*الاقتصاد الأخضر * بقلم :العارف بالله طلعت

*الاقتصاد الأخضر *
بقلم :العارف بالله طلعت
أطلقت منظمة الأمم المتحدة في عام 2008 مبادرة (الاقتصاد الأخضر) ضمن مجموعة من المبادرات التي تسعى إلى مواجهة الأزمات العالمية المتعددة والمترابطة التي أثرت في المجتمع الدولي وأهمها الأزمة المالية التي اجتاحت العالم عام 2007
حيث أسفرت عن فقدان العديد من فرص العمل والدخل في مختلف القطاعات الاقتصادية.
وقد انعكست الآثار المترتبة جراء الأزمة المالية على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في مختلف أنحاء العالم.
والأزمة المالية ولدت أزمات غذائية في العديد من دول العالم بسبب زيادة أسعار السلع الغذائية الأساسية
التي يعزى سببها جزئياً إلى زيادة تكاليف الإنتاج والتوسع الكبير في قطاع الوقود الحيوي ولا يمكن إغفال أزمة المناخ التي برزت كأولوية عالمية تتطلب تضافر الجهود اللازمة لمواجهة التغيرات الحادة في المناخ والتكيف معها
و(الاقتصاد الاخضر) ينقسم إلى التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والاستدامة البيئية مع الأخذ بعين الاعتبار حق الأجيال القادمة للاستفادة من الموارد الموجودة وعدم استنزافها والمحافظة على البيئة. والتوسع بالتجارة الخارجية والمنافسة العالمية والصادرات يتطلب مواكبة منتجاتنا المحلية للمتطلبات
ضمن مفهوم الاقتصاد الأخضر من خلال بناء القدرات للشركات وإقناعها بجدواه وهذا يتطلب حراكا على مختلف المستويات للوصول إلى درجة تكون فيها المتطلبات البيئية ملزمة في قطاعات عدة كالمواصلات مثل الحرص على استيراد السيارات التي تصنف على انها صديقة للبيئة
(الاقتصاد الأخضر) هو موضوع الساعة على المستوى العالمية ومصر جزء من السعي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ضمن الأجندة التي وضعتها الأمم المتحدة لعام 2030 وتبناها رؤوساء دول عدة ومن ضمنها الحفاظ على البيئة واستدامتها.
ولا بد من تنفيذ مشاريع على أرض الواقع من خلال تشجيع المبادرات التي تصب في مفهوم الاقتصاد الأخضر وهذا الأمر بحاجة إلى بنية تحتية تتيح إمكانية تنفيذ المشاريع التي توصف بأنها صديقة للبيئة كالطاقة الشمسية مثلا أو مشاريع معالجة المياه العادمة واستخدامها في الري أو مشاريع الحصاد المائي والآبار الزراعيةوالسدود
كل هذا يوفر مصادر الطاقة والمياه ويقلل الكميات المهدورة ولا بد من تبني مشاريع تعزز الصناعة في مجال تدوير النفايات وهي أساس في الاقتصاد الأخضر بحيث يتم تقليل النفايات إلى أقصى درجة ممكنة والاستفادة منها في إنتاج الأسمدة العضوية واستخدام ما أمكن من هذه النفايات.
واللجوء إلى الأساليب التي تعطي أقصى درجات توفير الطاقة من خلال ترشيد الاستهلاك في المنازل بالإضافة إلى مراعاة تصاميم المباني الخضراء في الأبنية الجديدة بحيث تزيد قدرتنا من استغلال المصادر الطبيعية كالشمس والرياح ونواحي التهوية والإضاءة المتاحة من خلال هذه التصاميم.
وتخطيط وتنظيم قطاع يحد من الاختناقات المرورية فإننا سنوفر كميات هائلة من الوقود
وبالتالي تقليل الإتبعاثات الناتجة عن وسائل النقل وتقليل تلوث الهواء وهذا ينعكس في نهاية المطاف على تقليل فاتورة علاج أمراض الجهاز التنفسي مثلا.
ويجب الوقوف على متطلبات التحول نحو( الاقتصاد الأخضر) من خلال اهتمام بتنمية الريف الذي هو المصدر الأول والمتوفر حالياً مع العمل على تقليل حدة الفقر ورفع الأعباء عن المزارعين. وإعادة هيكلة السياسات الحكومية بما يحفز الزيادة في الاستثمارات
وبالتالي التحول في أنماط الإنتاج والاستهلاك بما يتوافق مع أهداف الاقتصاد المنشودة. وزيادة الاستثمار في مجال الطاقة ورفع كفاءتها.والاعتماد على تكنولوجيا الإنتاج النظيف ووضع استراتيجيات تهدف لخفض الكربون في التنمية الصناعية.وضبط استخدام وترشيد المياه وسن القوانين التي تمنع تلوث مصادر المياه المختلفة.
أن الوضع الاقتصادى فى مصر والدول العربية قادر على مسايرة التغيرات والتحول الى الاقتصاد الأخضر وتحقيق معدلات نمو مرتفعة والبحث العلمي لايستطيع أن يقوم بدورة کقوة دافعة من خلال التعاون بين الجامعات ومراکز البحوث وقطاعات الانتاج. لتوجية البحث العلمي لخدمة المجتمع ونشر الوعى البيئي والتوعية بأهمية التحول الى (الاقتصاد الأخضر)
من خلال الإعلام والبرامج والتعليمية فى المدارس والجامعات .وتنفذ مصر حاليا سلسلة مشروعات خضراء صديقة للبيئة في قطاعات الطاقة والكهرباء والنقل والمياه والصرف الصحي والري من بينها مجمع بنبان لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية والذي افتتحه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي
ويعد رابع أكبر مجمع للطاقة الشمسية في العالم من حيث القدرة الإنتاجية وأكبر تجمع لمحطات طاقة شمسية بنظام الخلايا الفولتية بدون تخزين على مستوى العالم.وبلغت الاستثمارات الخضراء في هذه القطاعات 30 في المئة من استثمارات الموازنة العامة لمصر خلال العام المالي الحالي
وفقا لوزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد.
فالإرادة السياسية المصرية واضحة في تصميمها على تحقيق مستهدفات التنمية والتوسع في استثمارات الاقتصاد الأخضر المخطط لها وتنفيذها على أرض الواقع
وزيادة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء لهذا الحد يعبر عن تصميم الدولة المصرية في تحقيق متطلبات التحول للاقتصاد الأخضر وتحفيز القطاع الخاص على المضي في نفس التوجه
بما يجعل لمصر الريادة الخضراء والبعد البيئي في المشروعات الحكومية مهم جدا باعتباره يفي بالتزامات مصر الدولية في مجال الحد من الانبعاثات الكربونية ويجذب مزيد من التمويل الأخضر ويؤهل الاقتصاد لمزيد من الاندماج في الاقتصاد العالمي ويحسن من جودة الحياة للمواطنين.وخطة الحكومة المصرية رفع نسبة الاستثمارات الحكومية الخضراء تدريجيا لتصل إلى 50 في المئة من استثمارات الموازنة العامة في العام 2024
سيحقق لمصر الريادة الخضراء ويجعلها تقود منطقة الشرق الأوسط نحو الاستثمار الأخضر ويكسبها تجارب وخبرات تمكنها من التعاون وتقديم الدعم والخبرات لكافة دول المنطقة حيث سينتج عن الاستثمارات الخضراء ميلاد أجيال لديها الخبرات والكفاءة العالية في هذا المجال.
فمصر أنجزت الكثير في مجال التحول الأخضر ومازال طموحها أكبر واستضافة مصر لقمة المناخ سيكون لها دور دعائي كبير للمشروعات المصرية التي تحققت ويبرز جهود الدولة في مجال التحول الأخضر وهي فرصة لجذب مزيد من الاستثمارات الخضراء لمصر.
ومصر تتبع استراتيجية للتحول نحو الاقتصاد الأخضر لأن ذلك هو المستقبل ومصر تسعي بكل الطرق أن تواكب ما يحدث في المستقبل
خطة مصر للاقتصاد الأخضر تقوم بالأساس على الاستثمار في قطاع الكهرباء والطاقة سواء في محطات الطاقة الشمسية مثل بنبان والزعفرانة وجبل الزيت أو توليد الطاقة من الرياح وأيضا من المياه في القناطر الجديدة”.
وقطاع الطاقة هو الأكثر جذبا للاستثمار في مصر التي تسعى إلى زيادة مزيج الطاقة بشكل تدريجي بحيث تصل نسبة الكهرباء الناتجة عن مصادر الطاقة المتجددة إلى 42 في المائة من إجمالي احتياجاتها بحلول 2035 مقابل 20% في العام الحالي فضلا عن استخدام الهيدروجين الأخضر الذي يمثل طاقة المستقبل
ومصر طرحت سندات خضراء بقيمة 750 مليون دولار لتمويل مشروعات مرتبطة بالنقل الذكي والطاقة المتجددة والنظيفة وغيرها لتصبح أول دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تنتهج هذا النهج في الاستثمارات الخضراء على أمل توطين صناعة الاقتصاد الأخضر بكل جوانبها.وبفضل مجهودات مصر فإنها ستستضيف قمة المناخ هذا العام وبالتأكيد سوف يعزز ذلك توجهها نحو الاقتصاد الأخضر