتف) للنساء المعنفات والمصابات باضطرابات نفسية، خاصة ممن تأثرت حالتهم بالعزل المنزلي والحجر الصحي، إضافة إلى تنفيذ جلسات توعية لأسرهن لدعم بيئتهن العلاجية.
• شاركت في العديد من الندوات العلمية وورش العمل والمؤتمرات المُخصصة لقضايا النساء المعنفات والعنف المبني على النوع الاجتماعي في مجتمع قطاع غزة والتي تهدف إلى رفع الوعي المجتمعي حول هذه القضايا، وكذلك تدريب المُتخصصين في مجال العلاج النفسي على التعامل مع هذا النوع من الحالات للوصول إلى أفضل النتائج الممكنة مع كل حالة.
العمل التطوعي وخدمة المجتمع في الجانبين ( الانساني والعلمي) :
في بيئة مثقلة بالتحديات الإنسانية والمعيشية، وفي ظل واقع استثنائي يمر به قطاع غزة، لم يكن العمل التطوعي مجرد خيار، بل أصبح واجبًا إنسانيًا وأخلاقيًا. من منطلق إيماني العميق بمسؤوليتي تجاه مجتمعي، تنوعت مساهماتي التطوعية لتشمل جوانب إنسانية عاجلة تلبي احتياجات المتضررين، وجوانب علمية تهدف إلى بناء الإنسان وتعزيز وعيه ومعرفته ، وقد جاءت هذه الجهود التطوعية استجابة للظروف الاستثنائية التي نعيشها، وبروح المبادرة والمسؤولية، فتوزعت أنشطتي على محورين رئيسيين : الأول إنساني، يهدف إلى التخفيف من معاناة الناس في ظل الازمات التي يمر بها قطاع غزة من ازمات وحروب وحصار خانق ، لمساندة الفئات الأكثر تضررًا، والثاني علمي، يسعى للنهوض بالفكر والتعليم من خلال دعم الأفراد والكوادر العلمية والمؤسسات الأكاديمية، والتنسيق مع العالم الخارجي عبر الإنترنت لكسر الحصار ومشاركة أبناء وطني في الحراك العلمي العالمي، بما يسهم في الارتقاء بالوعي والمعرفة وإليكم التفاصيل:
أولاً : العمل التطوعي وخدمة المجتمع في الجانب الأنساني:
امتدّ عملي التطوعي عبر مراحل متعددة، تأثرت بواقع غزة الصعب، حيث انقسم إلى ثلاث مراحل رئيسية: فترة ما قبل الحرب، خلال فترة الحرب واثناء النزوح، و فترة بعد العودة من النزوح إلى بيوتنا خلال الهدنة. وفيما يلي عرض لتلك الجهود حسب كل مرحلة … كالتالي:
❖ فترة ما قبل الحرب:
• بدأت رحلتي في العمل الإنساني التطوعي خلال فترات الحصار الخانق الذي عانت منه غزة، وما رافقه من تدهور في الأوضاع المعيشية نتيجة إغلاق المعابر وتفشي البطالة. ومع تكرار الحروب على القطاع وما خلّفته من دمار وخسائر بشرية ومادية، أصبحت الحاجة ملحّة للتدخل الإنساني، فبادرت إلى تقديم المساعدات العاجلة ومدّ يد العون للمتضررين والأكثر احتياجًا، إيمانًا مني بأن الواجب الإنساني لا ينتظر.
• أحرص في كل عام على المساهمة في توزيع المساعدات النقدية خلال شهر رمضان المبارك والأعياد على الأسر المحتاجة، بالإضافة إلى توزيع لحوم الأضاحي في عيد الأضحى، في إطار جهود إنسانية تهدف إلى التخفيف من معاناة العائلات المتعففة ورسم البسمة على وجوههم في هذه المناسبات المباركة.”
❖ خلال فترة الحرب الحالية واثناء النزوح :
من قلب الدمار وتحت وابل القصف، لم يكن الصمت خيارًا، ولم يكن النزوح مبررًا للتراجع. بل كان دافعًا أكبر للعمل، للعطاء، للوقوف إلى جانب أبناء شعبنا في أحلك الظروف. ورغم أنني كنت نازحة مثلهم، حملت مسؤوليتي كإنسانة ومتخصصة على أن أكون أكثر صلابة وأكثر حضوراً لنجسد المعنى الحقيقي للإنسانية، فحرب الابادة الوحشية التي يشنها الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة تختلف كليا عن الحروب الصهيونية السابقة التي تعرض لها القطاع، فقد شكلت كذلك علامة فارقة بالنسبة لي فيما يخص العمل التطوعي والمجتمعي. فخلال حرب الإبادة الراهنة التي لم تتوقف حتى لحظة كتابة هذه الأسطر، وقف العالم بأسره يراقب في صمت ما يحدث لأبناء المجتمع الغزي، عاجزا عن توفير أبسط أشكال المساعدات للمتضررين. وقبل هذه الحرب، كان عملي التطوعي والمجتمعي متمركزا بشكل رئيسي حول تخصصي كمعالجة نفسية، إلا أن الأوضاع الإنسانية الفادحة وغير المسبوقة التي يشهدها القطاع اليوم حتّمت علي تجاوز هذا الحد والعمل على سد احتياجات الناس الأساسية، والتي بدونها لا فائدة للعلاج النفسي من الأساس، فما الحاجة للعلاج النفسي إذا كان الآلاف من الناس لا يجدون الطعام وماء الشرب؟ وهكذا وجدت نفسي أتعاون مع عدد من المعارف والأصدقاء على تشكيل فريق من المتطوعين تحت اسم فريق مبادرون،
لنكون سندًا حقيقيًا في هذه المحنة. ومن خلال هذا الفريق، نفذنا عدة مبادرات تطوعية ، و تم توثيق مجموعة من هذه الأنشطة والمبادرات الإنسانية من خلال فيديوهات منشورة على قناة شبكة إعلام المرأة العربية، تأكيدًا على مصداقيتنا والتزامنا الفعلي بالعمل الميداني والإنساني في أصعب الظروف ، والتي شملت على الأنشطة التالية:
• توزيع المساعدات المالية العاجلة والذي جاء استجابةً لاحتياجات مئات الأسر النازحة في عدد من مناطق النزوح، ممن أنهكهم التهجير المتكرر وفقدوا ممتلكاتهم، بهدف التخفيف من معاناتهم وتوفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة .
• تنظيم أنشطة ترفيهية للأطفال في خضم المعاناة والنزوح القسري، لم نغفل عن احتياجات أطفالنا النفسية، فبادرنا بتنظيم أنشطة ترفيهية خلال فترة أيام العيد داخل مراكز الإيواء، شملت عروضاً تفاعلية ومسابقات وتوزيع عيديات رمزية. كانت تلك اللحظات البسيطة بمثابة متنفس لأرواح أرهقها الخوف، وفرصة لزرع البهجة في قلوب أنهكتها الحرب. آمنّا أن رسم الابتسامة على وجه طفل نازح لم يكن مجرد لحظة فرح عابرة، بل رسالة أمل وصمود وسط الألم.
• بادرنا بتوزيع لحوم الأضاحي على العائلات النازحة في وقت كانت فيه صعوبة الحصول على اللحوم تحديًا حقيقيًا، خاصة خلال أيام العيد. جاءت هذه الخطوة كلمسة إنسانية تهدف إلى التخفيف من معاناة الأسر المتضررة، وإعادة شيء من أجواء العيد إلى قلوب أنهكها النزوح والحرمان.
❖ بعد عودتنا من النزوح إلى منازلنا :
بعد أكثر سنة من النزوح المرير، عدنا إلى منازلنا في حي تل الهوا الذي لم يعد كما كان، فقد طال الدمار كل شيء، وتلاشت مظاهر الحياة. لم يكن الرجوع سهلاً، فكل زاوية من الحي كانت تحكي وجع الحرب، ومع ذلك لم نستسلم رغم هول الدمار وغياب مقومات الحياة الأساسية، شعرت بمسؤولية جماعية تجاه من.
حولي. من أكثر الأزمات إلحاحًا كانت أزمة المياه، فبادرت بتشغيل مضخة رفع مياه موصولة ببئر جوفية داخل أرض منزلي، لتوفير مياه للاستحمام والتنظيف، في ظل توقف الخدمات وشبه انعدام المياه. وقمت بمدّ خط “سبيل” من البئر ليكون مصدرًا مجانيًا متاحًا لأهالي الحي المحتاجين، كما قمت بالتنسيق مع أصحاب صهاريج مياه الشرب لتوفير مياه صالحة للشرب لسكان الحي بشكل منتظم. كانت هذه المبادرة بمثابة حياة صغيرة نعيدها وسط الركام، ودفعة أمل نمنحها لعائلات أنهكها النزوح والحرمان.
تخطينا الصعوبات بقوة الإرادة والعمل الجماعي، لأننا نؤمن أن الأزمات تُولد المسؤولية، وأن الإنسان قادر على العطاء حتى في أقسى الظروف.
ثانياً: العمل التطوعي وخدمة المجتمع في الجانب العلمي:
إيمانًا مني بأن نشر العلم والمعرفة من أسمى أشكال العمل التطوعي، واقتناعًا بأن العمل الجماعي هو السبيل الأنجح لتحقيق الأثر العلمي الحقيقي، بادرت منذ انطلاق منصة “أريد” العلمية عام 2016 إلى الانضمام إلى فريقها التأسيسي. وتُعد “أريد” منصة علمية دولية افتراضية، تهدف إلى جمع الباحثين والباحثات حول العالم، وتعزيز التعاون والتبادل العلمي بينهم في مختلف المجالات والتخصصات العلمية ، وهو ما شكّل بالنسبة لي مساحة مثالية لخدمة العلم والإنسانية على نطاق عالمي.
• عملت على التعريف بمنصة “أريد” العلمية داخل قطاع غزة، وبذلت جهودًا مكثفة للتواصل مع الجامعات الفلسطينية وبناء جسور تعاون أكاديمي معها، مما أثمر عن تحقيق شراكة نوعية مع جامعة الإسراء، والتي كانت أول مؤسسة أكاديمية تمنح اعترافًا رسميًا بالمنصة. وقد شكّل هذا الإنجاز انطلاقة محورية فتحت الطريق نحو توسيع الاعترافات من قبل باقي الجامعات ووزارة التعليم العالي في فلسطين.
• من خلال عملي في منصة أريد نجحت في رفع عدد أعضاء المنصة والمساهمين في إثراء محتواها على شبكة الانترنت، كما نجحت في إنشاء وتعزيز قنوات التواصل بين عدد من الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في الوطن العربي وتنسيق العمل بينها وبين وزارة التعليم وغيرها من الهيئات الحكومية في فلسطين بهدف رفع مستوى العمل الأكاديمي وكفاءته وتحقيق أقصى استفادة ممكنة من الموارد المتاحة والكفاءات العلمية في فلسطين والوطن العربي.
• بعد نجاح منصة أريد والتعريف بها على مستوى الجامعات المحلية، واصلت العمل على الوصول بالمنصة إلى المستوى الإقليمي والدولي، وذلك من خلال التنسيق للتعريف بالمنصة وعقد الشراكات وخطط التعاون مع جامعات من مختلف دول العالم العربي والإسلامي، وتمكنتُ من عقد الشراكات بين المنصة وعدد من الجامعات ووزارات التعليم. ومن اهم الانشطة التي قمت بتنفيذها منذ تأسيس المنصة خلال عملي التطوعي بمنصة اريد العلمية يتمثل في التالي :
• التنسيق لفعاليات أسابيع البحث العلمي التي تنعقد بشكل دوري مع الوزارات والجامعات من 2017 وحتى 2024.
• التنسيق لمشاركة أعضاء هيئات التدريس في الأنشطة البحثية أو بالحضور الفعلي في فعاليات المحفل العلمي الدولي من 2017 وحتى 2024 .
• التنسيق لعقد مؤتمرات ودورات وورش عمل مع الوزارات المختلفة والجامعات منذ 2017 و حتى 2024.
• تمثيل المنصة في المؤتمرات وإلقاء كلمة بالنيابة عن المنصة والتعريف بها وبخدماتها المختلفة من 2016 وحتى 2024.
• التنسيق للأكاديميين لعقد دورات ضمن نظام عليم للتعليم الإلكتروني خاص بتخصصاتهم الأكاديمية من 2017 وحتى 2024 .
• التنسيق لعقد الملتقيات الثقافية لأعضاء منصة أُريد في بلاد الشام بمشاركة أربع دول فلسطين والاردن وسوريا ولبنان في 2023 .
تقديرًا لمساهمتي الفعالة في الأنشطة بمنصة أريد العلمية، حصلتُ على عدد من المناصب والعضويات في المنصة تتمثل في التالي:
• عضو مجلس إدارة في منصة أريد للباحثين والعلماء الناطقين بالعربية من 2017 حتى الوقت 2024.
• عضو لجنة استشارية في منصة أريد العالمية للباحثين الناطقين باللغة العربية من 2016 و حتى 2017 .
• عضو لجنة تنسيقية في المحفل العلمي الدولي الذي ينعقد مرتين بالسنة بشكل دوري من 2017 حتى الوقت الحالي.
• عضو لجنة تنفيذية في المحفل العلمي الدولي الذي ينعقد مرتين بالسنة بشكل دوري من 2017 وحتى الوقت الحالي..
• مدير اللجنة التنسيقية لمنصة أريد العالمية العلمية للباحثين الناطقين باللغة العربية في فلسطين من 2016 حتى 2021.
• مدير اللجنة التنسيقية لمنصة أريد العالمية للباحثين الناطقين باللغة العربية في بلاد الشام من 2021 حتى 2024 .
• توليت منصب عضو مجلس إدارة في مؤسسة “أريد العلمية الدولية” ومديرًا للتطوير والجودة منذ عام 2025 وحتى الوقت الحالي ، وذلك بعد تطوير المنصة وتحويلها إلى مؤسسة دولية تضم تحت مظلتها مجموعة من الأقسام العلمية الهامة، وتُعنى بتمكين الباحثين، وتعزيز جودة الإنتاج العلمي، والتنسيق الأكاديمي على المستوى الدولي.
• عضو مساهم بإصدار موسوعة الكفاءات العلمية الناطقة بالعربية وفقا لمعامل التواصل العلمي الصادرة عن منصة أريد العلمية العالمية في 2021 .
• عضو مساهم في اصدار كتاب سيرة منصة “توثيق تجربة أول منصة عالمية للباحثين الناطقين باللغة العربية” من 2016 – 2021 .
• تكريمًا لجهودي العلمية، أحصل بشكل دوري على تكريم سنوي من منصة “أريد” العلمية العالمية في يوم المرأة العالمي، تقديرًا لدوري البارز ضمن النساء الرائدات في المجال العلمي، ولدعمي المتواصل لتمكين المرأة التي تؤدي دورًا كبيرًا في النهضة العلمية والمعرفية على المستوى الدولي.
“”مساهمات تطوعية في الهيئات والكيانات العربية المحلية والدولية”
• مستشارة للصحة النفسية في شبكة إعلام المرأة العربية بشكل تطوعي
• منسقة عامة في لجنة التحكيم لموسوعة الشخصيات النسائية العربية الرائدة
• عضو في موسوعة الشخصيات النسائية العربية الرائدة الجزء الرابع
• مديرة العلاقات العامة في مشروع “فلسطين تُلهم العالم” الهادف إلى إبراز انجازات الشخصيات الفلسطينية الرائدة حول العالم. .
• عضو في فريق البحث العلمي التابع لمشروع “فلسطين تُلهم العالم
• عضو في الهيئة التأسيسية لمؤسسة “تمكين وهي مؤسسة وطنية فلسطينية تهتم بالقضايا المجتمعية والاعلامية والتعليمية والتطوير والتدريب في مختلف القطاعات العلمية ويتبع لها مجلة علمية محكمة
القيم الإنسانية والصفات الشخصية والمهنية
-خلال مسيرتي المهنية والتطوعية، حرصت على أن يكون العمل الإنساني فوق أي انتماء أو توجه، إذ تعاملت مع كل حالة نفسية بوصفها حالة إنسانية بحتة، تستحق الرعاية والمساعدة دون النظر لأي خلفية حزبية أو اجتماعية. هذا المبدأ رسّخ في داخلي رفضًا تامًا لأي شكل من أشكال التمييز أو الإقصاء، فالقيمة الحقيقية في العمل المهني تكمن في تجرد الإنسان من الأحكام المسبقة، وتقديسه لكرامة من يستنجد به
-و لم تكن الدرجات العلمية التي نلتها أو التكريمات والنجاحات التي حققتها دافعًا للتفاخر أو التعالي على الآخرين ، بل كنت أراها مسؤولية مضاعفة تُلزمُني بمزيد من التواضع وروح العطاء. حرصت دومًا على مشاركة الفضل مع من عملوا إلى جانبي، إيمانًا بأن الإنجاز يُصنع بروح الفريق لا بجهد فردي. فكنت أقدّر زملائي، وأشركهم في خطوات النجاح، وأؤمن بأن التعاون والاحترام المتبادل هما أساس كل عمل ناضج وأخلاقي، وهو ما عزز ثقة من تعاملوا معي، ورسّخ صورة المهنة كرسالة إنسانية قبل أن تكون وظيفة.
الإبداع والابتكار:
تميزت مسيرتي المهنية والتطوعية بالقدرة على تقديم حلول مبتكرة في ظل التحديات المعقدة التي يمر بها قطاع غزة، حيث استطعت تطوير بروتوكول علاجي متخصص للإدمان باستخدام تقنيات العلاج المعرفي السلوكي، ليُعتمد لاحقًا كمرجع مهني في المؤسسات.
كما أسست فريقًا تطوعيًا إنسانيًا نفّذ أنشطة مجتمعية مؤثرة وناجحة، استهدفت الفئات الأكثر هشاشة في ظل جرب الابادة والنزوح. اما على الصعيد العلمي، شاركت في منصات علمية دولية، أسهمت في التنسيق الفعّال بين الجامعات والمؤسسات الأكاديمية داخل فلسطين وخارجها، بما عزز الحضور العلمي المحلي في الفضاء العلمي العربي والدولي ونجحت في جسور التعاون بين الجامعات والمؤسسات الأكاديمية داخل فلسطين و خارجها، ومثّلت فلسطين علميًا في منصات دولية، مما عزز الحضور الفلسطيني في الحراك العلمي العالمي..
انطلق إبداعي في مجال العلاج النفسي من إيماني العميق بأن هذا التخصص لا يقتصر على كونه علمًا فحسب، بل هو فن وإنسانية في جوهره. هذا الإيمان دفعني باستمرار إلى مواكبة أحدث التطورات العلمية في العلاج النفسي، والسعي نحو التميز فيه. وقد ساهم شغفي بتخصصي في ابتكار أساليب علاجية خاصة بي، نابعة من تجربتي العملية الطويلة وتعاملي المباشر مع الحالات، حيث جمعتُ بين المهارة والخبرة المتراكمة. تمكنت من توظيف هذه الأساليب بما يتناسب مع خصوصية كل حالة، ما ساعد على تسريع الوصول إلى التعافي وتحقيق نتائج ملموسة في فترة زمنية أقصر.
إن قدرتي على المواءمة بين التخصص العلمي والعمل المجتمعي، وبين الفكر والممارسة، تُعد تجسيدًا حقيقيًا للإبداع الفاعل والابتكار العملي في خدمة الإنسان والعلم.
الخطط والرؤية المستقبلية:
• إطلاق مبادرة تعليمية شاملة بعنوان “نحو جيل مشرق”، من خلال تشكيل فريق عمل تعاوني يضم نخبة من الفاعلين المجتمعيين ذوي القدرة والإرادة للتواصل الجاد والبناء. تهدف المبادرة إلى مساندة طلبة الجامعات والمدارس في قطاع غزة من خلال توفير الدعم النفسي والاجتماعي، وإعادة تأهيل البنية التحتية التعليمية، وتعويض الفاقد التعليمي الناتج عن الحرب وتدهور المنظومة التعليمية. تسعى المبادرة إلى تأهيل الطلبة وإعادة دمجهم في العملية التعليمية.
• مبادرة رعاية أيتام حرب غزة تهدف إلى توفير دعم صحي ونفسي وتعليمي شامل لتمكين الأطفال الذين أصبحوا أيتامًا نتيجة الحرب من تجاوز الصدمات وبناء مستقبل آمن. تُنفَّذ المبادرة بالتعاون مع الكفاءات المحلية والشركاء الدوليين لإعادة الأمل والكرامة لهؤلاء الأطفال، وتوفير بيئة ملائمة تساعدهم على التكيف والنمو في ظل التحديات التي يواجهونها.”
• الاستمرار في البحث العلمي والعمل الميداني لمواكبة التطورات الحديثة في علاج الاضطرابات النفسية، بما يتلاءم مع الواقع المعقّد في قطاع غزة، الذي يشهد تزايدًا مستمرًا في المشكلات النفسية نتيجة الحروب والضغوط الاجتماعية. ويأتي هذا التوجه في إطار السعي الدائم نحو تطوير أدوات التدخل النفسي، وتعزيز جودة الخدمات المقدمة للفئات المتضررة.”
• الانخراط الفعّال في العمل التطوعي المجتمعي والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية التي تهدف إلى التخفيف من الأضرار النفسية الناتجة عن الحصار والاعتداءات الإسرائيلية على سكان قطاع غزة، مع التركيز على الفئات الأكثر هشاشة، خاصة المرأة والطفل، من خلال تقديم الدعم النفسي والاجتماعي المستدام، والعمل على تمكينهم للتمتع بحياة كريمة وآمنة، وبناء مجتمع قادر على التغلب على تحدياته المستقبلية.”
ما سبق هو خلاصة رحلة عطاء مستمرة، أضعها أمامكم بكل صدق، إيمانًا بأن العمل الصادق يجد طريقه دائماً على أمل أن تعكس حجم الالتزام والمسؤولية التي أحملها تجاه مجتمعي
لقد كانت رحلتي المهنية والتطوعية انعكاسًا لإيماني العميق بأن التغيير الحقيقي يبدأ من الإنسان ذاته، ومن مسؤوليته تجاه مجتمعه. عبر سنوات من العطاء والعمل في ميادين العلاج النفسي، والتمكين المجتمعي، والمبادرات العلمية والإنسانية، سعيت لأن أكون نموذجًا للمرأة الفلسطينية الفاعلة، التي تُواجه التحديات بحكمة، وتصنع من الألم أملًا
ترشحي لهذه الجائزة ليس غاية، بل محطة أُعبّر من خلالها عن صوت آلاف النساء اللواتي يواصلن النهوض رغم الدمار، ويُجدن في العلم والعمل رسالة حياة. فإن نلت هذا التقدير، فسيكون وسام فخر لكل من آمن بأن العطاء لا يُقاس بالحجم، بل بالأثر ـ أحمل في قلبي رسالة، وفي عقلي رؤية، وفي خطواتي عزيمة، وسأمضي بها ما استطعتُ، ما دام في القلب نبض، وفي الأرض متسع للأمل.