شعر و ادب

امرأة من كارتون / بقلم د. فرج احمد فرج

امرأة من كارتون
بقلم د. فرج احمد فرج
انتظرتها لعلها تحضر بعد ايام الهجر مسرعة وخاصة انها وعدتني بهدية لن انساها .
هجرتني اياما طالت ومرت عليا كالدهر .. اناديها كل ليلة ..
كفانا احزان وتعالي مع الايام نرمي جراحنا للنسيان ونرمم قلوبنا من الألام والاحزان .
ماكنش غضب عادي عرفت منه ان غيرة النساء تفوق كل الاوجاع ..فرضت ببعدك ستار من الحديد والاشواك .
ورغم هجرك لا نسيت لياليك ولا هنتي عليا لحظة واحدة .
انت واحة حبنا ومية العطشان وسط وادي التيه والحرمان .
اتصلت بها محدثا نفسي ان تسمع طرقاتي وهناتي ..
سمعاني لو طرقت بابك .. حتفتحي
عرفت خلاص معني الشوق منذ حضنتي قلبي بعد طول حرمان وسمحتي ان يميل علي كتفك .
كل الكلام الحلو ليا .. ولمن اقول كل الحب والعشق انت
لن انسي لحظة ان سالت دمعة عينك تبكين
من قولي .. اسف لن استطيع ان اكمل !
لا تبكي ؟
وانت بكل الحب .. تقولي ضمني وارويني برحيق حبك لتتفتح ورودي وازهاري في بساتيني.
ومع ضوء القمر والليل قد ارخي ستائره وحوط علينا ليحفظ نور قلوبنا تضيء به الجمال حتي طلوع النهار بعد كل ظلام .
لن اغادر .. انا في جوارك اشعر بالامان والحرية ودفي حنانك بيطوينا لنورالحب والايمان .
واحلامنا تحت غطي الشتي بتدفي اوصال ليالينا .
وفي الصباح كنت انتظر تفتح ازهار شجرنا وقدوم طيورنا واقطف من اغصان الشوك زهور الارجوان التي سقناها معا حبنا .
وفي موعدنا كنت انتظرها بكل اللهفة ان تحضر مسرعة وخاصة بعد ان وعدتني بهدية صنعتها بايديها خصيصا واني لن انساها
كان كلي شوقا ان تحضر بعد ايام هجر وخصام .. وتأخرت ومرت الدقائق كالدهر اعدها بالثواني .
جأت في موكب وطيف ملائكي .. وكأنها قادمة من حلم بعيد تتهادي بثوبها الابيض الشفاف يشف علي جمال جسدها وهي تتهادي بحركاتها فتتطاير اجزاء سروايلها الملقاة علي كتفها مع ريح طيبة يكسوها ضباب خفيف ، صنع فلتر حليبي شفاف بانت منها ازاهيرها ووجهها الصبوح كالقمر ليلة اكتمال بدره كقمرؤ الغزال في ليلة كماله.
وشعرها الكستنائي يهفهف ويتبعثرعلي جانبي وجهها المضيء كالملائكة التي تحفها في ليلة عرسها .
في يدها لفافة علبة مغلفة بورق الهديا الملونة ببهجة وفرحة ما صنعته وحملته بيدها لتقدمه لي .
علبة محزومة بشريط احمر بربطة فيونكة جميلة ورقيقة مختومة بوردة حبنا .
انتفضت واقفا استقبلها بلهفة قلبي الرقيق الذي ازداد خفقانه وسرعة ضرباته بعد ان علي به الادرينالين شوقا للقياها .
امسكت يدها البضة البيضاء وكانها صنعت من قوالب الزبدة بالحليب الطازج الاصلي بخيره.
رمشت عيناها الواسعتان المكحلتان الساحرتان باهداب طبيعية كاكل شيء جميل فيها من صنع الرحمن .
جلسنا علي طاولة قريبة من حافة النهر في الهواء الطلق والنسيم العليل يداعبنا في لحظة تلونت السماء بالوان الشفق وقت الغروب .
لم يدم الصمت بيننا طويلا بعد ان كسره النادل .. تأمر بشيئ .
اولا احضر لنا الماء كي نرتوي وانتظر
وسط تغريد البغبغانات الخضراء العائدة من رواحها مع صدوح البلابل السوداء وزقزقة العصافير الدوري كل لعشه وفروخه .
نطقت بصوتها العزب الرقيق بهسيس كالهمس انغاما تتسق مع جمال اللحظة وصوت الطيور .. الم يحن الوقت تفض الاوراق وتفتح غطاء العلبة لتري ماذا احضرت لك وما هو داخل العلبة المستورة بروحي .
فضيت الاوراق وفتحت العلبة .. لا تفاجيء!
بأجمل وجه مصنوع من الكرتون .. فقد صنعت وجهها من الكرتون بحرفية عاليه بانواع الاوراق المقواة والكرتون .
كم هي صنعة دقيقة كصنعة لبوس من علم الرحمن . فاوجدت بهذه الصنعة الدقيقة والبالغة الجمال والتعبير وظهر ذلك في صنعة استرسال الشعر علي جانبي الوجه بشرائط رقيقة تنساب في رقة بين اناملها تطوعها كيف تشاء وما اجمل اليد التي تمسك المزمار الذي ينبئ صوته يهدئ الاعصاب واحدا كمزمار من مزامير آل داوود عليه السلام .
بلحن عزب ملائكي من مزامير وترانيم العاشقين ، امسكت يدها برقة انظر لعينيها الساحرتان بالوانهم الرماديه ..كم انت فنانة !
عملك رائع !
وهي بغرابة وكانها قد اعدت نفسها الا تسمع كلمة استحسان واعجاب وثناءا لصنعة يدها لراس ووجه المرأة الكرتون .
اسمحي لي ان اقبل تلك اليدين المبدعة .
تركتهم لي .. اطبع عليهم قبلتي
اعجابا لصنعة تلك اليدين التي بها كل هذا الاحساس والجمال والذي راقني وسحرني .
لم استطع رؤية العيون الخرزية التي صنعتها واخافتني وكأنها تصدر شعاعا سحري .
خطف قلبي لاعماق سحيقة .
سالتني؟
ماذا ستفعل براسي الكرتون ؟
يكفيني انها من صنعة يدك وفيها قطعة من روحك المبدعة !
قي تلك الليلة من شدة لهفي لراس حبيبتي الكرتون وضعتها علي مقربة من سريري وطلبتها في الموبايل واخطرتها انها ستنام معي من الليلة بجواري .
كي املي بها عيني واجلبها معي في احلامي واستحضرها قبل ان اغفو واغطس في نومي .
في الصباح وجهت نظري لوجه حبيبتي الكرتون استحضرها والقي اليها تحية الصباح واستبشر لرؤياها والنظر لعينيها الساحرة البراقة .
افاجيء !
انها ليست موجودة .. انتفضت من سريري بحثا عنها في كل مكان واسال عنها المرايا والضلف والادراج وانفاس البشر .
فركت عيني !
ماهذا الهراء ؟
وما ابحث عنه ؟
محدثا نفسي ربما كان هذا كله من فرط خيالي وهواجسي !
تذكرت ان هذه اللوحة قد طبعت بذاكرتي من صفحة صديقة بالفيس لوجه امراة كرتون ومن شدة اعجابي به .. كتبت لها تعليق عليه باعجاب شديد وكانت في الحقيقة غير مصدقة ان هذا البوست قد يلقي اعجاب الكثيرين وان هذا الوجه الكرتون الذي صنعته يجعله الحالمين والعاشقين للجمال يدب فيه الحياة ويتعلق به الباحثين عن الحب والجمال سواء كان في حجر او خشب او كرتون او لوحة فنان.
لا يتوفر وصف للصورة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى