شعر و ادب

“رسالة من مجهول” بقلم/ د. نجوى كامل

رسالة من مجهول” بقلم/ د. نجوى كامل

 

“رسالة من مجهول”

أرسل لي رسالة قصيرة،

على شاشة هاتفي،

يطلب أن أتركه،

يعتذر لأنه وجد غيري، 

بكل بساطة، بكل هدوء…

بعد سنواتٍ كنت أكتب له:

“صباح الخير، يا حلوتي”

“أحلام سعيدة، يا أميرتي”

كان يحكي لي عن أحلامنا،

عن عيدٍ نحتفل به معًا،

عن بيتٍ دافئ،

ربما فيه أطفالنا…

كان يكتب، وأنا أحلم،

كان يرسم، وأنا أعيش 

اللوحة بكل تفاصيلها.

نعم، لم نلتقِ، لم نرَ بعضنا،

لم يجمعنا طريقٌ واحد،

لكنني قفزت معه بين السحاب،

طرتُ فوق الحجر،

وصلتُ حدود القمر،

جمعتُ آلاف النجمات،

من صوره التي أمطرني 

بها في رسائله،

عشتُ أسابيعَ وأيامًا في وهمٍ،

رسمته بكل قطرةٍ من دمي،

بكل نبضةٍ من قلبي،

بكل ارتعاشةٍ من يدي…

لكن أبدًا، أنا لن أنهزم

جمعتُ عشرات الصور،

لشبابٍ لا أعرفهم،

هم أصدقاءُ أخي،

وأرسلتهم له، 

على الواتساب 

والماسنجر،

وخطَّ وجعي سؤالًا له :

“صديقي: 

لم تخبرني… من أنت في هؤلاء؟”

فأنا كل يوم تأتيني ألف رسالة،

وألف حلم،مع ألف صورة 

أضحك على قائلها، أو معه 

من كثرة الأحلام والأمنيات

أنسى من هم 

عذرًا يا…

لا أذكر من أنت.

وهمستُ لروحي:

“لن تجرحني… بل أنا من جرحك.”

أنتهت رسالتي ،

اغلقتُ رسول كان بيننا

لا انتظار، 

لا حنين، 

لا وجع،

لم يعد اسمه يعبر رأسي كأغنية،

لم تعد كلماته تتردد 

في مساحات الليل،

كأنها لم تكن…

تذكرتُ كم كنتُ ساذجة،

كيف كنتُ أبني مدنًا من الكلمات،

وأقيم جسورًا من الوهم،

وأغزلُ أحلامًا 

لم تكن سوى سراب،

وصدقتُ أن الحروف 

تحمل دفءَ الأيدي،

وأن الشاشات تعكس بريق العيون!

ضحكتُ، بصوتٍ سمعته 

روحي وحدها،

ضحكة خالية من الألم، 

مليئة بالسخرية،

رميتُ الرسالة 

في بحر النسيان،

دون أن التفت…

وقفتُ أمام مرآتي،

لأرى وجهًا لم أره منذ زمن،

عينين لا تبحثان عن أحد،

وقلبًا ما زال نابضًا بالحياة،

مررتُ بأصابعي على خصلات شعري،

وقلتُ بهدوء:

“أنا لم أخسر شيئًا… أنا فقط استيقظت.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى