Uncategorized

الموت عبر وسيط» تحقیق يكشف مافيا بيع «المرضى» لمستشفیات «بیر السلم>>

الموت عبر وسيط» تحقیق يكشف مافيا بيع «المرضى» لمستشفیات «بیر السلم>>

كتب / محمود درويش

هل جربت أن تجد عزيزا عليك على بعد خطوات من الموت؟، وقتها لن يكون بوسعك أن تدخر جهدا أو مالا حتى تنقذه بأى مقابل، تضيق الأرض بما رحبت، وتنظر للعالم من ثقب إبرة، وتتلخص أحلامك فجأة فى مجرد سرير واحد داخل غرفة عناية مركزة، ماذا لو أغلقوا باب الأمل فى وجك وتركوك تواجه شبح الموت وحدك؟

 

هنا قد تجد نفسك فريسة سهلة لشبكة من السماسرة نشرت أذرعها فى كثير من المستشفيات الحكومية، لتتاجر بالحالات الحرجة لحساب بعض المستشفيات الخاصة ومستشفيات بير السلم غير المرخصة، وهو ما نكشفه من خلال التحقيق الذى إقتحمنا فيه هذا العالم الذى يديره من داخل المستشفيات الحكومية بعض العاملين بالإتفاق مع بعض الأطباء الذين يملكون تلك المستشفيات بالخارج وبعض رجال الأعمال.

خلال رحلتنا للبحث عن سرير فى غرفة رعاية مركزة داخل مستشفى قصر العينى، لم تكن المناديل المنتشرة فى طرقات المستشفى ولا ورق الطعام بجانب بقايا السجائر الملقاة على الأرض هى ما يشغلنا، كما لم يكن ما يهمنا الباعة المتجولين الذين يملأون أرجاء المستشفى لبيع العصائر والمياه المعدنية، والأطعمة الأخرى، وينادون على بضاعتهم بأصواتهم العالية أمام لافتات مكتوب عليها «الهدوء لراحة المرضى»،

كل ما كان يشغلنا هو أن نعيش المعاناة اليومية التى تعيشها أسر مئات المرضى يوميا داخل تلك المستشفى.
أمام بوابة طوارئ الباطنة، طلبنا من أحد العاملين مقابلة طبيب بقسم الطوارئ، قلنا له: معنا حالة تعانى من جلطة بالقدمين تسببت فى أزمة فى عضلة القلب، وهى فى حاجة إلى دخول العناية المركزة، حسب التقرير الطبى المرفق معنا، وبعد إطلاع إستشارى طوارئ الباطنة بقصر العينى على التقرير، رفض إستقبال الحالة، وطلب منا التوجه إلى مستشفى آخر بالحالة، بسبب عدم وجود سرير خال بالرعاية.

هنا إنشقت الأرض ليظهر أحد العاملين يقف عند بوابة طوارئ الحالات الحرجة، نصحنا بالذهاب إلى مركز خاص للأشعة، قلنا له: «إنه مركز أشعة، فما هو علاقته بالعناية المركزة»؟!؛ فكان رده: أن أحد العاملين بالمركز جاء منذ فترة وقام بتوزيع كروت بالأرقام الخاصة بالمركز بهدف إرسال المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية إلى المركز، وتابع قائلا: المركز منذ فترة أصبح يستقبل الحالات وخصص 10 أسرّة للعناية المركزة.

بالفعل توجهنا إلى المركز المذكور ومقره بالمعادي الجديده، وقابلنا شخصا يدعى «محمد عبد الرزاق» أخبرناه أننا من طرف «عم ن» العامل بمستشفى قصر العينى، إتفق معنا على إستقبال الحالة مقابل 5 آلاف جنيه تأمينا بالإضافة إلى ألفان جنيه مقابل كل ليلة يقضيها فى العناية و800 جنيه مصاريف علاج ورعاية باليوم.

العاملين على تنظيم الدخول والخروج بالقسم، كانا لا يسمحان بدخول حالات المرضى وذويهم بالقسم، إلا بعد تقاضي مبلغ من المال نظير الدخول، وقال لنا أحدهما «إسألوا داخل مستشفى المنيل الجامعى على مكان بالعناية المركزة، لو مفيش إرجعولى تانى» وهناك إعتذر لنا أطباء العناية المركزة لعدم وجود سرير فى الوقت الحالى، وقال: اتركوا نسخة من التقرير ورقم تليفون، وسوف نضع المريضة على قائمة الانتظار، بمجرد وجود مكان بالعناية المركزة سنبلغكم…وتابع الطبيب قائلا: «لو الحالة مستعجلة إتصل برقم الطوارئ بوزارة الصحة هم سيوفرون لكم سريرا فى أى من مستشفيات العامة».
فى مستشفى المنيل قال لنا أحد العاملين بالتمريض: «لو معاكم واسطة من أحد الأطباء هنا سيوفر المستشفى لكم سريرًا على الفور»، مؤكدا أن أسرة العناية المركزة تتوفر للمرضى التابعين لدكاترة المستشفى، وأكمل: «النظام هنا معروف: كل مريض تابع لدكتور بعينه».

توجهنا مرة أخرى إلى قسم طوارىء الباطنه بمستشفى قصر العينى وأمام القسم وجدنا «محمد عبد الرزاق» الذى إتصل بأحد الدكاترة، قائلا له: «فى حالة محتاجة سرير بعناية»، رد الطبيب مستفسرا عن نوع الإصابة فتحدثنا إليه فطالبنا بالذهاب بالحالة إلى مستشفى خاص بشارع الجزائر بالمعادي الجديده، وأخبرنا أن شخصا إسمه «محمد عبد الفتاح» سيكون فى إستقبالنا هناك.

فى أحد شوارع المعادي وجدنا لافتة أعلى جراج عمارة مكتوبا عليها إسم المستشفى

تجاهلنا رائحة المياه الكريهة التى تنبعث من العمارة التى يقع المستشفى بالدور الأرضى منها، ودخلنا إلى المستشفى الذى ينقسم إلى وحدتين سكنيتين متجاورتين إحداهما مخصصة للرعاية المركزة، والثانية تضم غرفة للإستقبال المرضى وغرفة مدير المستشفى.

بالفعل كان «محمد عبد الفتاح» فى إستقبالنا، هو يعمل مديرآ للمركز ، جلسنا معه فى غرفة صغيرة، للإتفاق على الأسعار، فقال إن علينا أن ندفع 3 آلاف جنيه كتأمين علاوة على 1500 جنيه مقابل الليلة الواحدة، بالإضافة 800 جنيه نظير الأدوية ورعاية والمبلغ الأخير قابل للزيادة.

سألناه هل المستشفى مجهز لإجراء العمليات الجراحية فأكد لنا أن المستشفى يجرى عمليات عديدة كالقلب المفتوح، لأنه يضم أكبر أطباء مستشفى قصر العينى فى جميع التخصصات، وهنا قطع موظف الحسابات حديثه معنا

وطالبنا بالإنصراف قائلا: «لو عايزين حاجة إبقى خبطوا على باب الرعاية، لأن عندى حالة دخلت الرعاية مع المرض، سألناه: هل من الممكن أن ندخل للغرفة لنتمكن من معاينتها قبل قدوم الحالة؟!

فأجاب: بالطبع، لكن بعد 10 دقائق.
بالفعل إستطعنا دخول الرعاية التى كانت تضم 9 سرائر ويشرف على المرضى طبيب واحد ويساعده المحاسب وعدد من الشباب الذين يتضح من هيئاتهم أنهم ليسوا أطباء أو حتى ممرضين، بعد تبادل الحديث مع الطبيب داخل شقة الرعاية عن طبيعة الحالة، وأتفق معنا على إستقبال الحالة بالرعاية دون الإهتمام بإستلام التقارير الطبية الخاصة بالحالة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى