مقالات

النقد التفكيكي في رواية العشق الأحمق للكاتبة إسراء حمدي

النقد التفكيكي في رواية العشق الأحمق للكاتبة إسراء حمدي:

  رواية رائعة يتداخل فيها اللون الرومانسي مع اللون الدرامي بطريقة محبوكة ومشوقة تجذب القارئ.

فكرة الرواية:

    تناقش هذه الرواية مفهوم العشق وتوضح لنا نوعا من أنواع العشق أطلقت عليه الكاتبة اسم (العشق الأحمق)، وهو العشق الذي يقع فيه العديد من الناس كأن يحب ِشخص فتاة، وهو يعلم أن هذه الفتاة تحب شخصا آخر ، أو أن تحب فتاة رجلا لا يشعر بها ،ولا بإحساسها ، أو أن يستمر إنسان في حب وعشق امرأة انتقلت إلى العالم الأخر، وتتوقف حياته عندها ويرفض الزواج من أية امرأة أخرى تحبه وتضحي من أجله .

نبذة عن الرواية:

فُوجئ ( خالد ) بطل الرواية بموت زوجته ( ليلى) نتيجة حادث سيارة بشع أدى إلى وفاتها ، ويتم نقل قلب زوجته( ليلي) قبل وفاتها إلى صديقتها

( أمل) التي كانت تعاني من مرض شديد في القلب وتسببت زوجته في هذا الحادث الأليم، ويوافق والد ليلي على نقل قلب (ليلى) إلى صديقتها (أمل) لينقذ حياتها ، ويوافق (خالد) أيضا على ذلك؛ ليشعر أن زوجته (ليلى) ما زالت تعيش بقلبها في جسد (أمل) ، ويقع (خالد) في حب (أمل) .

 ولكن الكاتبة تفاجئ القارئ أن (أمل) ليست هي التى تم نقل القلب إليها وأن التي كانت تعيش بقلب زوجته هى صديقتها ( رنا) التي ماتت بعد عشرة أيام من العملية الجراحية.

يشعر خالد أنه يحب (أمل) وأنه لا يستطيع العيش بدونها ويتحول العشق الأحمق إلى عشق عقلى منطقي ويتزوج ( أمل).

النقد التفكيكي لرواية العشق الأحمق للكاتبة إسراء حمدي:

  نلاحظ براعة الكاتبة في اختيار عنوان روايتها ( العشق الأحمق) الذي جاء معبرا عن مضمون الرواية ، وجاذبا للقارئ للدخول بلهفة لقراءة الرواية.

  الكاتبة إسراء حمدي استطاعت بحنكتها الفكرية وأساليبها الفنية الرائعة أن تجعلنا ننفلت من العشق الأحمق، ونتحرر من قبضته وجبروته؛ لتنقلنا إلى العشق الجميل المنطقي وتضعه في أعلى مستويات العشق الذي يرفع من شأن الحبيب .

   ظهرت براعة الكاتبة في دقة وفنية أسلوبها من خلال اختيار اسماء الشخصيات التي جاءت متناسقة مع دورها في الرواية مثل اختيار اسم شخصية ( أمل) الذي يدل على الرجاء والتطلع والأمنية وحب الحياة فقد كانت بريق أمل وتفاؤل بالخير وعدم اليأس بعد وفاتة زوجته.

   وكذلك اختيار اسم (ليلى) وهو اسم عربي أصيل ومعناه نشوة الخمر والخمر تجعل الإنسان مدمن لها ومتعلق بها لا يفيق منها لذلك كان خالد مدمنا بعشق ليلى لا يستطيع مفارقتها أبدا ، ولأن اسم ليلى أيضا رمز الرومانسية والعشق والحب .

كما ظهرت براعة الكاتبة في اختيار اسم (نهى) الذي يدل على العقل والأخلاق الفاضلة وطيبة القلب ، فقد كانت تعلم أن زوجها على علاقة بامرأة أخرى لكنها لم تتخل عنه ولم تفرط فيه وسامحته عندما رجع إليها .

  استطاعت الكاتبة أن تثير فضول القارئ وتشوقه لمتابعة الأحداث من فقرتها الأولى في الرواية عن طريق استخدام (الحبكة المقلوبة) وهي الحبكة التي تبدأ بحدث رئيسى، ثم تستعرض بعده بقية الأحداث بشكل غير تقليدي ، ثم تتصاعد الأحداث حتى تصل إلى الذروة ، فقد بدأت الكاتبة روايتها بحدث رئيسي وهو موت زوجة البطل ( ليلى) في حادث تصادم سيارتها بسيارة صديقتها بدون أية مقدمات ، ومحاولة نقل قلب (ليلى) إلى صديقتها المصابة.

   ويزداد الشغف والتوتر وتصاعد الأحداث مع الحوار الأول الذي دار بين الطبيب ووالد ليلى عن فكرة نقل القلب ، وتتصاعد الأحداث أكثر فأكثر كلما ظهرت فكرة العشق الأحمق ، كي ننفلت من هذا العشق المدنس إلى العشق الجميل الذي يسمو بالمحب .

  إن قمة إبداع وجمالية رواية العشق الأحمق للكاتبة إسراء حمدي يتضح في تقنية (السيناريو السينمائي) ، حيث حولت السرد القصصي الروائي إلى مشاهد مرئية، وسمعية متحركة ،تتنوع فيها الأماكن وزوايا الرؤية ،والأصوات والحركة لتخاطب بذلك روح القارئ وحواسه معا فيتفاعل بفكرة الرواية وينفعل بكل مشهد فيها ومن ذلك قولها :

” يجلس خالد على المقهى ، ينظر إلى الساعة التي تدق الثامنة ، وبجواره زجاجة ماء ، يتأمل الناس الموجودة ، يستمع إلى دقات قلبه ، يرفع رأسه ليجد أمامه ( أمل) فيقفز واقفا …”

     كما ظهرت براعة الكاتبة في عمق مضامين الرواية،و التحليل النفسي الدقيق لمفهوم العشق الأحمق الذي يمر به العديد من الناس ، وهذا التحليل قائم على الموضوعية والأحداث الدرامية ، وسلوك الشخصيات، والقالب الحواري الجذاب.

بقلم الناقد الدكتور عادل يوسف.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى