مقالات

د. إبراهيم ابراش يكتب: الانتصار الذي تسعى له حركة حmاس ❗️

📝 د. إبراهيم ابراش يكتب:

الانتصار الذي تسعى له حركة حmاس ❗️

بعد أن ساعدت حركة حmاس إسرائيل، بوعي أو بدون وعي، على تحقيق بعض أهدافها وأهمها الانقسام وفصل غزة عن الضفة وإبعاد الأنظار عما يجري في الضفة والقدس وإثارة الفتنة الداخلية وإضعاف منظمة التحرير ، وبعد ستة أشهر من حرب الإ.باد.ة على كل القضية الوطنية وانكشاف عجز العالم عن كبح جماح الكيان الإ.ر.ها.بي وإجباره على وقف الحرب، وبعد انكشاف وهم محور المقا.و.مة والأنظمة التي كانت تراهن عليها حmاس كحلفاء استراتيجيين: تركيا وقطر وإيران، وانحيازهم لمصالحهم القومية ولو على حساب القضية الفلسطينية… فإن حركة حmاس ومعها ال.جها.د الا.سلا.مي، تُصر على منح العدو مزيداً من الوقت لاستكمال حرب الإ.با.د.ة باستمرارها بإطلاق الصو.ار.يخ من غزة وحديث قادتها في الخارج بأن الmقاومة بخير ومستعدة للقتا.ل لسنوات حتى تحقيق الانتصار!.

في بداية الحرب ومع نشوة (انتصار طوفان الأ.قصى) حددت حmاس النصر الذي تسعى له بتحرير القدس والمسجد الأقصى، تبييض السجون، انسحاب العدو من كل القطاع ورفع الحصار وفتح المعابر وعن ميناء بحري. وإعادة الإعمار تحت اشرافها.

مع اشتداد حرب الإ.با.د.ة ومحدودية ردة فعل محور الmقاومة الذي كانت تراهن عليه لتحقيق الانتصار العظيم والنهائي على دولة الكيا.ن اليهو.د.ي، باتت قيادتها في الخارج تسعى لصفقة تبادل أسر.ى ودخول مساعدات إنسانية ووقف إطلاق النار. مع رفض الا.حتلا.ل لكل شروط ومطالب حmاس لإنجاز صفقة هدنة ولو إنسانية بل وتعطيله المقصود للمفاوضات بهذا الشأن قلصت حmاس شروطها لتقتصر على ما ذكر إسماعيل هنية، مع بدء جولة جديدة من المفاوضات في القاهرة 7/4، على انسحاب الجيش ووقف إطلاق النار وعودة سكان الشمال إلى بيوتهم، أي باتت مطالبها عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل مصيبة طوفان الأقصى مع ضمان استمرارها في حكم قطاع غزة، وكل ذلك مصحوباً باستمرار الحديث عن الإنجازات والانتصارات التي تحققها المقا.و.مة وخصوصاً حركة حmاس في الميدان.

والسؤال الذي يفرض نفسه ما معنى النصر أو الانتصار الذي كانت حركة حmاس تتحدث عنه بعد كل حرب على غزة وتتحدث عنه الآن بعد كل هذا الخراب والدمار لغزة وأكثر من مائة ألف بين شهيد ومفقود ومثلهم من الجر.حى؟ وعلى مَن ستنتصر؟ وهل استجابة العدو لشروط حmاس الأخيرة يُعد انتصاراً؟

لا أحد يريد استمرار العدوان على غزة والجميع يريد وضع حد لحرب الإ.با.د.ة، وبعد ذلك لكل حادث حديث، ولكن وبعد كل ما جرى أن تعتبر حركة حmاس أن مجرد وقف حرب غزة وإعادة تمركز جيش الا.حتلا.ل إلى الأماكن التي كان فيها قبل 7 أكتوبر مع اجترائه لمناطق حدودية تحت مسمى مناطق عازلة، وحتى مع سماح العدو بعودة أعداد من المهجرين في الجنوب الى الشمال، أن تعتبر ذلك انتصاراً للمقا.و.مة وإفشالاً لمخططات العدو فهذا ما لا يمكن السكوت عنه.

إن أخطر ما في المشهد أن حركة حmاس باتت تتحدث عن وقف الحرب مع العدو في حالة وقف الحرب على غزة متناسية أن غزة ليست فلسطين وأن الصراع والحر.ب ليس ضد غزة فقط ولم يبدأ مع طو.فان الأقصى بل ضد القضية الفلسطينية ومحاولة تصفيتها وما يجري في الضفة والقدس لا يقل خطورة عما يجري في غزة، ومجرد وقف حرب الإ.با.د.ة على غزة لا يعني نهاية الحرب والصراع إلا إذا كانت حnاس ترى في استقرار الأمر لها في القطاع نصراً ولا تريد أكثر من ذلك، أما القدس وبقية فلسطين فليس من اختصاصها و (للبيت رب يحميه). والأمر هنا لا يقتصر على حركة حmاس بل نسمع من إير.ا.ن وحز.ب الله والحوثي نفس الرأي فكلهم يقولون إن حربهم مع إسرائيل ستتوقف في حالة وقف الحرب على غزة! أما القدس والضفة وكل القضية الوطنية فخارج حساباتهم، وبعد مسرحية قصف إيران لإسرائيل قال المسؤولون الإيرانيون أنهم لا يريدون التصعيد وستتوقف المواجهة عند هذا الحد إن لم ترد إسرائيل!

لأن حركة حmاس مصرة أنها حركة ربانية والربانيون لا يخطؤون لأن خطأهم من وجهة نظرهم تشكيك بالذات الإلهية، ومصرة أنها وحدها المقا.و.مة وهزيمتها يعني هزيمة المقا.و.مة وبالتالي ضياع فلسطين، فإن اعترافها بالخطأ غير وارد وستستمر بالمكابرة والمعاندة والحديث عن (إنما النصر صبر ساعة).

وفي حقيقة الأمر فإن معالم الانتصار الذي تسعى له بات واضحاً ومكشوفاً ولا علاقة له بتحرير فلسطين أو القدس ولا بإطلاق سراح الأسرى، النصر الذي تسعى لتحقيق حركة حmاس ولو على أنقاض غزة وجثث آلاف الشهداء هو:

1- الانتصار على منظمة التحرير وتنصيب نفسها ممثلاً على ما تبقى من أرض وشعب. وهذا الهدف الرئيسي لقيامها منذ تأسيس المجمع الإسلامي في سبعينيات القرن الماضي.

2- الاحتفاظ بسلطتها في قطاع غزة حتى في ظل الاحتلال كما كان الأمر طوال السبعة عشر عاما الماضية.

ونعتقد أن العدو مستعد للقبول بهذا النصر لحmاس بعد تطويعها حتى يحافظ على الانقسام وتعزيز الفتنة الداخلية، وهذان الهدفان ليسا جديدين بل كانا حاضرين منذ أن تأسس المجمع الإسلامي في السبعينيات ثم قيام حركة حmاس في الثمانينيات من خارج منظمة التحرير الفلسطينية، آنذاك كثُرت التساؤلات حول سبب قيامها ومناهضتها لمنظمة التحرير وممارستها العمل السياسي والمقاوم بعيداً عن الإجماع الوطني، في الوقت الذي كانت فيه المنظمة محل تقدير واحترام وطني ودولي وتحقق إنجازات سياسية في المنظمات الدولية وعند الرأي العام العالمي وعدد الدول التي تعترف بمنظمة التحرير ممثلاً شرعياً ووحيداً يفوق المائة دولة، وكانت إسرائيل وواشنطن يناصبان المنظمة العداء و يسعيان لتدميرها؟

لقد سبق وكتبنا مقالا تحت عنوان (حروب غزة خارج السياق الوطني) وبالفعل كانت، حيث كان للأجندة الخارجية وخصوصاً إيران دور فيها كما أنها حولت القضية من وطنية فلسطينية لقضية غزاوية، وقد أنجرت حركة حmاس إلى لعبة الأمم في فلسطين والشرق الأوسط، وهي لعبة أو جملة مخططات تهدف لتصفية القضية الفلسطينية ومواجهة قوى التحرر العربي التقدمية وتدمير المشروع القومي العربي.

لقد زعمت حركة حmاس أنها حررت قطاع غزة من الا.حتلا.ل الإسرائيلي بينما في حقيقة الأمر (حررت) القطاع من سيطرة منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية وليس من الا.حتلا.ل حيث استمر الا.حتلا.ل قائماً يضاف له الحصار، فهل إن (وحدة الساحات) وتشكيل (محور الmقاومة) في مواجهة الا.حتلا.ل يتطلب نجاحه أولاً كسب المعركة في مواجهة منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية وحركة فتح؟ وهل تُغني هذه المحاور عن الوحدة الوطنية؟

والآن وبعد اتضاح محدودية ما يمكن أن يعمله محور الmقاومة، وبعد أن قامت فصائل المقاومة في غزة بما تستطيع، وبعد كل هذا الخراب والدمار والموت الذي حرك العالم لنصرة الشعب الفلسطينية واستعادة حضور القضية دولياً، ما زالت الفرصة سانحة لتعيد حركة حmاس حساباتها في المراهنة على الأجندة الخارجية، وتُعيد القيادة الفلسطينية أيضاً حساباتها في المراهنة على تسوية سياسية تقودها واشنطن، ومحاولة انقاذ ما يمكن إنقاذه من غزة والقضية كلها.

📌ابراهيم ابراش: مواليد غزة، دكتوراه في القانون العام- العلوم السياسية جامعة محمد الخامس بالرباط 1985، رئيس قسم الاجتماع و العلوم السياسية بكلية الآداب بجامعة الأزهر، عميد كلية الآداب بجامعة الأزهر بغزة سابقا، مؤسس ومشارك في العديد من مراكز البحوث والمؤتمرات والندوات العلمية، وزير الثقافة المستقيل في الحكومة الفلسطينية ال13 عام 2007.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى