مقالات

*جبر الخواطر دواء بلا أطباء* بقلم / جيهان عزمى

*جبر الخواطر دواء بلا أطباء*

بقلم / جيهان عزمى
ذات مرة وأثناء تجوالى بأحد المحلات ، استوقفنى مشهد زوجة بسيطة يتضح هذا من ملابسها وملامح وجهها ومعها زوجها و ثلاثة أبناء..
توقفت الزوجة أمام واحدة من أدوات المكياج وهمست لزوجها أنها تريد شراءه و ثمنه زهيد لا يتجاوز العشرة جنيهات ، وإذا بوابل من الكلمات الجارحة ينطقها لسان زوجها أنها لا تقدر الظروف ، ولا تراعى ضيق الحال ، فى حين أنه لفت انتباهى أنه يمسك بيده علبة سجائر من نوع فاخر!!!
إعتذرت الزوجة بخجل للبائعة ومشت وراءه مكسورة الخاطر….على العكس من هذا الموقف طفل صغير حافى القدمين يقف أمام أحد محال بيع الأحذية ، ويتأمل فى أحد الأحذية ويتمنى امتلاك هذا الحذاء ولكنه لا يملك من ثمنه سوى خمسة جنيهات ، شاهده رجل ولاحظ نظراته لذلك الحذاء فما كان منه إلا أن دخل إلى المحل ودفع ثمنه وطلب من البائع أن يضع ورقة مكتوب عليها السعر الجديد للحذاء، ألا وهو خمسة جنيهات.
لم يصدق الطفل عينيه ودخل مسرعا ، وإشترى الحذاء بالجنيهات الخمس وعاد الى منزله مجبور الخاطر ….
يحضرنى موقف آخر قرأته على صفحات التواصل الإجتماعي ، صبىّ فى حوالى الثانية عشر من عمره طلب منه أحدهم أن يوصل الأجرة للسائق مد الطفل يده وبدون قصد لمس كتف رجل يجلس أمامه ، وما كان من الرجل إلا أن قام بسب وإهانت الطفل ومع هذا كان الطفل مهذباً جدا ، وإعتذر للرجل أنه لمس كتفه بدون قصد وجلس الصبى فى منتهى الخجل مكسور الخاطر…
الفرق كبير بين كيفية التعامل فى المواقف الثلاثة :
الرجل الأول ، خشن الطبع أنانى أطلق العنان بكل قسوة للسانه فخرجت رصاصات قاتلة تكسر خاطر الزوجة التى لم تطلب إلا أقل القليل..
بينما الرجل الثانى تصرف بطيبة قلب و حنان ودون أن يجرح مشاعر الصبى أو حتى يخبره أنه دفع ثمن الحذاء فيشعر الصغير بالخجل …
وها هو الرجل الثالث صاحب اللسان السليط يوبخ الصبى الذى لم يقصد أو يتعمد أى إساءة له ويكسر بخاطرة أيضآ ….
مواقف كثيرة تمر بحياتنا نحتاج فيها إلى تصرفات أو ردود لينة، أبعد ما تكون عن القسوة..
نطلق عليها ( جبر الخواطر )..
اللسان .. أحبائى هذا العضو الرطب اللين يمكن أن يتحول إلى سوط (كرباج) يجلد من أمامه بكلماته
فالكلمة قد تحيي وقد تميت …
وأنا أثق أن كل ما نصنعه بأحدهم اليوم سيرد لنا أو لأبنائنا أو أحبائنا و لو بعد حين…
إذا دعونا نجبر كسر القلوب بكلماتنا اللينة او أفعالنا الرحيمة …
لن نخسر شئ لو تذوقنا طعم كلماتنا قبل أن تخرج من بين شفاهنا نصمت لمدة ثوانى قليلة ونحاول أن نتخيل ماذا سوف يكون رد فعل المستمع ..
صدقونى ما من شعور أصعب من أن يعود الإنسان مكسور الخاطر،
وما أجمل أن تجبر خاطر إنسان ولو بكلمة بسيطة ، فلا تستخف بأى شىء فالقليل منك كثير لدى الآخرين ..
وإذا أردت أن تعيش مجبور الخاطر إياك و كسر خواطر الآخرين…
وأخيرا عزيزى القارئ كن أنت من يستخدمه الله لجبر خاطر القلوب المنكسرة حتى لو كنت أنت أكثرهم انكساراً…..

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى