حماية المجتمع من التطرف .. أ.د محمد مختار جمعة وزير الأوقاف

حماية المجتمع من التطرف .. أ.د محمد مختار جمعة وزير الأوقاف
حماده مبارك
لا شك أن التطرف يشكل خطرا على الهوية الدينية، وعلى الهوية الوطنية، فمن ناحية الهوية الدينية فإن الجماعات الضالة المتطرفة قد حاولت اختطاف الخطاب الديني وتوظيفه أيديولوجيا لخدمة مطامعها ومطامع من يمولها ويستخدمها لهدم دول المنطقة وتفتيت كيانها وتمزيق بنيانها ، ذلك أن أي أحد يسمع أن دينا أو جماعة تستبيح الذبح والحرق والتنكيل بالبشر، لا يسعه إلا أن يفكر بهذه الجماعة وبما تدعيه من دين ، افتراء على الله تعالى ورسله الكرام وسائر كتبه المنزلة ، وأما من جهة الوطن فهذه الجماعات المارقة لا تؤمن بوطن ولا بدولة وطنية، بل إنها صنعت لهدم الأوطان ، فالأرض في منظورهم لا تعد عرضا، ولا تمثل شاغلا ولا هما، في حين أن الإسلام أوجب الدفاع عن الأوطان وافتداءها بكل ما يملك بنوها من نفس ومال.
ومما لا شك فيه أننا في حاجة ماسة إلى تفكيك الفكر المتطرف، والجماعات المتطرفة معا، غير أن تفكيك الفكر يأتي في المقدمة، ذلك أنك قد تفكك جماعة إرهابية أو متطرفة فتخرج عليك جماعة أخرى أعتى وأشد، فإذا نجحنا في تفكيك الفكر المتطرف وكشف زيفه وزيغه وفساده و إفساده وأباطيله : فإننا نكون قد أتينا على المشكلة من جذورها فيجب أن تقوم استراتيجية المواجهة على محورين أساسيين:
المحور الأول : تفكيك الفكر المتطرف ودحض أباطيل المتطرفين، وتفنيد حججهم، والعمل على نشر قيم التسامح وترسيخ أسس المواطنة المتكافئة، وترسيخ مشروعية الدولة الوطنية وحتمية الاصطفاف الوطني للقضاء على الإرهاب والفكر المتطرف.
أما المحور الثاني من استراتيجية المواجهة فيقوم على ثلاث ركائز ، الأولى : حسن تدريب وتأهيل العاملين في الحقل الدعوي من خلال البرامج التدريبية والتأهيلية التي تمكنهم من أداء رسالتهم بكفاءة ومهارة عالية.
أما الركيزة الثانية : فتقوم على تفعيل استراتيجية الحوار والإقناع سواء أكان اتصالًا مباشرًا أم عبر مواقع التواصل التي نعنى بها عناية خاصة، مع العمل الجاد والدءوب المستمر لتصحيح المفاهيم المغلوطة والرد على شبهات المتطرفين في النجوع والقرى.
أما الركيزة الثالثة : فتقوم وتبنى على مشروع فكري ضخم يعمد إلى إعادة نظر شاملة وعامة وغير انتقائية لكل جوانب تراثنا العلمي والفكري بما يتناسب مع طبيعة العصر ويراعي مستجداته في ضوء الحفاظ على الثوابت التي لا تقبل ولا نقبل المساس بها، وفي إطار المقاصد العامة للتشريع. وفي سبيل ذلك لابد أن تكشف وأن تعرى هذه الجماعات المتطرفة، وأن نبين عمالتها وخيانتها لدينها وأمتها، وأن تبرز شهادات من استطاعوا الإفلات من جحيم هذه الجماعات الإرهابية الضالة، وأن ما يعدون به الشباب كذبا وزورا من الحياة الرغدة هو محض كذب لا وجود له على أرض الواقع فمن يلتحق بهم مصيرهم التفخيخ والتفجير، وإن فكر مجرد تفكير في الهروب من جحيم هذه الجماعات كان جزاؤه الذبح أو الحرق أو الموت سحلا .
كما يجب تفنيد أباطيلهم في استحلال الدماء والأموال والأعراض والحكم على الناس بالكفر حتى يسوغوا لأنفسهم قتلهم واستباحة نسائهم وأموالهم .