مقالات

“بلبن”.. حين يتحوّل طعم الحلو إلى مرارة ثقة مكسورة

"بلبن".. حين يتحوّل طعم الحلو إلى مرارة ثقة مكسورة

بلبن”.. حين يتحوّل طعم الحلو إلى مرارة ثقة مكسورة

 

بقلم: [محمود سعيد برغش ] –

 

لم أكن يومًا من المهووسين بالطوابير، لكني مررت أمام أحد فروع “بلبن” منذ أشهر، وشاهدت الشباب يقفون بسعادة كأنهم أمام كنز من السكر والذكريات. الأرز باللبن، المهلبية، وأم علي، بأشكال جديدة وعصرية، جعلت من المشروع علامة فارقة وسط موجة المطاعم السريعة.

 

لكن المفاجأة جاءت صادمة…

إغلاق فجائي، وتشميع بالأختام الحمراء، وتحقيقات رسمية، وتصريحات متضاربة بين الجهات الرقابية والإدارة. حالات تسمم غذائي بعد تناول “أرز بلبن بالمانجو”، ثم تتوالى قرارات الغلق بسبب مخالفات صحية جسيمة وعدم وجود تراخيص.

 

أحد المواطنين قال لي بغضب:

“يعني إحنا بندفع علشان ناكل حاجة نظيفة، نلاقي نفسنا في المستشفى؟!”

 

بينما علّقت سيدة كانت تصطحب أطفالها أمام أحد الفروع المغلقة:

“كنت بعتبره خروجة حلوة لأولادي، دلوقتي مش قادرة أثق في أي محل بيبيع حلو.”

 

أنا لا أهاجم النجاح، بل أحترمه. وأقدّر من يبدع في تقديم مشروع بسيط بروح مختلفة. لكن المؤلم أن يتحول هذا النجاح إلى استهانة بصحة الناس. أن يسبق المال الضمير، ويضيع الحلو في زحام الفوضى.

 

إدارة “بلبن” أنكرت مسؤوليتها، وقالت إن البلاغات غير رسمية. ولكن أين صوت الشفافية؟ أين الإعتراف بالخطأ إن وجد؟ ألا تستحق الثقة التي منحها الناس لهذه العلامة أن تُقابل بالاحترام، لا بالنفي والتبرير؟

 

هذه القصة ليست فقط عن “بلبن”.

هي عن كل مشروع في مصر يبدأ واعدًا، ثم يقع في نفس الفخ: التوسّع بلا رقابة، الشهرة بلا إدارة، والربح بلا مسؤولية.

 

ربما يغلق الفرع، وربما يعود لاحقًا بعد التصحيح. لكن الثقة حين تنكسر، لا تُباع بألف علبة أرز باللبن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى