مقالات

اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ 

اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ

قال تعالى : { يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) اعتنى القرآن بكشف حقائق اليهود، وإِظهار ما انطوت عليه نفوسهم الشريرة من خبثٍ وكيد وتدمير حتى يحذرهم المسلمون

فقال تعالى : {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} أي يا أولاد النبي الصالح يعقوب

و{ إِسْرَائِيلَ} اسم أعجمي ومعناه: عبد الله وهو اسم {يعقوب} عليه السلام، وقد صرَّح به آل عمران {إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ على نَفْسِهِ} [الآية: 93]

{اذكروا نِعْمَتِيَ التي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} اذكروا ما أنعمت به عليكم وعلى آبائكم من نعم لا تعد ولا تحصى وفي إِضافة النعمة إِليه سبحانه {نِعْمَتِيَ} إِشارة إِلى عظم قدرها، وسعة بِرّها، وحسن موقعها لأن الإِضافة تفيد التشريف كقوله {بَيتُ الله} و{نَاقَةُ الله} [الأعراف: 73] . قال بعض العارفين: عبيد النّعم كثيرون، وعبيد المنعم قليلون، فالله تعالى ذكّر بني إِسرائيل بنعمه عليهم، حتى يعرفوا نعمة المنعم فقال {اذكروا نِعْمَتِيَ} وأما أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقد ذكّرهم بالمنعم فقال {فاذكروني أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152] ليتعرفوا من المنعم على النعمة وشتان بين الأمرين.

{وَأَوْفُواْ بعهدي} أي أدّوا ما عاهدتموني عليه من الإِيمان والطاعة

وكلمة {أَوْفُواْ} الوفاء: الإِتيان بالشيء على التمام والكمال، يقال أوفى ووفّى أي أداه وافياً تاماً.

{أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} بما عاهدتكم عليه من حسن الثواب

{وَإِيَّايَ فارهبون} أي اخشوني دون غيري {وَإِيَّايَ فارهبون} يفيد الاختصاص.

{وَآمِنُواْ بِمَآ أَنزَلْتُ} من القرآن العظيم .

{مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ} أي من التوراة في أمور التوحيد والنبوة .

{وَلاَ تكونوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} أي أول من كفر من أهل الكتاب فحقكم أن تكونوا أول من آمن .

{وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً} أي لا تستبدلوا بآياتي البينات التي أنزلتها عليكم حطام الدنيا الفانية .

وقوله {وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي} الشراء هنا ليس حقيقياً بل هو على سبيل الاستعارة كما تقدم في قوله {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى} [البقرة: 16] .

{وَإِيَّايَ فاتقون} أي خافون دون غيري . وقوله{وَإِيَّايَ فاتقون} يفيد الاختصاص.

{وَلاَ تَلْبِسُواْ الحق بالباطل} أي لا تخلطوا الحق المنزل من الله بالباطل الذي تخترعونه، ولا تحرفوا ما في التوراة بالهتان الذي تفترونه و{تَلْبِسُواْ} اللَّبْس: الخلط تقول العرب: لبَسْتُ الشيء بالشيء خلطته، والتبس به اختلطَ، قال تعالى {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: 9] وفي المصباح: لَبِسَ الثواب من باب تعب لُبْساً بضم اللام، ولَبَسْتُ عليه الأمر لَبْساً من باب ضرب خلطته، والتبس الأمر: أشكل. وتكرير الحق في قوله {تَلْبِسُواْ الحق} وقوله {وَتَكْتُمُواْ الحق} لزيادة تقبيح المنهي عنه إذ في التصريح ما ليس في الضمير من التأكيد ويسمى هذا الإِطناب أضعف من سواه.

{وَتَكْتُمُواْ الحق} أي ولا تخفوا ما في كتابكم من أوصاف محمد عليه السلام

{وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أنه حق أو حال كونكم عالمين بضرر الكتمان

{وَأَقِيمُواْ الصلاة وَآتُواْ الزكاة واركعوا مَعَ الراكعين} أي أدوا ما وجب عليكم من الصلاة والزكاة، وصلوا مع المصلين بالجماعة، أو مع أصحاب محمد عليه السلام.

وكلمة {الزكاة} مشتقة من زكا الزرع يزكو أي نما لأن إخراجها يجلب البركة، أي هي من الزكاة أي الطهارة لأنها تطهر المال قال تعالى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 106] .

قوله {واركعوا مَعَ الراكعين} هو من باب تسمية الكل باسم الجزء أي صلوا مع المصلين أطلق الركوع وأراد به الصلاة ففيه مجاز مرسل.

محمد أبوالنصر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى