شعر و ادب

رقصات المطر ..بقلم الشاعرة مليكة الجبابلى

رقصات المطر 

في ليلة قدرية تنفتح فيها كل الأبواب تناهى إلى سمعي صوت قطرات مطر تتراقص أمام بابي..

في ليلة تختلف عن كل الليالي التي طالما ناجيت فيها السماء أصغيت إلي صوت شجي ساحر: إنه صوت المطر .

حبات المطر أمام الباب تدق فهل أفتح لها أسوار حصني ؟؟.

حبات المطر في لهفة تنتظر أن تسقي ما تبقى من سنوات مضت من عمر الزهر و الزهر لم يمت … حبات المطر ألمحها و أنا وراء الباب تبتسم لقسمات وجه ورث من زهر النرجس إبتسامة دافئة خجولة…

كم يغريني صوت المطر وأنا أسمعه يرن في أذني…

و كم يغمرني الصحو و يقذفني بعيدا فيلقيني خارج ذاتي حينما أدنو من فتحة بابي .

فهل أفتح أسوار حصني لينساب المطر على جسد حالم ينبض بالدفء و يتدفق ؟؟؟

 

إغراء المطر لا مثيل له.. لا يقاوم… فكيف أصده والروح عطشى تحتضر ؟.

ينساب المطر فيغرقني في طوفان من العطر النقي تشتاقه أرض ملت جفاء السماء و الوقت ربيع ..

تحملني قطرات الماء إلى حيث أنبعث دون الهاوية.. و دون الواقعة …و دون الصاعقة .. .

 

في القمة قمة الجبل العالي تعليني قطرات المطر دون أن ينتابني الشعور بالهاوية.فلا أسقط…

وتحاصرني حبات المطر وأنا أمام بابي وتغرقني في بريق السحر دون ان تقع الواقعة … فلا أقع….

وتفتح أبوابي لحبات المطر فأتجدد في الحضور وفي الغياب دون الصاعقة …فلا أصرخ…

سألت حبات المطر:

هل ترقصين والسماء باكية؟؟

فأصغت إلي وهي تغدق من نبع السماء أنهارا ثم أجابت : مني تصير الأرض حبلى …. و مني ينبعث الوليد….

ومني يكون الصحو ….ومني يكون الطهر و النقاء… فكيف لا أرقص على نغمات أوتاري وكل حبة مني حياة تتجدد !!!

كم كان سؤالي عقيما … خاويا… وأجوفا أمام ما تمتمت به القطرات وهي ترتعش وسؤال آخر منها ينبعث إلي في هدوء المطر لحظة الصحو:

هل أنت سعيدة و المطر ينهمر؟؟

رجني السؤال وما انكسرت…. رجني السؤال وما هربت….

إذ كانت الاجابةحاضرة تحتضر .ودون أن أفكر أسرعت قائلة:

كيف لا أكون و المطر يهطل!!

ضحك المطر وقال :

كل قطرة مني حلم إليك يتبسم

إني إليك أنهمر ..

أمتص منك وجع السنين

لترتوي من فيض السماء

ما به تسقي سنوات العجاف..

 

فهمت لغة المطر وما فهمت…

حتى بكت عيناي وما بكت….

لعلها القطرات على خدي تنهمر….

بل هي الأماني على وجهي ترتسم..

توقض في الذات بقايا حس يحتضر…

قد أدرك حلاوة و ألفة المطر….

ونام و امتلأ بطهر المطر بعد ان عاد من السفر.

مليكة الجبابلي تونس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى