
دمعة يتيم.. وابتسامة أمل
كتب أشرف ماهر ضلع
في زحام الحياة، وسط أصوات البشر المتداخلة، هناك صوت خافت لا يُسمع إلا بقلوب الرحمة، هو صوت اليتيم، ذاك الطفل الذي فقد دفء الأب أو حنان الأم، فباتت الأيام تمضي عليه كأوراق الخريف تتساقط بلا عناقيد أمل، إلا أن نور الرحمة يسطع من قلوبٍ أُشربت حبًّا وشفقة، ليعيد له الأمل والابتسامة.
يتيمٌ ولكنه ليس وحيدًا
اليتيم ليس ذاك الذي فقد والديه وحسب، بل كل روح تائهة تبحث عن الحنان، كل قلبٍ يرتجف من برد الوحدة، وكل نفسٍ تنشد الأمن في زوايا الأيام. لكنه رغم ذلك، ليس وحيدًا؛ فقد وعده الله بالعوض، وسخّر له من الأيدي الحانية ما يجبر كسر قلبه.
قال الله تعالى:
{فَأَمَّا ٱلۡيَتِيمَ فَلَا تَقۡهَرۡ} (الضحى: 9)، وكأن الآية ترسم صورة الرحمة في أنقى معانيها، تنادي كل نفس قاسية أن تلين، وكل قلب متحجر أن يذوب رأفةً بهذا الطهر الطفولي.
كفالة اليتيم.. امتداد لنور النبوة
حينما قال رسول الله ﷺ: “أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا” وأشار بالسبابة والوسطى، كأنه يرسم للإنسان طريقًا لا ينقطع، طريقًا لا ينتهي عند حدود العطاء، بل يمتد ليبلغ جنان الخلود، حيث لا حزن ولا فقد.
يا لروعة هذا الوعد! أن يكون الإنسان رفيقًا لنبي الرحمة، فقط لأنه مدّ يده ليمسح دمعة يتيم، أو فتح قلبه ليمنحه الأمان.
أحلام في مهب الريح.. وأجنحة تُصلحها الرحمة
كم من أحلام تُكسر عند عتبة الفقد، وكم من أرواح تتوه في دروب الحياة حين تفقد من كان لها دليلًا ونورًا! لكن العطف يمسك بيد الأمل ليعيد له بريقه، ويرمم جراحًا خلّفها الغياب.
قال الشاعر:
لَيسَ اليتيمُ مَنِ انتهَى أبواهُ مِن هَمِّ الحَياةِ وَخَلَّفاهُ ذَليلا
إِنَّ اليَتيمَ هُوَ الَّذي تَلقَى لَهُ أُمًّا تَخَلَّت أَو أَبًا مَشغولا
فاليتيم ليس مجرد حالة فقد، بل قد يكون شعورًا يعيشه كثيرون، حين لا يجدون من يمنحهم الحب والاحتواء.
ابتسامة على شفاه الحياة
رُبّ كف تمسح دمعة، فتغيّر حياة، وربّ كلمة طيبة تمنح يتيمًا عمرًا جديدًا من الأمل. لنتذكر دائمًا أن في كل قلب يتيم زهرة تنتظر من يرويها، فكن أنت يد العطاء، وابتسامة الأمل التي تضيء عتمة الأيام.