“ترامب.. الرئيس الذي تصرّف كملك: وصيٌ على الشرق الأوسط أم تاجر صفقات؟”
"ترامب.. الرئيس الذي تصرّف كملك: وصيٌ على الشرق الأوسط أم تاجر صفقات؟"

“ترامب.. الرئيس الذي تصرّف كملك: وصيٌ على الشرق الأوسط أم تاجر صفقات؟”
بقلم: محمود سعيد برغش
6 مايو 2025
في عالم السياسة، ليس كل من يعتلي الكرسي يحكم، وليس كل من يحكم يُحترم. إلا أن دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي الحالي، والرئيس رقم 47 للولايات المتحدة، جمع بين القوة الفعلية والتصرف المتعجرف، حتى بدا في نظر كثيرين وكأنه نُصّب “ملكًا غير متوّج” على الشرق الأوسط.
عاد ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير 2025 بعد فوزه بولاية ثانية غير متتالية، ليصبح ثاني رئيس في تاريخ أمريكا يحقق ذلك بعد غروفر كليفلاند. ومنذ لحظة عودته، استأنف نهجه المعروف، بإصدار أوامر تنفيذية سريعة، واتباع سياسات حادة تجاه الهجرة، وفرض تعريفات تجارية جديدة، بالإضافة إلى تصعيد خطابه الخارجي، لا سيما تجاه كندا وأوكرانيا. لكن الأكثر إثارة هو استمرار خطه المتشدد تجاه الشرق الأوسط، وكأن التاريخ يعيد نفسه.
تصريحات ترامب: تكبُّر لا يُخفى
تصريحاته القديمة والجديدة لا تزال تعبّر عن نفس الرؤية التسلطية:
“لقد أنقذنا السعودية. لولا وجودنا، لسقطت خلال أسبوعين” – من أحد خطاباته عام 2018.
“القدس عاصمة إسرائيل، شئنا أم أبينا. هذا قرار أمريكي، والعالم عليه أن يتأقلم” – 2019.
“أخذنا مئات المليارات مقابل الحماية. هذه صفقة رائعة لأمريكا!” – تعبير عن ابتزاز صريح.
ورغم مرور سنوات على هذه التصريحات، لم يُبدِ ترامب ندمًا، بل عاد في حملته الأخيرة ليتفاخر بها مجددًا أمام ناخبيه، ويعد بالمزيد مما وصفه بـ”استعادة الهيبة الأمريكية في الخارج”، على حساب الشعوب الأخرى.
صفقة القرن: إعلان وصاية أمريكية – إسرائيلية
خطة السلام المعروفة بـ”صفقة القرن”، التي أعلنها ترامب في ولايته الأولى عام 2020، لم تكن مبادرة سياسية، بل وثيقة إذعان. تجاهلت حقوق الفلسطينيين، وساوت بين الضحية والجلاد، ومنحت الاحتلال شرعية أمريكية كاملة.
ومع عودته إلى البيت الأبيض، بدأ أنصار ترامب في واشنطن يلمّحون إلى “استكمال” الخطة، وكأنها مشروع مؤجل بانتظار التنفيذ، بينما العالم العربي غارق في صراعاته الداخلية.
الشرق الأوسط بعد عودة ترامب: المخاوف تتجدّد
عودة ترامب أعادت شبح سياسة الصفقات لا المبادئ. حتى اللحظة، لم تصدر عنه بوادر مراجعة للسياسات السابقة، بل العكس: تعهد بمواصلة النهج نفسه. ما زال يتعامل مع الشرق الأوسط كأنظمة يمكن شراؤها، لا كشعوب لها حق تقرير المصير.
خاتمة: هل نُصّب ملكًا؟ أم نحن من خلعنا التاج عن أنفسنا؟
ترامب لم يُعيّن ملكًا، ولم يصدر قرارًا دوليًا بمنحه وصاية على المنطقة. لكنه يتصرف كمن ورث عرشًا فارغًا، ووجد الساحة ممهدة بلا مقاومة.
والحقيقة المُرّة هي أن هذا التصرّف لم يكن نتاج قوة أمريكية فقط، بل انعكاسًا مباشرًا لضعفٍ عربي وإسلاميٍ مزمن، ترك الفراغ السياسي والفكري والأخلاقي أمام من يملؤه بالمصالح والهيمنة. فالقوة لا تنتج من جبروت الآخر فقط، بل من تخاذلنا نحن، وصمتنا، وتبعيتنا.
هو لم يصعد إلى العرش، بل نحن من تركناه له، وتخلّينا عن كرامة القرار، وهيبة الموقف.
—