“أكتب للفراشة” بقلم الشاعر محمد السعدانى

“أكتب للفراشة”
بقلم الشاعر محمد السعدانى
أكتب للفراشة
التي تلقي بنفسها قربانا للضوء…
لأجنحتها الطائرة في مهب المحو..
لحياتها التي تصدقت بنصفها لشاعر من زمن رخو …
أكتب للغراب
حين يعير سواده لقلب أرمل إبان الحداد ..
وحين يواري سوءة شعراء غدر بهم أشباه قابيل
فنبتوا في أديم الزمن
ليعلموا البشرية أول تاريخ القتل…
أكتب للكلاب
التي تخلت عن النباح
واعتنقت دين الوفاء…
للأليفة قلوبهم كلما جن فصل الحزن…
أكتب عن الشعراء
حين يبكون
حين يضحكون
حين يحبون
حين بحزنون
حين يموتون … وتبقى آثارهم قصائد رثاء
أكتب عن الأرض
عن تراب تنصل من سجيله
وباع جيناته للغريب
عن ماء لم يعد صالحا للارتواء
وعن صلاة لا تصل للسماء…
أكتب عن الدين
في مساجد لم تعد لله
وفي خطب تباع جاهزة في علب التصبير
عن أئمة يتاجرون بلحيهم
عن إمعات يسوسنا غبيهم
وعن أقوام نسوا نبيهم
أكتب عني
إذ يتبرعم الصمت في شفتي
فيلد شعرا غير شرعي في مهد الكلام
عن الأحلام التي قطعت آمالها من خلاف
ورُميت بشبهة الحرام…
أكتب لامرأة
نسيت تاء تأنيتها
ودخلت في نوبة نشاز
رمت فردة حذائها ببحر لجي
وقتلت فرسانها في المجاز…
أكتب عنكَ
عابرا بلا هدى
تخرق طوف العاطفة
وتترك القلب دون معراج الغرام…
أكتب عنا
قطبين متنافرين
يقربنا البعد
ويبعدنا القرب
وتستفزنا لعبة الخصام…
أكتب عن اللغة
ملاذنا أنا وأنت
حين يدوسنا الوقت
وتنتحر بحناجرنا نعمة الكلام….