
ثمن الثقة
الفصل الأول: اللقاء الأول
في أحد الأحياء الراقية، جلست ليلى أمام هاتفها، تتصفح حسابها على “فيسبوك”. كانت قد تعرفت على رامي منذ شهرين، شاب وسيم، لبق في الحديث، يملأ يومها بكلماته اللطيفة ورسائله الرقيقة.
رامي: “وحشتيني يا ليلى، نفسي أشوفك بجد.”
ليلى: “رامي، اتفقنا إن أي لقاء هيكون في بيتنا، قدام أهلي.”
رامي: “وأنا موافق، بس خلينا نقعد مع بعض الأول، نتكلم براحتنا، وبعدها هاجي وأتقدم رسمي.”
ليلى: “مش عارفة، بابا شديد جدًا، ومش هايسمح لي أقابل حد بره.”
رامي: “علشان تطمني، يوم ما نتقابل هجيب لك أحدث موبايل في السوق، هدية مني ليكي.”
ترددت ليلى قليلًا، لكنها في النهاية وافقت… كان قلبها يميل إليه، ولم تجد سببًا لرفض لقاء بسيط في مكان عام.
—
الفصل الثاني: المتجر
في اليوم المحدد، دخلت ليلى مع رامي محلًا كبيرًا لبيع الهواتف المحمولة. كانت تشعر بالسعادة والحماس، بينما كان رامي يتصرف بثقة وكأنه معتاد على الأماكن الفاخرة.
رامي: “هاتي أحدث موديل عندك، مش مهم السعر.”
فتح البائع العلبة، وجرب الهاتف، ثم ناوله لرامي.
رامي: “ركب لي الخط، عايز أجرب نقاء الصوت.”
ركب البائع الشريحة، وعندما بدأ رامي المكالمة، ادعى أن الإشارة ضعيفة.
رامي: “الإشارة ضعيفة، ممكن أخرج أجرب برا؟”
البائع: “طبعًا، بس ما تتأخرش.”
خرج رامي… ولم يعد.
مرت لحظات، بدأ التوتر يملأ المكان. أرسل صاحب المحل أحد العمال ليرى أين ذهب، لكنه عاد بسرعة وقال:
“يا باشا، مفيش حد بره!”
—
الفصل الثالث: المواجهة
اتجهت الأنظار إلى ليلى، التي ما زالت واقفة في مكانها، مصدومة لا تستوعب ما حدث.
صاحب المحل: “هو فين الشاب اللي كان معاكي؟”
ليلى: (بخوف) “أنا… مش عارفة، خرج يجرب التليفون!”
البائع: “يا إما أنتي متواطئة معاه، يا إما أنتي الضحية! بس في الحالتين لازم نبلغ الشرطة!”
بدأ بعض العمال يقتربون منها بغضب، بينما وقفت نادية، وهي زبونة كانت تتابع الموقف، وتدخلت بحزم.
نادية: “محدش يلمسها! لو شاكين فيها، استنوا الشرطة، إنما مش هسمح لأي حد يمد إيده عليها!”
توقف الجميع، والتفت إليها صاحب المحل.
صاحب المحل: “إنتِ شايفة إيه يا مدام؟”
نادية: “بنت زي دي شكلها بنت ناس، واضح إنها ما كانتش تعرف إنه نصاب.”
انفجرت ليلى في البكاء، وهي تحاول فتح حساب رامي على الفيسبوك… لكنه اختفى. الهاتف مغلق. لم يعد له وجود.
صاحب المحل: “هاتي رقم أهلك، لازم حد منهم ييجي.”
ارتجفت ليلى، ثم قالت بتوسل:
“أرجوك، ما تكلمش بابا، ممكن يموتني!”
—
الفصل الرابع: الإنقاذ
بعد إلحاح، وافقت ليلى على الاتصال بخالها خالد.
وصل بعد ربع ساعة، في سيارة فاخرة، ونزل منها رجل أنيق، بدا عليه الهدوء والحكمة. بمجرد أن رأى ليلى، احتضنها وسألها:
“حد أذاكِ؟”
أشارت ليلى إلى نادية، وقالت:
“طنط دي وقفت معايا، وما خلتش حد يلمسني.”
نظر خالد إلى نادية بامتنان، ثم التفت إلى صاحب المحل.
خالد: “كام تمن التليفون؟”
صاحب المحل: “8700 جنيه.”
أخرج خالد المبلغ، ودفعه دون جدال، ثم أمسك بيد ليلى وقال:
“يلا يا بنتي، نمشي.”
خرجت ليلى معه، بينما بقيت نادية تراقب المشهد بحزن.
“كم فتاة مثل ليلى تقع في هذا الفخ؟ وكم شاب بلا ضمير يستغل المشاعر لتحقيق مكاسب خبيثة؟”
تنفست نادية بعمق، ثم خرجت من المحل، وهي تدعو في سرها ألا تقع أي فتاة أخرى ضحية لثمن الثقة.
تمت.
محمود سعيدبرغش