دور الإعلام في المجتمع: بين التوجيه الإيجابي والتحذير من الانحراف
دور الإعلام في المجتمع: بين التوجيه الإيجابي والتحذير من الانحراف

“دور الإعلام في المجتمع: بين التوجيه الإيجابي والتحذير من الانحراف”
بقلم…محمود سعيدبرغش
الإعلام هو أحد أهم وسائل التواصل التي تؤثر بشكل كبير في المجتمعات الحديثة، وقد أصبح من الأدوات الأساسية في تشكيل الرأي العام. تختلف آراء العلماء حول دور الإعلام في المجتمع، فبينما يرون البعض أن له تأثيرًا إيجابيًا في نشر الوعي وتعزيز القيم، يحذر آخرون من الانحرافات التي قد يسببها في حال سوء استخدامه. تتنوع وجهات النظر بحسب التخصصات الفكرية والدينية، ولكن هناك توافق عام حول ضرورة استخدام الإعلام كأداة فعالة في خدمة الإنسان والمجتمع.
الإعلام كأداة لتوجيه المجتمع
يعتبر الإعلام أداة قوية في نقل الرسائل التربوية والتعليمية التي تساهم في تحسين سلوك الأفراد. علماء الدين، مثل الشيخ محمد متولي الشعراوي، كانوا يرون في الإعلام وسيلة لنشر القيم الدينية السليمة وتعزيز المبادئ الإسلامية. كان الشعراوي يؤمن بأن الإعلام يجب أن يسهم في التوجيه الديني وأن يروج للخير والصلاح. كان يحث على ضرورة توجيه الإعلام نحو بناء مجتمع تسوده الأخلاق الإسلامية.
الإعلام والتأثيرات السلبية
على الرغم من الإيجابيات التي يمكن أن يوفرها الإعلام، إلا أن هناك تحذيرات من بعض العلماء من التأثيرات السلبية التي قد يحدثها الإعلام في المجتمع. فهناك من يرى أن الإعلام قد يروج للأفكار الهدامة، مثل العنف أو الإباحية، التي تضر بالقيم الإنسانية. وكان الشيخ الشعراوي يحذر في هذا السياق من الإعلام الذي يروج للأفكار السلبية التي لا تتماشى مع تعاليم الدين الإسلامي.
الإعلام كمصدر للتأثير الاجتماعي
علماء الاجتماع يرون أن الإعلام له دور كبير في تشكيل الوعي الاجتماعي. من خلاله يمكن للمجتمعات أن تواكب التغيرات السياسية والاقتصادية والثقافية. يُعتبر الإعلام أداة لخلق الحوار والنقاش حول القضايا الاجتماعية، لكنه في الوقت نفسه قد يكون وسيلة لتوجيه الجماهير نحو الأيديولوجيات المتبناة من قبل المؤسسات الإعلامية التي تملك السلطة على المحتوى المعروض.
الإعلام والفلسفة: السلطة والنفوذ
الفلاسفة، من جانبهم، يتناولون الإعلام بشكل مختلف، حيث يرون فيه أداة لفرض السلطة والنفوذ على الأفراد والجماعات. في هذا السياق، ينبه الفلاسفة إلى “الهيمنة الإعلامية”، التي تُستخدم لتحريك الرأي العام نحو قضايا أو أفكار بعينها، مما قد يضر بحرية الفكر والتعبير. في نظرهم، قد يكون الإعلام أداة لفرض الأيديولوجيات من خلال التحكم في ما يعرض على الجمهور.
التحديات المعاصرة للإعلام
مع انتشار وسائل الإعلام الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت التحديات أكبر. يواجه الإعلام اليوم تحديات جديدة مثل انتشار الأخبار المزيفة، وتقنيات التلاعب بالرأي العام، مما يؤدي إلى فقدان الثقة في الإعلام. وقد أعرب العديد من العلماء عن قلقهم حيال هذا التطور، مؤكدين على ضرورة ضمان مصداقية وسائل الإعلام وتطبيق معايير الأخلاقيات في المحتوى المقدم للجمهور.
خاتمة
الإعلام هو أداة ذات قوة تأثير هائلة في المجتمع، ولكنه يحتاج إلى استخدام حكيم. بين التوجيه الإيجابي والتحذير من الانحرافات، يجمع العلماء على ضرورة أن يكون الإعلام مسؤولًا في تقديم رسائل هادفة ومفيدة للمجتمع. يجب أن يساهم في بناء الإنسان والحفاظ على القيم، مع ضمان التوازن بين حرية التعبير والحفاظ على الأخلاق والقيم الإنسانية.
محمود سعيدبرغش