#القراءة الأدبية و الفنية . أحلام، أوهام، وبينهما أقلام…
#القراءة الأدبية و الفنية . أحلام، أوهام، وبينهما أقلام...

#القراءة الأدبية و الفنية .
أحلام، أوهام، وبينهما أقلام…
الكاتبة: مرافئ الحنين
الناقد : ابراهيم ميزي
-أحلام، أوهام، وبينهما أقلام…
تنزفُ تارة، وتجفُّ أخرى، ثم تُرفَع الصحف.
من لا يستطيع التمييز بين المعدن وأصله، وبين الأصل ومعدنه، يشوي الطيور بأشكالها، ويجعل من السرب سرابًا.
حركة واحدة قد تكفي لتغيير المعنى جذريًا؛ تنعقد النيّة، ثم يتسلّل الارتياب، فيسقط التقدير، وتسقط معه الأقنعة، ثم تأتي الصدمات تباعًا.
والنتيجة: مُدمِن ناضج، لا مجال لاحتمال رفع القلم عن أقواله أو أفعاله، فقد اجتاز مرحلة الطفولة والمراهقة معًا.
لا عقاب، لا عتاب، ولا جدال.
جميع الطرق تؤدي إلى ذات المبتغى، وعليه، فالصمت هو الجذر التربيعي، والأساس المطلوب.
تذكرتُ أمرًا مفاده: أن كثرة المجاهيل تُفضي إلى العدم.
رُفعت الجلسة..!
—————–
⬅️المقدمة :
في دهاليز الفكر، حيث تتقاطع الأحلام مع الأوهام، وتتنازع الحقيقة مع الظلال، تتسلل الحروف ككائنات مسكونة بالمعنى، تُنقّب عن نورٍ خلف عتمة الوعي.
ليس كل وميضٍ برقًا، ولا كل طائرٍ حرًّا، فبين الأصل والمعدنِ سرٌّ لا يراه سوى من صقلته التجارب، وجرّحته الحقيقة حين سقطت الأقنعة.
هنا، تنكسر المرايا على وقع الحركة، وتُبدَّل النوايا كما تُقلَب الصفحات، وتنبثق الوجوه من خلف قناع الارتياب… ليبقى الصمت هو التفسير الوحيد، والملاذ الأخير، والجذر الذي لا يكذب.
وفي عالمٍ تفيض فيه المجاهيل وتذبل فيه المعادلات، لا يبقى من الحكمة إلا أن:
“ترتّب صمتك كقضيةٍ خاسرة… وتغادر.”
رُفِعَت الجلسة.
—————————
⬅️-العصف الذهني :
“أحلام، أوهام، وبينهما أقلام” نص يمزج بين الفلسفة والرمزية، في سردٍ عميق يلامس المجرّد والواقعي على حدّ سواء، ويُطرح بأسلوب تأملي عميق يُشبه خطاب المحاكمة الذاتية أو بيانًا في محكمة الروح.
⬅️- عنوان القراءة:
“حين تُرفَع الصحف… وتُكشَف الوجوه”
في هذه الومضة النثرية، تنبض الكلمات بدماء التجربة، وتحمل في طيّاتها مرآةً تعكس ملامح الخيبة والتبصّر، بين وهمٍ اسمه الحلم، وحقيقةٍ اسمها الألم.
⬅️-البنية الجمالية والأسلوب: يُستهلّ النص بجملة ثلاثية موزونة إيقاعًا ومعنًى:
“أحلام، أوهام، وبينهما أقلام.”
وهنا تبدأ الترسيمة الفلسفية للكاتب، حيث تصبح الأقلام – أي التعبير والكتابة – الميدان الذي يتصارع فيه الحلم مع الوهم، والوعي مع الهاوية.
-الرمز والتصوير:
– “من لا يستطيع التمييز بين المعدن وأصله…”
تشبيه ساخر حادّ يُظهر انعدام البصيرة لدى من يخدع بالمظاهر، فيحرق الجوهر بحثًا عن قشرة زائفة. “الطيور” و”السرب” يتحوّلان من دلالات الحرية إلى “سراب” مأساوي بفعل الجهل.
⬅️- التحوّل النفسي: تُجسّد حركة واحدة تغيّر المعنى – “تنعقد النية… يتسلل الارتياب…” – هذه الصياغة السحرية تُبرز الانقلاب الداخلي الذي يقلب النية إلى نقيضها، ويؤدي إلى سقوط الأقنعة، ثم انهيار كامل لمنظومة التقدير والثقة.
– النتيجة المفجعة:
– “مدمن ناضج…”
في هذه العبارة صدمة تُنهي كل التبريرات. لم يعد المخطئ طفلًا، بل صار “ناضجًا في الإدمان”؛ وعليه، يُسقط الكاتب عنه حق العتاب والعقاب، لأن الأوان قد فات.
⬅️- الختام بفلسفة الصمت:
– “الصمت هو الجذر التربيعي…”
لغة رياضية روحية، تُوحي بأن الصمت ليس هروبًا، بل ناتجًا منطقيًا لكل تلك المجاهيل والعثرات. وحين “كثرة المجاهيل تُفضي إلى العدم”، يكون الإعلان الأخير: “رُفعت الجلسة” – وكأن النص حكمٌ قضائي صادر عن عقل متعب وقلب يقظ.
– الخلاصة الفنية: نصّ مرافئ الحنين هنا ليس مجرّد تأملات عابرة، بل محاكمة وجودية بلغة سردية شاعريّة، تُزاوج بين الفلسفة والتجربة، بين القلم والقضاء، بين الغفران والصمت.
كل كلمة موضوعة بميزان الخيبة، وكل جملة تلمح إلى عمق التجلّي بعد وجع الإدراك…
إنه نصّ يُقرأ بالعقل، ويُشعر بالقلب، ويُصدَّق بالحياة.
قراءة و تحليل الناقد: ابراهيم ميزي