مقالات

العمل العام ليس مسرحًا للمزايدة… بل ميدانًا للرجال

العمل العام ليس مسرحًا للمزايدة… بل ميدانًا للرجال

بقلم : د . هاني المصري

حب الوطن ليس مجرد شعار يُرفع في المناسبات، ولا كلمات تُتلى في الخُطب، بل هو التزام ومسؤولية وفعل يومي يترجمه الواقع. لكن الأخطر من أعداء الخارج، هم أولئك الذين يتسترون بعباءة الوطنية داخل الوطن، ويستخدمونها كدرع وهمي لتمرير مصالحهم الشخصية وتضليل الرأي العام.

في مصر، هذا النمط من الشخصيات بات يمثل تحديًا حقيقيًا داخل منظومة العمل العام، بما يخلقه من فساد ناعم، وخداع جماهيري، وإقصاء للكفاءات.

من هم المتاجرون بالوطنية؟
هم أفراد وجهات يرفعون راية الانتماء للوطن، لكنهم في الحقيقة:

يوظفون الشعارات الوطنية كوسيلة لتحقيق النفوذ والمكاسب.

يُسكتون أي صوت نقدي بحجة “الإساءة للوطن”.

يهربون من المساءلة والمحاسبة عبر لغة العاطفة والمزايدة الوطنية.

يخلطون بين حب الوطن وتقديس الأشخاص، وبين الولاء والانتماء.

خطورة وجودهم في العمل العام
إضعاف ثقة المواطن
المواطن المصري، بطبعه فطِن، لكنه حين يرى أن من يرفعون شعار “حب مصر” هم أول من يُسيء إليها، يفقد الثقة في الدولة ومؤسساتها.

إقصاء الكفاءات
المتاجر بالوطنية لا يريد حوله إلا من يصفق، ويُهمّش أصحاب الرأي والفكر، مما يؤدي إلى فراغ حقيقي في منظومة الكفاءة والجدارة.

نشر ثقافة الخوف من النقد
يصبح من يطالب بالإصلاح أو الشفافية متهمًا بالعداء أو التخوين، فتُقتل روح المراجعة والتطوير.

تشويه معنى الوطنية
الوطنية الحقيقية تُصبح مشوهة في أعين الشباب، حين يرونها تُستخدم كأداة للوصول لا كقيمة للارتقاء.

الطريق إلى التصحيح
إعادة تعريف “الوطنية” في الخطاب العام: بالربط بين الشعارات والعمل الملموس.

فصل الدين والوطنية عن المصالح الشخصية: فلا أحد فوق المحاسبة.

تحفيز الإعلام على كشف الزيف، لا ترويجه.

تقدير أصحاب الكفاءة الفعلية لا أصحاب الصوت العالي.

وختاماً
مصر لا تحتاج من يُحبها بالكلام، بل من يُخلص لها بالفعل.
الوطنية الصادقة لا ترفع الراية في الضوء فقط، بل تعمل في الظل بصمت وإخلاص.

فلنطرد من ساحات العمل العام كل متاجر بشعارات الوطن،
ولنُعِد للوطن اعتباره من خلال رجال دولة لا رجال شعارات.

لن تبنى الجمهورية الجديدة بالأصوات المرتفعة… بل بالعقول النظيفة والقلوب المخلصة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى