
الطموح والاجتهاد……بقلم… أشرف ماهر ضلع
أحمد طالبٌ شديد الذكاء ، عظيم الطموح ، وقد تفوَّق في جميع الدروس المدرسية، وهو بالإضافة إلى ذلك يمارس بعضَ الألعاب الرياضية.
إلا أنه يعاني من عقدة من مادة “اللغة الإنكليزية” ؛ فهو يتمنى أن لو لم تقرَّر هذه المادة في المنهج الدراسي.
أحمد لأبيه : أبي ، لقد مللت من دراسة هذا المادة ؛ فإني أجد صعوبة في النطق بمفرداتها وألفاظها.
الأب: أنت -يا أحمد- طالب متفوِّق في جميع الدروس التعليمية ، وهناك مادة الفيزياء والكيمياء ، وهي أصعب -في نظري- من مادة اللغة الإنكليزية ، ما عليك إلا أن تجرب وسائل تُعِينك على الفهم والحفظ والإتقان ، وبذلك تتفوق على الأصدقاء والأقران.
أحمد : لقد سئمت من هذه المادة ، ومن الأفضل لي أن أترك دراستها، ولو أدى ذلك إلى الرسوب!
الأب : لا تقل هذا، فأنت إضافة إلى كونك متفوقًا في جميع الدروس ، فأنت قوي البِنية ، سليم الجسد ، والقاعدة تقول : “العقل السليم في الجسم السليم”، ولكن سأرشدك إلى حل لهذه العقدة التي تعاني منها!
أحمد : وما هو هذا الحل؟
الأب : أرى أن تذهب إلى بعض المكتبات العامَّة القريبة من دارنا، وتأخذ كتابًا يحتوي على مفردات من اللغة الإنكليزية كالقاموس ، وتحاول أن تستمع بشكل جيد إلى الناطقين بها ، وتمرِّن لسانك على النطق بها، وسوف تصل -إن شاء الله- إلى نتيجة.
أحمد : أبي ، إن هذه المادة ثقيلة على نفسي، ولقد حاولت مرارًا أن أتفهمها، ولكن دون جدوى.
الأب : عندما تقرؤها بشكل جيد؛ فسوف تحبها، وإذا وجد عندك الهدف ؛ فسوف تصل إلى ما تبغي ، واسمع مني هذه الحكاية الطريفة.
أحمد : -وهو يصغي لأبيه-: نعم ؛ فإني أحب سماع القصص والحكايات.
الأب : حسنًا يا بُنَي ، يُحكَى أنه كان في قديم الأزمان ، بطلٌ من الشجعان يدعى “تيمور لنك” شديد البأس ، قوي العضلات والبنيان ، إلا أنه دخل في يوم معركةً من المعارك ، سالت فيها دماء ، وزهقت فيه أرواح ، ولم يُحكِم الخطة فرجع من المعركة خائبًا منكسرًا ، ضعيف الهمة مندحرًا ، قد دبَّ اليأس في نفسه ، وحطَّم الحزن كبدَه.
أحمد : سبحان الله! هذا عجيب، وأمر غريب!
الأب : وفي يوم من الأيام ، وبعد أن أتعبته الحروب ، والخوض في المعارك والخطوب ، استلقى تحت ظل شجرة بجانب حائط قديم ، وجَالَ بنظره فيما حوله من نبات رميم ، فوقعت عينه على نملة صغيرة ، تحاول أن تبلغ نهاية الحائط ، وقبل أن تبلغ نهايته تسقط ، فعلت ذلك أكثر من ثلاثين مرة!
أحمد : سبحان الله! نملة عندها هذا الطموح والإصرار؟!
الأب : قلتَ -يا أحمد- نفس ما قال ذلك القائد الشجاع! فبعد أن كان القائد يتابع، ويجول ببصره ويراجع، جلس يريد أن يعرف نهاية قصة هذه النملة ، ويتابع بلهف نهاية هذه الرحلة.
أحمد : وماذا حصل للنملة؟ هل تمكنت من الصعود ، والمواصلة بعد بذل الجهود؟
الأب: الإصرار -يا بني- لا يُعرَف له حدود ، فقد تمكَّنت النملة فعلاً من الوصول إلى نهاية الجدار المحدود ، بفضل إصرارها وصمودها ، واستعمال ذكائها وحيلها.
أحمد : وماذا فعل القائد الشجاع؟
الأب : لقد عاتب نفسه قائلاً: أتكون هذه النملة – “المخلوق الضعيف” – أقوى مني إرادة ، وأشد مني إصرارًا؟!
أحمد : وماذا فعل بعد ذلك العتاب واللوم؟
الأب: لقد نهض بقوة من مكانه، وامتطى صهوة جواده ، وجمع قواده ، ووضع لهم خطة محكمة ، وإدارة قوية متفهمة ، وشنَّ هجومًا عنيفًا، على عدوه وخصمه سريعًا، حتى استطاع في النهاية التغلب على الخصم”، وأصبح فيما بعد قائدًا مشهورًا بين الأمم ، لا يدخل حربًا إلا رجع منها منتصرًا ، شامخ الرأس مرفوع الهامة مقتدرًا.
• بعد سماع أحمد لهذه الحكاية من أبيه تأثر بها تأثرًا بالغًا، وقرَّر أن يتابع بجد ونشاط دراسة “مادة اللغة الإنكليزية” ؛ من أجل أن يُجِيد النطق بها، والتمكن منها؛ حتى يفوق بذلك جميع أقرانه في المدرسة.