زيد بن ثابت الأنصاري ” جزء 6″

زيد بن ثابت الأنصاري ” جزء 6″
بقلم/ محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء السادس مع زيد بن ثابت الأنصاري، وكان سعيد بن العاص أشبه لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عثمان رضى الله عنه، فليُمل سعيد وليكتب زيد، واستنجدوا بالصحابى الجليل زيد بن ثابت، فجمع زيد بن ثابت أصحابه وأعوانه وجاءوا بالمصاحف من بيت أم المؤمنين السيده حفصة بنت عمر رضى الله عنهما وباشروا مهمتهم الجليلة، وكانوا دوما يجعلون كلمة زيد هي الحجة والفيصل، ولقد خرج الصحابى الجليل زيد بن ثابت مع قوم من الأنصار إلى غزوة بدر، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رده لصغر سنه وجسمه، وفي غزوة أحد ذهب مع جماعة من أترابه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، يرجون أن يضمهم للمجاهدين.
وأهلهم كانوا يرجون أكثر منهم، ونظر إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم، شاكرا وكأنه يريد الاعتذار، ولكن رافع بن خديج وهو أحدهم تقدم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو يحمل حربة ويستعرض بها قائلا ” إني كما ترى، أجيد الرمي فأذن لي ” فأذن له، وتقدم سمرة بن جندب وقال بعض أهله للرسول ” إن سمرة يصرع رافعا ” فحياه الرسول صلى الله عليه وسلم، وأذن له، وكان وقتها قد بقي ستة من الأشبال وكان منهم زيد بن ثابت وعبد الله بن عمر، وقد بذلوا جهدهم بالرجاء والدمع واستعراض العضلات، ولكن أعمارهم صغيرة، وأجسامهم غضة، فوعدهم الرسول صلى الله عليه وسلم، بالغزوة المقبلة، وهكذا بدأ زيد بن ثابت مع إخوانه دوره، كمقاتل في سبيل الله.
بدءا من غزوة الخندق، سنة خمس من الهجرة، وقد شهد أيضا غزوة تبوك مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، اجتمع الناس في سقيفة بني ساعدة، واجتمع المهاجرون والأنصار لاختيار خليفة منهما، فقد قال الأنصار للمهاجرين رجل منا ورجل منكم، ولكن زيد بن ثابت كاتب الوحي قال رأيا سديدا جعل الناس جميعا ترضى بحكمه، فقال رضى الله عنه “إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان من المهاجرين ونحن أنصاره، وإني أرى أن يكون الإمام من المهاجرين ونحن نكون أيضا أنصاره” ولقد أسفر التخطيط السليم والجهود العملية المبذولة لاستثمار موهبة الصحابى الجليل زيد بن ثابت رضي الله عنه عن تحقيقه لإنجازات عظيمة.
قدم من خلالها زيد بن ثابت رضي الله عنه باقةً من تلك الإنجازات لدينه وأهله وقضيته، وقد انتفعت منها الأجيال اللاحقة، وما زلنا نحن اليوم نأخذ منها الكثير وننتفع بها، فكان بعد أن تمكن زيد بن ثابت رضي الله عنه من إتقان الكتابة جيدا، فقد اختاره رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليكون كاتبا للوحي، ولقد تعلم رضي الله عنه اللغةَ السريانية التي كان اليهود يتعاملون بها قراءة وكتابة، وفي وقت قياسي وبأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أتقنها فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال “أمرني رسول الله أن أتعلم السريانية” وقد أصبح عالما بالفرائض وعلم المواريث، فكان المرجع في هذا العلم لبقية الصحابة والتابعين، وبذلك كان يمارس موهبته في الرياضيات ويخدم من خلالها أهله.
فلقد كان زيد بن ثابت رضي الله عنه من علماء الصحابة، فعن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما، أنه أخذ لزيد بن ثابت بالركاب، فقال “تنحّ يا بن عم رسول الله” فقال عبد الله “هكذا نفعلُ بعلمائنا وكبرائنا ” وعبدالله بن عباس رضي الله عنه معروف مَن هو، إنه حبر الأمة وعالمُها، وقد اختاره أمير المؤمنين أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لإنجاز أشرف مهمة يقوم بها إنسان، وهي كتابة القرآن الكريم كلام الله تعالى لأول مرة، بجمعه مرة واحدة في كتاب واحد، وكان العمل بمرحلتين في عهد أبي بكر رضي الله عنه وعثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان زيد بن ثابت رضي الله عنه هو رئيس فريق العمل ورأس الحربة فيه.