خيبة أمل: بقلم المخرج والكاتب ..تامر جلهوم

خيبة أمل:
بقلم المخرج والكاتب ..تامر جلهوم
عندما نتحدث عن الأمل فأنه تلك النافذة الصغيرة التى مهما صغر حجمها إلا أنها تفتح أفاقاً واسعة فى الحياة فهى تلك النافذة التى من خلالها نور التفاؤل ليضىء لنا الدروب المعتمة التى قد تخلفها نوائب الدهر .
فهو شعور يلهمك توقع الحصول على شيء ربما يكون مقدراً لك أصلاً وأنت لا تدري وفي حالة أخرى قد تحرم منه لسبب ما فأنت تأمل أن يتحقق لك ما تتمنى في وقت تكون فيه ظواهر الأمور تنبئك بإستحالة الحصول عليه. ويقول علماء طب الأمراض أن هناك ما يسمى ” الشفاء الذاتي ” فقد يتعافى المرء من مرض تم تشخيصه ” مرض مزمن وغير قابل للشفاء ” كيف ؟ لا أحد يدري ! وهذا هو قدر الله الذي يتدخل حين يعجز البشرعن القيام بشيء حيال ذلك !وهناك أمل يتعلق بالأمور التي لا يستطيع المرء أدراكها أو معرفة ملابساتها ! أثناء زيارتنا للطبيب برفقة شخص قريب إلى قلوبنا نكون في حالة أنفعال شديدة ويكاد المرء منا أن يفقد أعصابه في وقت يكون الطبيب في منتهى الهدوء لماذا ؟ لآن الطبيب يكون على علم بحالة المريض ونحن نجهل حالته ولفرط جهلنا فأننا نطلب من الطبيب أن يفعل المستحيل لأعادته إلى الحياة الطبيعية فيما لو قال لنا أن المريض مصاب بجلطة دماغية !
أما عندما ترمي بك الأيام لتستفيق على واقع مرير يتخطى حاجز توقعاتك
ولم يكن يوماً بالحسبان فأنك عزيزى القارىء” حتماً ستصيبك خيبة أمل ”
وعندما تبني و تبني و تبني أحلامك وأمنياتك تشيدها قصوراً وقلاع وتحلم بأن تقطف من جنانها أطيب الثمارفتستفيق من حلمك بعد أن بللتك مياه البحرلتجد أنك كنت تبني على رمال الشاطيء وعندما تضع شخصاً عزيزاً أخذ مكانه في قلبك وإستحوذ على إهتمامك تملك مشاعرك حتى صار جزء منك تضعه في بداية قائمة أولوياتك وتكشف لك الأيام أنك لست حتى من أولوياته
فأنك” حتماً ستصيبك خيبة أمل “وعندما تمزقك الحياة وتستلم لرياح اليأس وتتلفت محاولاً البحث عن صديقك الحميم لتبث له شكواك ويثلج صدرك بكلماته الرقيقة فلا ترى إلا يداً غريبة تمتد إليك فأنك” حتماً ستصيبك خيبة أمل “!!!!فلنسأل سؤال لأنفسنا ؟؟؟:«كيف تتعامل مع خيبة الأمل؟» فمن منا لم يخب أمله يوماً أو لحظة أو عمراً كاملاً؟ من منا لم يهبط من مستوى الحلم إلى عالم الواقع المختلف الذي يكثر فيه «المستحيل والمرفوض»؟ من منا من خدعه الظن؟ لابد أنك مررت بهذه التجربة وجربت هذا الشعور المر الذي يبقى فترة ولايزول بسهولة.
كيف يتولد هذا الشعور؟ ما أكثر الأسئلة؟؟! أحياناً تكون طموحاتك أكبر من قدراتك فتتفاجأ أنك مكانك سر أو أنك ليس في المكان الذي كنت ترغبه فيتولد لديك شعور بالخيبةوأحياناً تكون من هؤلاء الذين يحلمون كثيراً يهربون إلى عالم خاص يصنعون معالمه وتفاصيله بأنفسهم وقد يستبدلون في لحظة هذا بذاك ويخدعون أنفسهم لفترة قد تقصر وقد تطول فإذا ماأفاقوا وفتحوا عيونهم صدمتهم الحقيقة التي كانوا يهربون منهاوأحياناً قد تكون من هؤلاء الذين يتوقعون الكثير من الآخرين لأنك تعيش من خلالهم ولا ترى فيهم إلا ماتحب وتنسى أن النفوس متغيرة وأن قدرات الآخرين وإمكاناتهم تختلف فتفاجأ حين تأتي الأمور بغير ما توقعت عندها تشعر بأنك خذلت. والسؤال هنا؟ هل أنت الذي خذلت نفسك أم أن الآخرين خذلوك؟
وسؤالي: «كيف تتعامل مع خيبة الأمل؟» قد تتقبلها وتتعايش مع مرارتها لأنك لا تملك حلاً آخر وقد تضحك وتشيح بظهرك متناسياً هزائمك وقد تنكسر وتظل تدور متسائلاً محاولاً أن تعرف السبب رغم أن معرفتك بالسبب لن تغير من الواقع شيئاً وقد تنظر لنفسك في المرآة مبتسماً وأنت تستعد لخيبة أمل أخرى وقد تقرر أن تمسح هذه الكلمات من قاموسك.
فأعلم عزيزى القارىء أن لكل منا طريقته الخاصة التي تساعده على الإستمرار رغم الخذلان والخيبة اللذين يطلان علينا أحياناً ويختفيان في أحيان اَخرفعندما تبحث في داخلك عن نفسك محاولاً إيجاد ما أفقدتك إياه الأيام
فلا تجدها فأنك” حتماً ستصيبك خيبة أمل ” في النهاية ! خيبة الأمل تكون في أمر معلوم كنا نتوقع الخير فيه ! ثم ينقلب إلى خلاف ما كنا نتوقع !
ولا تكون خيبة الأمل مطلقاً في أمر نجهل مقدماته ونتائجه ! لذلك من الأفضل أن لا نلوم أنفسنا كثيراً حتى لا تزيد جراحنا أيلاماً ! والله أعلم .وأحب أن أدعوا لكم وأقول(( الله يبعدنا ويبعدكم عن خيبة الأمل )).
الكاتب والمخرج/ #تامر_جلهوم.