
الجريمة وكيفية نشأتها
بقلم: #مهاالسبع
عزيزي القارئ، سأتناول في هذا الملف الشائك الجريمة من منظور مختلف، بعيدًا عن الطرح التقليدي الذي يركز دائمًا على المرحلة الثانية، أي ما بعد وقوع الجريمة، دون أن نتوقف عند المرحلة الأولى التي تسبقها.
إذن، من أين تبدأ الجريمة؟
للإجابة عن هذا السؤال، يجب أن ندرك أن الجريمة تمر بمقدمات نفسية واجتماعية قبل أن تتحول إلى فعل ملموس. فالمسكن الأول للجريمة هو النفس البشرية، التي قد تكون حاضنة للأهواء المدمرة والأفكار الفوارة التي تسعى للظهور على السطح. وهنا يبدأ الصراع الداخلي بين النفس والضمير؛ فإما أن يخمد الإنسان هذه النزعات الشريرة، أو أن يستسلم لها، فتتأجج حتى تخرج إلى المجتمع في صورة فعل إجرامي.
لكن، لا بد من الإنصاف، فهناك من يقاومها ويستعيذ بالله من وساوس الشيطان، فينتصر على أهوائه الشخصية، بينما هناك من ينهزم أمامها، فتتملك منه الجريمة، لتنفجر في المجتمع مثل قنبلة مدمرة، تؤثر على الجميع، وتشغل الرأي العام، ثم تنتهي أمام القضاء بالحكم والتنفيذ.
وهنا يتساءل الجميع:
متى؟ وكيف؟ ولماذا حدث هذا؟
عزيزي القارئ، لقد وضعتُ الإجابة في عنوان مقالي هذا، فالجريمة تبدأ من داخل النفس البشرية، والإنسان هو المحرك الأساسي لها. ولهذا، لا أطرح السؤال التقليدي الذي يتردد دائمًا: ما العوامل التي تؤدي إلى الجريمة؟، لأن هذا قد يُفسَّر وكأنه تبرير للجريمة، بينما في الحقيقة، لا يوجد أي مبرر لفعلها.
لكنني أحاول أن أتسلل إلى فكر القارئ وعقل المجتمع، فأجد أصواتًا تتحدث عن عدة عوامل تدفع لارتكاب الجريمة، مثل:
الظروف الاجتماعية
السعي لتحسين المستوى المعيشي
الاعتقاد الخاطئ بأن الجريمة هي الحل للمشاكل والأزمات
الانفصال عن القيم الدينية
الهوى والعشق الأعمى
وكل عامل مما سبق يستحق أن يُفرد له مقال مستقل، ولكن رسالتنا الآن واضحة: يجب العودة إلى تعاليم الدين الإسلامي، وتجنب وساوس الشياطين، وعدم الاستماع لنزوات النفس الأمارة بالسوء تحت أي مبرر، لأن الجريمة تهدم المجتمع وتنشر العنف.
عزيزي القارئ، هذا الملف له أبواب كثيرة، لكني أردت في هذا المقال أن ألقي الضوء على المرحلة الأولى للجريمة، وهي نشأتها داخل النفس، التي تعقبها المرحلة الثانية، وهي تنفيذها على أرض الواقع.
وإلى اللقاء في مقالات قادمة، حيث سنتناول كل جانب من هذا الملف الشائك بالتفصيل.