شعر و ادب

أيها الشتاء كنت أحبك واليوم صرت أتقيك .

أيها الشتاء كنت أحبك واليوم صرت أتقيك .

محمد أبوالنصر
من أجمل الفصول خفة وجمالا ، فصل الشتاء نهاره قصير وليله طويل ،وهو ربيع المؤمن،
تمطر فيه السماء فيمطر معها الأمل.
وأجمل ما في الشتاء ذلك السكون التام وكأن العالم يعيش في سبات.. أتأمل الشارع من نافذتي إنه خالٍ وكأن الجميع نيام، ما أجمل هذا السكون وهذا الهدوء
ما أجمل الشتاء . . ومياه المطر تُزيل عن القلب الجفاء
جودي علينا يا سماءْ . . جودي علينا بالمطرْ قد جاءنا فصلُ الشتاءْ . . فصل التجدّدً للشجرْ فصل الغيوم الراعدةْ . . إذ ترتدي ثوبَ الهطولْ فصل الثلوج الواعدةْ . . تُهدي القصائدَ للحقولْ تهدي الحقول سنابلاً . . تنمو وتكبر في فرحْ تهدي السهول جداولاً . . يرتادها طيرُ المرحْ هيا إستعدّي ياجبالْ . . وإستقبلي دررَ المطرْ هيا إستعدي ياتلالْ . . للعشبً ينمو للثمرْ قد جاءنا فصلُ الشتاءْ . . فصل المحبةً والعطا
جاء في كتاب (اللطائف والظرائف)؛ لأبي منصور الثعالبي – رحمه الله – ومن محاسن الشتاء طول الليل الذي جعله الله – عزَّ وجلَّ – سكنًا ولباسًا، وبرد الماء الذي هو مادة الحياة، وانقطاع الذباب والبعوض، وعدم ذوات السموم من الهوام، وأمنها على الطعام والأجسام، وهو حبيب الملوك وأليف المتنعمين، يطيب لهم فيه الأكل والشرب، ويجتمع فيه الشمل، ويظهر فيه فضل الغني على الفقير، وهو زمان الراحة، كما أن الصيف زمان الكد، ولذلك قالوا: من لم يغل دماغه صائفًا، لم تغل قدوره شاتيًّا..
ما أجمل الشتاء . . وصوت الأطفال يعلو بالغناء ما أجمل الشتاء . . وتلك اللوحة البديعة التي تُرسم في السماء
يتساقط المطرُ فيغسل أحقاد الصدور وسواد القلوب.
ومع كل هذا فالشتاء كما
قال الثعالبي – رحمه الله -: عذاب وبلاء، وعقاب ولأواء، يغلظ فيه الهواء ويستحجر له الماء، وينحجر الفقراء، وما ظنك بما يذوي الوجوه، ويعمش العينين، ويسيل الأنوف، ويغيِّر الألوان، ويقشف الأبدان، ويميت كثيرًا من الحيوان، فكم فيه من يوم أرضه كالقوارير اللامعة، وهواؤه كالزنابير اللاسعة، وليل يحول بين الكلب وهريره، والأسد وزئيره، والطير وصغيره، والماء وخريره.
وقال الجاحظ: الشتاء عند الناس هو الكلب الكَلِب، والعدو الحاضر، يتأهب له كما يتأهب للجيش، ويستعد له كما يستعد للحرق والغرق.
قال بعضهم: الحر يؤذي والبرد يقتل.
وقالت: سكينة جوهر
( إني كرهتك ) :
للبرْدِ سَطوةُ مُشتاقٍ إلى الجَسَدِ
يَبغي التغلغل َ..لا تُثنيهِ أيُّ يَدِ
مَهما أصُدُّ لهُ ..تَزدادُ سطوتُهُ
ماهَمَّهُ العَظمُ لايَقوى عَلى الجَلَدِ
وكي يُذيبَ لنارِالشَّوقِ جَرَّعني
مِنَ الصَّقيعِ كُؤوساً أوجعَتْ كَبِدي
….
حَصَّنتُ رُوحِيَ بالمِدْفاةِ ما نَفعتْ
حَتَّى المَعاطفُ والشَّالاتُ لمْ تُفِدِ
ولا بَطاطينُ أو ألحافُ رَادِعةٌ
لعِشقهِ الفجِ ..ياوَيْلِي ويا كَمَدي
ولا الغذاءُ بِعَدْسٍ أوْ بِشورْبَتهِ
ولا(المَحاشِي)التي هِيَ عُدَّةُ المَعِدِ
آهٍ..وطالَ معَ التَّسْهيدِ في شَجنٍ
لَيْلي بهِ وتداعَتْ صَبْوةُ السَّهِدِ
يستَمطرُ الذَّكْرَ..والذِّكْرى مُشَعْشِعَةً
ياربُ رَحْمتُكَ الْعُظْمى أيامَدَدِي
….
إنِّي كَرِهْتُكَ يابَرْدَ الشِّتاءِ.. وإنْ
حتى مكَثْتْ بجِسمي طِيلةَ الأبَدِ
إنِّي كَرِهتُكَ يابَرْداً يُقَتِّلُني
فَلْتبعدِ اليومَ ياوَجْهَ الهَوى النَّكِدِ
….
إني كَرِهْتُكَ..كيفَ الآنَ تَعْشَقُني
ومِنْكَ عُذْتُ بِربي الواحِدِ الصَّمَدِ
سَأبْتني بجميلِ الصَّبرِ قاعِدَةً
تَحْميني مِنكَ ولوْ كانَتْ مِنَ المَسَد
ومع كل هذا فالشتاء فصل وينتهي
ولكن الذي يخيف أن يصاب قلبك بالشتاء فأي شمس ستذيب الجليد عليه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى