مقالات

جمهورية بلا صوت… ووعود لم تكتمل عن الأحزاب الغائبة، والمعارضة الغارقة

جمهورية بلا صوت… ووعود لم تكتمل عن الأحزاب الغائبة، والمعارضة الغارقة

جمهورية بلا صوت… ووعود لم تكتمل

عن الأحزاب الغائبة، والمعارضة الغارقة، وعدالة يوليو المؤجلة

بقلم: محمود سعيد برغش

 

منذ أن خلع الضباط الأحرار التاج الملكي وأعلنوا ميلاد الجمهورية، تعلّق المصريون بحلم العدالة الاجتماعية، والحرية السياسية، والكرامة الإنسانية. كان الأمل كبيرًا، وكانت الشعارات مُبهرة: “ارفع رأسك يا أخي فقد مضى عهد الاستعباد”. ولكن… بعد سبعة عقود، نحتاج أن نسأل أنفسنا بصوتٍ عالٍ: أين الجمهورية التي وُعدنا بها؟ وأين الشعب الذي كان سيد القرار؟

أحزاب بالكاد تُذكر… وتمثيل لا يُمثّل

نعيش اليوم في ظل نظام حزبي تعددي – على الورق – فيه أكثر من مئة حزب سياسي، لكن في الواقع لا صوت إلا لصوت واحد، ولا منافسة إلا شكلية، ولا تعددية إلا في الأسماء.
الاختيار أصبح مفرغًا من معناه. المواطن يذهب إلى الانتخابات دون أن يشعر أن هناك بديلًا حقيقيًا، أو برنامجًا مختلفًا، أو صوتًا يعبر عنه.

من يمثّل من؟ وكيف نصدق أن البرلمان يعكس إرادة الأمة، وهو يصفق أكثر مما يحاسب، ويبرر أكثر مما يعترض؟

معارضة… ولكن!

في الدول الحقيقية، المعارضة ليست عيبًا، بل ضرورة وطنية. لكنها عندنا، تُعامل كخطر محتمل، وتُراقب بقلق، وتُحاصر بحذر.
متى كانت آخر مرة استقال فيها مسؤول لأنه فشل؟ متى سمعنا عن مساءلة شفافة، أو محاكمة عادلة، أو تصحيح مسارٍ بضغط شعبي؟
الواقع يقول: الصوت المخالف لا يُسمع، والمُحاسبة تُدار خلف الأبواب، والمشهد العام يفتقد التوازن.

عدالة يوليو… هل تحققت؟

نعم، من الإنصاف أن نعترف بما حققته ثورة يوليو في بداياتها: توزيع الأرض على الفلاحين، مجانية التعليم، مشروعات قومية كبرى. لكن بعد أعوام، تآكل الحلم أمام هيمنة الدولة على كل شيء، وأُغلقت الصحف، وتوقفت الانتخابات الحقيقية، وأُسدل الستار على المعارضة.

ثم جاءت العهود التالية لتُعيد إنتاج الفجوة: من انفتاح عشوائي، إلى خصخصة مفترسة، إلى مشروعات ضخمة لا يشعر المواطن بعائدها الحقيقي.
أين العدالة الاجتماعية؟ إذا كان العامل اليوم لا يجد أجرًا يكفيه، والفلاح لا يملك أرضًا، والمريض لا يجد سريرًا، فبمَ نحتفل إذن؟

الكلمة الأخيرة: نحتاج جمهورية جديدة

جمهورية تسمع، لا تتجاهل.
جمهورية فيها أحزاب قوية، ومعارضة وطنية، ومؤسسات تُحاسب وتُصلح.
جمهورية تعيد الاعتبار لفكرة المواطن، لا تجعل منه متفرجًا يصفق لمشهد لا يُكتب باسمه.

ليس كل ما تحقق بعد الملكية يُعد نجاحًا، وليس كل ما وُعدنا به صار واقعًا. ولعل أعظم ما نملكه الآن هو أن نسأل، ونتكلم، ونطالب بحقنا في وطنٍ يُدار لصالح أبنائه، لا لصالح نخبة تُصفّق لنفسها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى