النعمة العظمى

النعمة العظمى
كتب د٠إبراهيم خليل إبراهيم
كانت بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم المنة الكبرى والنعمة العظمى التي أسداها الله تعالى إلى الأميين بل إلى الخلق أجمعين ليُطهر المجتمع من أخلاق الجاهلية ويحل مكانها الفضائل الإنسانية التي جاء بها الإسلام فكان صلى الله عليه وسلم وهو الأمي يُعلم المؤمنين الكتاب والحكمة دونما الحصول على بكالوريوس أو ليسانس أو دكتوراه من جامعة بشرية وهذه معجزة من معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم فهداهم إلى الرشاد ونطقوا بالسداد وقد كانوا من قبل في ضلال مبين .
كانت المعجزة التربوية للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن يغير طباع هؤلاء الناس وأخلاقهم ويبدل عاداتهم وسلوكهم وأن يصنع من هؤلاء الرجال على ما فيهم من بداوة وما بين قبائلهم من عداوة أمة متحابة بنور الإيمان متحضرة بتعاليم القرآن ولا شك أن صناعة الرجال من أهم الصناعات وصياغتهم في قالب سليم من أشق المهمات .
ما أجدر المسلمين وهم يسعون اليوم بخطى سريعة إلى نهضة جديدة لاستعادة حضارتهم الرشيدة أن يتدارسوا سياسة الرسول صلى الله عليه وسلم في صياغة القلوب المؤمنة التي اجتمعت إليه وكون منهم الأمة الوسط التي حافظت على تراث الأنبياء والمرسلين فكانت خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله .
لقد كانت شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم في معاملة أتباعه تغرس في عقيدة كل منهم أن له المكان الآثر في قلب هذا القائد الكبير فيبادله حباً بحب حتى يصبح الرسول صلى الله عليه وسلم أحب إليه من والده وولده والناس .. كل الناس بل أحب إليه من نفسه حبا ممزوجاً بالطاعة والإجلال والتقدير والفداء ويصور ذلك قول رب العزة : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) سورة النساء / 65 .
وروى الترمذي عن الحسين ابن علي عن خاله هند بن أبي هالة ورواه الحسين عن أبيه عن ابن أبي طالب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : ( أبلغوني عن حاجة من لا يستطيع إبلاغها ) وكان يعطي كل جلسائه بنصيبه لا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه .. من جالسه أو فاوضه في حاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه .. ومن سأله حاجة لم يرد إلا بها أو بميسور من القول .. قد وسع الناس بسطه وخلقه فصار لهم أباً ، وصاروا عنده في الحق سواء .. مجلسه مجلس حلم وأمانة وصبر .. لا ترفع فيه الأصوات .
هذه هى النواحي التربوية التي استعان بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في تكوين الطليعة الأولى للإسلام .