Uncategorized

اليوم و الأمس

اليوم و الأمس

بقلم المنتجب علي سلامي

من اثني عشرَ سنة كنت أستمع مراراً وتكراراً لأحاديث زملائي وأصدقائي وجيراني وأقاربي في مجالسنا الخاصّة والعامّة عن أسعار السيّارات الحديثة والمنازل والمتاجر والشاليهات ،وعن المصارف العامّة والخاصّة التي تمنح قروضاً كافية لشرائها بالتقسيط المملّ..وأحاديثهم عن رحلات إلى تركيا الجارة صاحبة الطبيعة الساحرة وعن مسلسلاتها الماراتونيّة…..
كما كنت أستمع لأحاديثهم عن المنحة الماديّة وقيمتها التي يتفاءلون بصدور مرسومها المبارك قُبيل كلّ عيد أو مناسبة وطنيّة……
كما كنت أستمع لانزعاجات الكثيرين وغضبهم من المبالغة في مرور سيّارات الغاز صباحَ مساءَ بجوار منازلهم وماتصدره مكبّراتها من أصوات قويّة لأغاني فيروز…..
واليوم أستمع أيضاً إليهم مراراً وتكراراً في المجالس الخاصّة والعامّة وهم يتحدّثون عن انتظارهم لرسائل سعيدة على شاشات نقّالاتهم المشتاقة تبشّرهم بالحصول على جرّة غاز بعد أن طفح الكيل وفُقِدَ الصبر…..
أستمع لمعاناتهم من تأمين القليل القليل من مازوت التدفئة وتأمين القليل القليل من الحطب الذي أصبح عملةً نادرةً…..
أستمع إلى أحاديثهم عن الفوضى في المدارس والجامعات والمعاهد….
أستمع لاستيائهم من انقطاعات متكرّرة للتيّار الكهربائي دون مبرّرات مقنعة ….
أستمع إلى انتظارهم المتعب والمُذلّ على أبواب المؤسّسات من أجل وقيّة الشاي وكيلو الرز والسكر…..
أستمع إلى استغاثاتهم من البطالة الأليمة أو من ضعف رواتب الموظّفين ومن الغلاء المرعب الذي جعل أغلب الشرفاء الوطنيّين الحقيقين تحت خطّ الفقر……
أستمع إلى الكرماء الطيّبين الذين أحرجهم الفقر وقهرهم الضيق المادّي و حوّلهم إلى بخلاء ومتخلّفين عن أداء واجباتهم….
أستمع إلى خجل الآباء والأمّهات من عجزهم المهين عن تأمين إلّا القليل القليل لبيوتهم ولأولادهم ولضيوفهم …..
أستمع لمخاوفهم من المرض والعمل الجراحيّ والوقوع في شباك بعض الأطبّاء الجشعين الذين لايرحمون ومن غلاء أسعار الدواء والعلاج…..
أستمع لهواجسهم وهمومهم وخوفهم على مستقبل أبنائهم……
أستمع لاشمئزازهم من الجارة الحاقدة تركيا التي كشّرت عن أنيابها وظهرت على حقيقتها وراحت تفتح أنهار أحقادها العثمانيةّ الشيطانيّة لتجري متدفّقةً في سوريّتنا الغالية التي تصدّت وتتصدّى لها بعزائمَ وإراداتٍ شريفة تفوق بصلابتها صلابةَ الجبال والصخور….
أستمع لتفاخرهم وآمالهم برجال جيشنا السوريّ الأباة الذين يحقّقون الانتصارات المتتابعة وهم يفرشون دروب الكفاح بدماء الكبرياء والإباء ليستكملوا تحرير كلّ حفنة من ترابنا الطاهر من أيدي الكفر والظلام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى