التفكير بين الفائدة والإرهاق

التفكير بين الفائدة والإرهاق
بقلم :محمد حسني محمود
التفكير هو السمة الأبرز للعقل البشري، ومن الطبيعي أن يكون حاضرًا في حياتنا بشكل دائم. فنحن نفكر في أمورنا اليومية من عمل ودراسة وقرارات اليومية لإنجاز الموضوعات والمطالبات، ونسترجع مواقف مضت ونخطط لما هو قادم.
التفكير الطبيعي يمنحنا القدرة على ترتيب حياتنا واتخاذ قرارات رشيدة، كما يساعدنا على تجنب التسرّع والوقوع في أخطاء قد نندم عليها لاحقًا.
لكن، كما أن للتفكير جانبًا مفيدًا، له أيضًا جانب مُرهق إذا تجاوز الحد الطبيعي. التفكير المستمر والمبالغ فيه يتحول إلى قلق وضغط نفسي، وقد يسبب صداعًا وإجهادًا ذهنيًا. والأسوأ من ذلك أن العقل أحيانًا ينساق وراء أفكار غير واقعية، أو صراعات داخلية لا معنى لها، أو حتى مواقف متخيَّلة لم تحدث أصلًا. في هذه اللحظات يكون العقل في حالة بحث قهري عن حلول لأي شيء، رافضًا ترك الأمور معلّقة، حتى لو كانت بسيطة أو بلا قيمة.
التفكير الايجابي يكون له هدف واضح: حل مشكلة، التخطيط لمستقبل، أو فهم موقف.يمنحنا شعورًا بالسيطرة والوضوح.
التفكير السلبي يستهلك طاقتنا دون نتيجة ملموسة. يولّد قلقًا وتوترًا وصداعًا متكررًا.يأخذ شكل صراع داخلي، أو إعادة التفكير في نفس الموضوع بلا نهاية.قد ينشغل بأمور غير موجودة أصلًا أو لا تستحق كل هذا التركيز.
كيف نميز بينهما التفكير الايجابي والتفكير. السلبي ؟
من السهل أن نسأل أنفسنا سؤالًا بسيطًا:
هل هذه الفكرة ستفيدني فعليًا، أم أنها مجرد دوامة؟
هل التفكير الآن سيقودني إلى حل، أم أنه مجرد استنزاف للطاقة؟
إذا وجدت أن الفكرة بلا فائدة عملية، فمن الأفضل إيقافها أو تأجيلها لوقت آخر.
وسائل للتعامل مع التفكير الزائد الكتابة: تسجيل الأفكار على ورق يخفف من ثقلها على العقل. الرياضة أو المشي: الحركة تساعد على تفريغ الطاقة السلبية وتهدئة الذهن.التأجيل الواعي: تخصيص وقت محدد للتفكير في موضوع ما، بدلًا من تركه يسيطر طوال اليوم.
التركيز على التنفس أو على تفاصيل بسيطة من حولنا يعيد العقل للحاضر ويكسر سلسلة الأفكار.
العقل يحتاج إلى التفكير كما يحتاج الجسد إلى الحركة، لكن المبالغة في أي شيء تتحول إلى عبء. التوازن هو الحل أن نُبقي على التفكير المفيد الذي يقودنا إلى حلول وقرارات، وأن نوقف التفكير المرهق الذي يستهلكنا بلا فائدة.
فكر حين يكون التفكير وسيلة، وتوقف حين يصبح عبئًا.
تذكّر دائمًا أن عقلك أداة بين يديك، لا سجناً يحاصرك. فكّر بوعي، قرّر بحكمة، وامنح نفسك لحظات من الصمت تُنعش قلبك وتريح ذهنك.