شعر و ادب

رسائل لم تصل

رسائل لم تصل

رسائل لم تصل

بقلم محمد الحريري

في حاضر المستقبل
وفي نفس المكان وعلى تلك الطاولة
…..
لم أعلم ما الذي أغرى قدماي للقدوم ، وكيف ارتمت روحي على ذاك الكرسي الذي مالبث ثوانٍ ، واستطاع التعرف علي فأنا صديقٌ قديمٌ له
ليباغت لحظتي ممازحاً ،
طيفٌ يعود لماضٍ كان الحبُ فيهِ مشروعاً ،
وغير مُلاحقٍ من السلطات قائلاً:
ماذا سنشرب اليوم
هلعتُ بنظري لعينيهِ فإذ بهما ثقبٌ أسودٌ ابتلعني لأمرَّ بطرقٍ نهشت جوارحها أشباحَ الماضي التي ضجت بالممر، ليلفظني بعالمٍ موازٍ يختلف بفيزيائه عنا بدهرين ،
عدت من جديد وعلى نفس الطاولةِ لكن ، كل شيءٍ كان مختلفاً ، فكانت تملأُ المكان وجوهٌ ترسخت بذاكرتي ، يجلس أمامي يافعاً تخرج من عينيهِ ألوانُ الحياة ونوتاتُ عشقٍ سرقت انتباه المكان بأسره ،
ارتسمت على وجههِ بسمةٌ تطفئ نار حربٍ عالمية ، ((علوُّ وجنتيه يثبت نظرياتِ المؤامرة ، فتمت التغطية عن قمةٍ أعلى من إيفيريست ، ))تحيطُ بهِ هالةٌ يعجزُ علماء السعادة جميعهم تفسيرها
فوجدت نفسي أكتب إليك وأقول :
إياك والتخلي عن تلك البسمة فلتحيا ولتمت فيها خيرٌ لك أن تموتَ وأنت حي ، اعتصم الشهادة لحربك واكرم دراويش قلبك ، لا تمنعهم عن الطواف ، فالتعصف بكل أشباح ذاك الممر واغلقه من الداخل
أكتب شوقاً لأحلامك التي ما أعلنت هدنةً مع سقفِ السماء وكانت دوماً تفوقه
أكتبُ فزعاً أن تكتب ما أكتب اليوم ، تضيق بك اللغة رغم اتساعها ، أن تسجن بين تشابيهك أو تشنق بأحد الأسطر ،
فجئتك أبلغ رسالتي ; سيمر دهران وأنت تنتطر تلك اللحظة التي يقولون بأنك ستحيا بها ولا تنتظر ، لم يعد وجعك ((يرشد)) الدمع على الهطول وستصبح العزلةُ بائعة الهوى المفضلةَ لديك ، قلبك بات كتاباً مقدساً مهترئاً مرمياً بزاوية رف التاريخ ، تاريخٌ يضج بالقبلية والتخلف ، رفٌ بوسط صليبٍ ينادي بالحبِ و السلام ويبترُ كل أطرافه ،
دعكَ من جنونِ الكتّاب هذا ، كم اعتراني الشوق لكثرةِ حديثك ، عن قصصك التي لا تنتهي و استماعك لي بكل شغفٍ وحب فدعني أحدثك عن نفسي قليلاً
كل حرفٍ جارحٍ أبيتُ إطلاقه ، عاث بداخلي مفترساً ما شاء ، كل دمعةٍ تحفظت عيني بها
صبت ملوحتها كاويةً قلبي ، ثم أُسأل عن سر هدوئي ، فأكتفي ببسمة
ولِدَ شاعرٌ نُسِجَت حروفهُ من أحشاءِ الوحدة ، تراقصني شعراً تبكيني شعراً ، يداعبُ ملكَ الموتِ بأسطره مغازلاً إياه وكأنهم أصدقاءٌ منذ الطفولة ، يشاركه قهوتَه الصباحية على أنغام أم كلثوم ، يراه الآخرون مبدعاً ذو عقلٍ رشيد ، لكني أعلم مدى جنونه وما بتر منه .
أكثرت الثرثرة أعرف ، ذاك تأثير وجهه لم أعد أعلم ُ أأنا من كنت الطيف في عالمه أم هو الطيف بعالمي ،
وأدت صوتي فلا أحدَ يسمعني واكتفيت بالتبسم لحبل مشنقتي رامياً رسالتي في الفضاء الموازي علها تصل يوماً .
عذراً لكل تلك الترّهات
((فقد أذهبت عقلي الذكريات)) تعديل لصورة تدل على الجنون
لنفسي.
طيفٌ من المستقبل .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى