“بالله لا تقعي”

“بالله لا تقعي”
الشاعر ثابت معلم
أُنثى اشرَأَبَّتْ إلى قلبي على جهةٍ
من الطريقِ تُماشي مِشيَتي وتَعِي
أنِّي انتبهتُ إليها والغرورُ بها
يصارعُ اللَّهْفَ مُحتدَّاً .. أنِ ارتَدعي
كأنَّها البحرُ والدرُّ الدفينُ بهِ
لبَّى إلى شاطئي المنشودِ حيثُ دُعِي
ولستُ أدري بأيِّ الروحِ قد جُذِبَت
وكلُّ ما كانَ، حتى القلبُ ليس معي
فحثَّني الصِّدقُ كي أجتازَها وسرى
وقعٌ بصدري كصوتِ الموجِ في الوَدَعِ
لا ترقُبي سُفُني تأتيكِ راسيةً
الروحُ تكفرُ بالإتيانِ من وجعي
ما عادَ لي طاقةُ الإقبالِ، لو رُفضَتْ
منِّي مبادرةٌ أكتظُّ بالجَزَعِ
فلا تطيلي من التَّشويقِ واختصري
عليكِ كشفَ نُضوبِ العشقِ في تُرَعي
وتابعي السيرَ دوني فوقَ أرصفةٍ
تُقيمُ فيها ضحايا الفَقرِ كالبُقعِ
هذا الذي ترتجينَ اليومَ صحبتَهُ
شبابُهُ الأمسَ في حربِ البلادِ نُعي
فمزَّقتهُ يدُ التَّرحالِ في حِلَلٍ
من الكآبةِ والتشريدِ والجشعِ
هذا ابنُ شعبٍ على أشلائِهِ رُسِمَتْ
خرائطُ العالمِ الموسومِ بالطَّمعِ
هذا ابنُ شعبٍ ذوى شريانُ وحدتِهِ
من التَّشتُّتِ والتحريضِ والبِدَعِ
لكنَّهُ في رحابِ الشامِ منغرِسٌ
كالطَّودِ لمَّا هَفَتهُ الرِّيحُ لم يُطِعِ
تعيشُ فينا دمشقُ اليومَ مثلَ غدٍ
مثلَ الذي قد مضى مهما مضى، استمعي
أجواءُ جلَّقَ ما ضمَّت شذاكِ سُدىً
الشامُ أصلُ ابتهاجِ الروحِ والمُتَعِ
ما مرَّ بالعينِ أحلى منكِ عاشِقةٌ
ولم يضِقْ عن هواكِ الغضِّ مُتَّسَعي
لكنَّ قلبي بعقلي غيرُ ذي صلةٍ
به انفصالٌ عنِ الإبصارِ والسَمَعِ
سيري فما في فؤادي غيرُ مندَمِلٍ
جرحٌ وبعضُ وصايا الأهلِ في الوَرعِ
فودعتني بإسدالِ الجفونِ على
فهمِ الحقيقةِ لمَّا قلتُ دونَ وعي:
إليكِ عني ولا تستقربي رجلاً
يبدو أنيقاً فقد قدَّ النَّوى ضِلَعي
حبّي كبئرٍ حباكِ الحسنَ يوسفُهُ
يليقُ فيكِ العُلا، باللهِ لا تَقَعي