سحرة فرعون.. بقلم الإعلامى بكرى دردير

سحرة فرعون
هم مجموعة من السحرة الذين استدعاهم فرعون
عندما جاءه النبي موسى عليه السلام برسالة الله وآية العصا، حيث تحولت عصا موسى إلى حية تسعى. ورد ذكرهم في القرآن الكريم في عدة مواضع، وأشهرها في سورتي الأعراف وطه.
أبرز النقاط عن سحرة فرعون:
1. دعوة فرعون لهم:
عندما أظهر موسى معجزاته، ظن فرعون أنها سحر، فجمع السحرة من أنحاء مملكته لمواجهة موسى في يوم الزينة بحضور الناس.
2. مواجهة موسى:
ألقوا حبالهم وعصيّهم، فخُيّل للناس أنها تسعى بسبب سحرهم، لكن موسى ألقى عصاه فتحولت إلى حية ابتلعت ما صنعوا.
3. إيمانهم بموسى:
عندما رأوا أن ما فعله موسى ليس سحرًا بل معجزة من عند الله، آمنوا بالله مباشرة وقالوا: “آمنا برب هارون وموسى”.
4. تهديد فرعون لهم:
غضب فرعون وقال لهم إنه سيصلّبهم ويقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، لكنهم ثبتوا على إيمانهم وقالوا: “فاقضِ ما أنت قاض، إنما تقضي هذه الحياة الدنيا”.
عبرة القصة:
هذه القصة توضح كيف أن أشخاصًا كانوا من كبار السحرة، لما رأوا الحق بعقولهم وقلوبهم، آمنوا على الفور وضحّوا بحياتهم لأجل إيمانهم. وهي من أعظم مواقف الثبات والإيمان في القرآن.
فرعون أتى بالسحرة من مختلف أنحاء مملكته، وجمع أمهر السحرة المعروفين في ذلك الزمان، وذلك لمواجهة معجزة موسى عليه السلام. القرآن يذكر ذلك بوضوح في قوله تعالى:
“قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين. يأتوك بكل سحّار عليم”
(سورة الشعراء: 36–37)
شرح الآية:
“ابعث في المدائن”: أي أرسل رسلك إلى المدن الكبرى في أنحاء مصر.
“حاشرين”: أي من يجمعون الناس والسحرة.
“بكل سحّار عليم”: أي كل ساحر ماهر خبير في السحر.
إذًا، فرعون أمر بإحضار أفضل السحرة من المدائن، أي المدن الكبيرة في مملكته، لكي يتأكد من هزيمة موسى أمام الناس في مشهد علني يوم الزينة.
.القرآن الكريم لم يذكر أسماء المدن التي جاء منها سحرة فرعون تحديدًا، بل اكتفى بقول الله تعالى:
“وابعث في المدائن حاشرين” (الشعراء: 36)
والمدائن هنا جمع مدينة، والمقصود بها المدن الكبرى في مصر القديمة التي كانت خاضعة لحكم فرعون.
لكن بحسب ما جاء في كتب التفسير والتاريخ، فقد تشمل هذه المدن:
1. أون (هليوبوليس) – وهي من أقدم مدن مصر وكان فيها كهنة وسحرة.
2. طيبة – عاصمة مصر في الجنوب (الأقصر حاليًا)، وكانت مركزًا دينيًا وثقافيًا هامًا.
3. ممفيس (منف) – بالقرب من القاهرة حاليًا، وكانت عاصمة قديمة أيضًا.
4. صا الحجر (صاو) – وكانت معروفة بتعليم السحر والكهانة في بعض العصور.
5. الأشمونين – وكانت مركزًا للكهنة والسحر أيضًا في العصور المصرية القديمة.
تساءل بعض الناس عن أسماء سحرة فرعون وعددهم، ولقد رجح علماء كثيرون أن زعماء سحرة فرعون قد تم تسمية بعض محافظات الصعيد على أسمائهم؛ مثل ملوي، وديروط، وأسيوط، وسمالوط، وسوهاج، ومنفلوط، ودشطوط، وأسنا، وقنا، وأهناسيا، وسمسطا، وببا، ودشنا، وطهطا، وجرجا، وفرشوط.
بلدة سحرة فرعون
وقال أغلب المؤرخين إن أصل سحرة فرعون يعود إلى بلدة «أنصنا»؛ وهي مدينة قديمة البناء حسنة البساتين والمتنزهات كثيرة الثمار غزيرة الخصب والفواكه، وهي المدينة المشهورة بمدينة السحرة، ومنها جلبهم فرعون في يوم الموعد للقاء نبي الله موسى عليه السلام، وأصبحت حاليًا تدعى «قرية الشيخ عبادة» التابعة لمركز ملوي بمحافظة المنيا.
وقال المقريزي عن بلدة «أنصنا» إنها تأسست على يد أشمون ابن مصريم بن بيصر بن حام بن نوح، أما ياقوت الحموي فقال عنها إنها مدينة أزلية من نواحي الصعيد على شرقي النيل.
عدد سحرة فرعون
أما عدد سحرة فرعون فقد اختلف المؤرخون فيه فمنهم من قال إنهم كانوا ثمانين ألفًا، ومنهم من قال سبعين ألفًا، ومنهم من قال إنهم بضعة وثلاثين ألفًا، وآخرون قالوا إنهم تسعة عشر ألفًا، وغيرهم قالوا خمسة عشر ألفًا، واثني عشر ألفًا، وروي عن ابن عباس إنهم كانوا سبعين رجلًا.
فضل سحرة فرعون
أما عن فضلهم فقد روي عن عبدالله بن عباس، وعبيد بن عمير: «كانوا في أول النهار سحرة، فصاروا في آخره شهداء بررة، فهم شرف لمن نسبوا إليه».
ولكن في النهاية لابد أن ننبه إلى أن معرفة أسماء سحرة فرعون أو عددهم لن تفيد في شيء، ويجب علينا ألا نهتم كثيرًا بمثل هذه المعلومات لأنها لن ينبني عليها أي حكم من الأحكام الشرعية.
إذًا، من المرجّح أن السحرة جاؤوا من مراكز دينية وعلمية منتشرة في صعيد ودلتا مصر، حيث كان السحر جزءًا من التعليم الديني في المعابد الفرعونية.
كان دور السحرة مع فرعون محوريًا في مواجهة دعوة النبي موسى عليه السلام، خاصة حين بدأت دعوته تهدد سلطة فرعون الدينية والسياسية. إليك أدوارهم بالتفصيل:
—
1. أداة لتثبيت هيبة فرعون
فرعون استعمل السحرة لإثبات أن ما فعله موسى هو مجرد سحر، وليس معجزة من الله. كان هدفه إقناع الناس أن موسى مجرد ساحر محترف وليس نبيًا مرسلًا.
> قال فرعون: “إن هذا لساحر عليم، يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره، فماذا تأمرون؟”
(الأعراف: 109–110)
—
2. استعراض القوة أمام الشعب
تم تحديد “يوم الزينة”، وهو يوم عيد كبير، وجُمِع الناس من كل مكان، ليشهدوا المواجهة بين موسى والسحرة، ظنًا من فرعون أن السحرة سيفوزون ويُسقِطون دعوة موسى علنًا.
> قال فرعون: “أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى؟ فلنأتينك بسحر مثله، فاجعل بيننا وبينك موعدًا…”
(طه: 57–58)
—
3. استغلال السحرة في حرب دعائية
السحرة كانوا رموزًا مرموقة في المجتمع المصري، وفرعون أراد استغلال مكانتهم لإقناع الناس بأن دعوة موسى باطلة.
—
4. مفاجأة فرعون: إيمان السحرة
عندما شاهد السحرة أن عصا موسى تحولت إلى حية حقيقية وابتلعت سحرهم، أيقنوا أن هذا ليس سحرًا، بل معجزة إلهية.
فسجدوا مباشرة وقالوا:
> “آمنا برب العالمين، رب موسى وهارون”
(الأعراف: 121–122)
وهذا كان ضربة موجعة لفرعون أمام الناس، إذ أن أقوى “سلاحه” — السحرة — تحولوا إلى مؤمنين بموسى.
—
5. ثباتهم رغم التهديد
فرعون هددهم بالقتل والصلب، لكنهم ثبتوا على إيمانهم وقالوا:
> “فاقضِ ما أنت قاض، إنما تقضي هذه الحياة الدنيا”
(طه: 72-
خلاصة الدور:
بدأ السحرة كـ أدوات سياسية ودينية بيد فرعون، لكن الله حولهم في لحظة إلى شهداء للحق، فخلّدهم القرآن نموذجًا في التحول من الباطل إلى الإيمان بثبات وعزة.
نعم، ذكر المفسرون كثيرًا من الأقوال الجميلة والمؤثرة حول موقف سحرة فرعون بعد إيمانهم، وكيف تحوّلوا من أتباع فرعون إلى شهداء للحق. إليك أبرز ما قاله كبار المفسرين:
—
1. تفسير الطبري:
قال إن السحرة لما رأوا آية عصا موسى، علموا أن هذا لا يصدر عن سحر أبدًا، لأنهم أهل علم بالسحر، فآمنوا فورًا.
ثم قال:
> “علموا أن ما أتى به موسى ليس بسحر، وإنما هو من فعل رب العالمين، فآمنوا به ولم يبالوا بوعيد فرعون.”
—
2. تفسير القرطبي:
أثنى القرطبي على قوة إيمانهم وثباتهم، وقال:
> “كانوا أول النهار سحرة، وآخر النهار شهداء بررة. فسبحان من يهدي من يشاء.”
وقال إنهم لقوا فرعون وهم أحرص الناس على الدنيا، فلما رأوا الحق، زهدوا فيها ورضوا بالعذاب في سبيل الله.
—
3. تفسير ابن كثير:
قال:
> “ما ألقاه السحرة كان تخييلاً وخداعًا، لكن لما رأوا الحية التي جاءت من عصا موسى، علموا أنها ليست سحرًا، فسجدوا لله وصدّقوا بموسى، غير مبالين ببطش فرعون.”
وأضاف أن الله أكرمهم بأن ثبّت قلوبهم على الإيمان في أصعب لحظة.
—
4. الرازي في التفسير الكبير:
توقف الرازي طويلًا عند قولهم:
“فاقض ما أنت قاض”، وقال إنها غاية في الشجاعة والإيمان الصادق.
وأشار إلى أن السحرة عرفوا الحقيقة من خلال العقل والتجربة، لأنهم كانوا أعلم الناس بالسحر، فلما رأوا الفرق، اختاروا الحق بلا تردد.
—
خلاصة رأي المفسرين:
السحرة كان لهم علمٌ دقيق بالسحر، فلما رأوا معجزة موسى، تيقنوا فورًا أنها ليست سحرًا.
إيمانهم كان صادقًا وعميقًا، فتحدوا فرعون رغم التهديد والوعيد.
يُعد موقفهم من أعظم مواقف التحول والثبات على الحق في القرآن.
فرعون خُدِع بالسحرة أول الأمر من عدة جوانب، وكان يظن أن السحرة قادرون على هزيمة موسى عليه السلام، اعتمادًا على خبرتهم في السحر ومكانتهم في المجتمع. وإليك كيف خدعه ذلك:
—
1. ظنّ أن معجزة موسى سحرٌ مثله مثل سحرهم
فرعون قال مباشرة عندما رأى عصا موسى تتحول إلى حية:
> “إن هذا لساحر عليم” (الأعراف: 109)
فهو لم يميز بين السحر والمعجزة، بل ظن أن موسى ساحر جاء ينافسه على السلطة.
—
2. اعتقاده أن السحرة سينتصرون بسهولة
فرعون ظن أن جمع السحرة المهرة من أنحاء البلاد سيُفشل دعوة موسى أمام الناس، ويثبت أن موسى مجرد مُحتال أو منافس سياسي.
> “فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفًا، وقد أفلح اليوم من استعلى”
(طه: 64)
أي أن المعركة محسومة للسحرة في نظره.
—
3. الصدمة الكبرى: إيمان السحرة
حين سجد السحرة لله مباشرة بعد أن رأوا معجزة موسى، انقلب الموقف تمامًا.
فرعون فوجئ بأن أقرب أدواته خانته (من وجهة نظره)، بينما في الحقيقة، السحرة اهتدوا للحق وآمنوا بالله.
—
4. محاولة إنكار الحقيقة أمام الناس
فرعون حاول إنقاذ هيبته فقال للسحرة:
> “آمنتم له قبل أن آذن لكم؟ إنه لكبيركم الذي علّمكم السحر”
(طه: 71)
هذه محاولة يائسة لتصوير الأمر كـ “مؤامرة” من موسى والسحرة معًا، رغم أن السحرة كانوا خصوم موسى قبل لحظات.
—
5. فشله في كسرهم بالتهديد
فرعون هدّدهم بالقتل والصلب، لكنهم ثبتوا وقالوا:
> “لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا”
(طه: 72)
فقد خُدِع بهم حين ظنهم عبيدًا له، فإذا بهم أحرار القلوب، مخلصون لله بعد رؤيتهم الحق.
—
الخلاصة:
فرعون خُدع بالسحرة لأنه:
أساء فهم المعجزة وظنها سحرًا.
اعتمد على السحرة كأداة دعائية وسياسية.
فوجئ بأنهم انقلبوا عليه بإيمانهم، مما فضحه أمام الشعب.
موقف قوم فرعون (أي عامة الناس والملأ من قومه) تجاه دعوة موسى عليه السلام كان متذبذبًا ومتأثرًا بسيطرة فرعون، وقد اتخذ عدة أوجه:
—
1. الخوف من فرعون
الكثير من قوم فرعون كانوا خائفين من بطشه، لذلك لم يُظهروا إيمانهم حتى لو عرفوا أن موسى على حق.
قال الله تعالى:
> “فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم…”
(يونس: 83)
—
2. التأثر بدعاية فرعون
فرعون خدع قومه وضللهم، وقال:
> “ما أريكم إلا ما أرى، وما أهديكم إلا سبيل الرشاد”
(غافر: 29)
فاستخدم الخطاب الإعلامي والمكر السياسي لإقناع الناس أن موسى يريد الفتنة والانقلاب.
—
3. إنكار المعجزة وتكذيب موسى
كثير من قوم فرعون رفضوا الإيمان بالمعجزات، رغم رؤيتهم لها، لأن قلوبهم كانت مغلقة، لا لأنهم لم يفهموا.
—
4. التكبر واتباع الملأ
كبار القوم (الملأ) كانوا مصدر التأثير، وكانوا مستفيدين من الوضع السياسي والديني القائم، لذا رفضوا التغيير واتهموا موسى بالسحر.
—
5. النهاية: الهلاك مع فرعون
لما أصروا على الكفر واتبعوا فرعون، هلكوا معه غرقًا في البحر:
> “فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم. وأضل فرعون قومه وما هدى”
(طه: 78–79)
—
خلاصة الموقف:
قوم فرعون كانوا مزيجًا من:
خائفين سكتوا عن الحق.
مخدوعين بإعلام فرعون.
مستكبرين رفضوا دعوة موسى. فلم يؤمن
منهم إلا قلة مؤمنة صابرة، وهلك أكثرهم بسبب كفرهم واتباعهم الطاغية.
فرعون لما رأى السحرة يؤمنون بالله فورًا بعد معجزة موسى، غضب غضبًا شديدًا، واعتبر ذلك تمردًا عليه، فأعلن تهديده المشهور بالعذاب:
—
تهديد فرعون للسحرة:
قال الله تعالى:
> “قال فرعون: آمنتم به قبل أن آذن لكم؟ إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتُخرجوا منها أهلها، فسوف تعلمون. لأُقطعنّ أيديكم وأرجلكم من خلاف، ولأُصلبنّكم أجمعين.”
(الأعراف: 123–124)
—
تفصيل العذاب الذي توعدهم به:
1. تقطيع الأيدي والأرجل من خلاف:
أي يقطع اليد اليمنى مع الرجل اليسرى، أو العكس. وهذا أشد أشكال التشويه الجسدي والعذاب.
2. الصلب:
بعد التقطيع، يتم صلبهم أحياء أو بعد القتل، ليموتوا ببطء على أعين الناس، ويكونوا “عبرة” لكل من يتجرأ على معارضة فرعون.
3. العذاب الجماعي:
لم يُفرق بينهم، بل قال: “أجمعين”، أي سيُعذبهم كلهم، ليؤكد سلطته ويكسر الإيمان الجديد.
—
لكن السحرة ثبتوا!
ورد ردّهم العظيم في القرآن:
> “قالوا إنا إلى ربنا منقلبون. وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا. ربنا أفرغ علينا صبرًا وتوفنا مسلمين.”
(الأعراف: 125–126)
—
الخلاصة:
فرعون عذّب السحرة بــ:
التقطيع الوحشي.
الصلب المهين.
لكنه لم يستطع كسر قلوبهم، لأنهم رأوا الحق وثبتوا عليه، فأصبحوا من أوائل الشهداء في سبيل الله.
نهاية فرعون في القرآن الكريم
نهاية فرعون كانت عبرة كبرى وواحدة من أعظم مشاهد العدل الإلهي في التاريخ، وقد فصّلها القرآن الكريم في أكثر من موضع:
—
1. مطاردة موسى وقومه
بعد أن أذن الله لموسى أن يخرج ببني إسرائيل، لاحقهم فرعون وجنوده بغطرسة، يريد أن يُعيدهم للعبودية أو يقتلهم.
> “فأرسل فرعون في المدائن حاشرين. إن هؤلاء لشرذمة قليلون… فأخرجناهم من جنات وعيون… كذلك وأورثناها بني إسرائيل”
(الشعراء: 53–59)
—
2. معجزة شق البحر
الله أمر موسى أن يضرب البحر بعصاه، فانشق البحر طريقًا يابسًا، فعبر موسى وبنو إسرائيل.
> “فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم”
(الشعراء: 63)
—
3. غرق فرعون
دخل فرعون وجنوده البحر متوهمين أنهم قادرون على اللحاق بهم، فأطبق الله عليهم البحر وأغرقهم.
> “فأغرقناهم في اليمّ بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين”
(الأعراف: 136)
—
4. اعتراف فرعون لحظة الغرق
عند الغرق، أعلن فرعون إيمانه متأخرًا:
> “قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين”
(يونس: 90)
لكن الله رفض إيمانه لأنه جاء متأخرًا، بعد أن عاين الهلاك:
> “آلآن؟ وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين؟”
—
5. نجاة جسده عبرة للعالمين
الله جعل جسد فرعون ينجو، ليكون آية وعبرة تاريخية:
> “فاليوم نُنجّيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية، وإن كثيرًا من الناس عن آياتنا لغافلون”
(يونس: 92)
—
الخلاصة:
فرعون هلك غرقًا بطغيانه.
حاول الإيمان لحظة الموت، لكن لم يُقبل منه.
بقي جسده محفوظًا (كما يُعتقد أنه في المتحف المصري اليوم) ليكون عبرة للبشرية.
الآيات القرآنية الشريفة والأحاديث النبوية التي وردت عن فرعون، وهي تُظهر مدى طغيانه، ونهاية أمره، والعبر التي نستخلصها من قصته:
—
أولًا: الآيات القرآنية عن فرعون
1. فرعون وطغيانه:
> “إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعًا، يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم، إنه كان من المفسدين”
(القصص: 4)
2. دعوة موسى لفرعون:
> “اذهب إلى فرعون إنه طغى، فقل هل لك إلى أن تزكى، وأهديك إلى ربك فتخشى”
(النازعات: 17–19)
3. تكذيبه وعاقبته:
> “فكذب وعصى، ثم أدبر يسعى، فحشر فنادى، فقال أنا ربكم الأعلى، فأخذه الله نكال الآخرة والأولى”
(النازعات: 21–25)
4. غرق فرعون:
> “فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم، وأضل فرعون قومه وما هدى”
(طه: 78–79)
5. توبته المتأخرة ورفضها:
> “حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين. آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين؟”
(يونس: 90–91)
6. نجاة جسده عبرة للناس:
> “فاليوم نُنجّيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية”
(يونس: 92)
—
ثانيًا: الأحاديث النبوية عن فرعون
1. فرعون من أشد الناس عذابًا:
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
> “أشد الناس عذابًا يوم القيامة رجل قتله نبي، أو قتل نبيًا، وإمام ضلالة، وممثل من الممثلين”
(رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني)
ويُفهم أن فرعون ينطبق عليه وصف “إمام الضلالة”.
—
2. فرعون في النار:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
> “عرضوا على النار غدوًا وعشيًا، ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب”
(رواه البخاري ومسلم، عن ابن عباس)
تفسير: آل فرعون (بمن فيهم هو) يُعرضون على النار صباحًا ومساءً وهم في البرزخ، وهذا عذاب مستمر حتى يوم القيامة.
—
3. فرعون رمز الطغيان:
النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو:
> “اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، وأعوذ بك من عذاب القبر”
وفي دعاء آخر:
“اللهم اجعلني لا أظلم ولا أُظلم، ولا أكون جبارًا شقيًا كفرعون”
(رُوي بألفاظ متقاربة في كتب الأدعية)
—
خلاصة:
فرعون رمز الطغيان والتجبر.
هلاكه كان عبرة للأمم.
قصته تتكرر كثيرًا في القرآن لتذكير الناس ب
عاقبة المستكبرين.
النبي صلى الله عليه وسلم حذّر من السير على طريق فرعون في الظلم، الكبر، وتضليل الناس.
قصة سحرة فرعون مليئة بالعبر العظيمة، ومن أبرز الفوائد والدروس التي نستفيد منها:
—
1. سرعة التحول إلى الحق عند وضوحه
السحرة كانوا من أشد الناس تعلقًا بالسحر، لكنهم آمنوا فورًا عندما أدركوا أن ما جاء به موسى ليس سحرًا بل معجزة من الله.
الدرس: لا تتعصب للباطل، وإذا ظهر لك الحق بوضوح، فاتبعه فورًا.
—
2. العلم الصحيح يقود إلى الإيمان
لأنهم أهل علم بالسحر، استطاعوا التمييز بين السحر والمعجزة، فقادهم علمهم إلى الإيمان.
الدرس: المعرفة والعلم الصادق إذا طُلبا بإخلاص، يقودان صاحبهما إلى الإيمان بالله.
—
3. الثبات على الإيمان رغم التهديد
فرعون هددهم بالقتل والصلب، لكنهم ثبتوا وقالوا:
> “لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات” (طه: 72)
الدرس: الإيمان الحقيقي يظهر عند الشدة، وهو يستحق التضحية.
—
4. لا تنفع السلطة ولا المال عند ظهور الحق
السحرة كانوا أدوات في يد فرعون، لكنه لم يستطع أن يمنعهم من الإيمان أو أن يشتري ضمائرهم.
الدرس: الحق لا يُشترى ولا يُخضع، ومن عرف الله صدقًا لا يخشى الطغاة.
—
5. الهداية بيد الله وحده
السحرة تحولوا من خصوم للحق إلى شهداء في لحظات، وهذا يدل على أن الله يهدي من يشاء.
الدرس: لا تيأس من هداية أحد، فالله قادر أن يقلب القلوب في لحظة.
—
6. الإخلاص والعمل الصادق يقودان إلى الجنة
السحرة لم يُطيلوا في العبادة، لكنهم آمنوا بإخلاص وصدقوا بالله، فصاروا من السابقين إلى الجنة.
الدرس: قد تُغني لحظة إخلاص عن سنين طويلة من الغفلة.
لماذا سجد سحرة فرعون دونا عن باقي الحاضرين وامنوا بالله و برسالة موسى……..
سبب ايمان سحرة فرعون -المشركين انذاك-وسجودهم لله تعالى بعد ان هزمهم موسى بمعجزته الربانية تلك.
قد يقول البعض مجيبا عن هذا السؤال:
لقد امن السحرة لان ثعبان موسى العملاق-الذي كان عصا- قد اكل ثعابين السحرة -عصيهم وحبالهم-الصغيرة .
الجواب.. لا.. ليس لهذا السبب.
تخيلوا معي المشهد التالي
اليوم : يوم الزينة احد اعياد مصر القديمة الفرعونية
الوقت : وقت الضحى
المكان : ساحة فسيحة
الحضور : موسى و اخوه هارون عليهما السلام وفرعون و حاشيته والسحرة الموالون لفرعون و المتشوقون الى هزم موسى و اخيه عليهما السلام طمعا في عطايا فرعون ووعوده.
الجمع الغفير من الناس الحاضر المتشوق لمعاينة هذا النزال
الذي يجمع بين الساحران -موسى و هارون في تصورهم- وسحرة فرعون ومعرفة الغالب من هذين الفريقين.
يبدا النزال بعد ذلك حيث كان السحرة اول من القى العصي و الحبال تحولت هذه العصي و الحبال تحت تاثير السحر الى ثعابين ملات الساحة .ثعابين يركب بعضها بعضا.
هنا في هذه اللحظة ….احس موسى عليه السلام بالخوف و كيف لا يخاف وهو يرى عصيا و حبالا قد تحولت -تحت تاثير السحر- الى ثعابين كثيرة.
و لكن الله سبحانه و تعالى يطمئن رسوله بان لا يخاف ولا يحزن لانه هو الاعلى بمعجزة الله سبحانه و تعالى حيث يامره بان يلقي عصاه.
و القى موسى عليه السلام عصاه و هنا حدثت المعجزة
لقد تحولت هذه العصا بقدرة الله سبحانه و تعالى و معجزته – لا بسحر يسحر الاعين – الى ثعبان حقيقي هائل التقم ثعابين السحرة -حسبما شاهده موسى وهارون عليهما السلام وفرعون و ملاه و الجمع الغفير من الحاضرين باسثتناء السحرة الذين شاهدوا شيئا اخرا مختلف تماما عما شاهده كل هؤلاء هذا الشيء الذي شاهده السحرة هو الذي جعلهم يسجدون لله تعالى و يسلمون له قائلين : امنا برب العالمين رب موسى و هارون .
فماذا شاهدوا ؟
معلوم ان الساحر لا يسحر نفسه و لا يتاثر بسحر ساحر اخر مثله كغيره من الناس العاديين.
و هذا هو ما حدث فعلا
فعندما القى هؤلاء السحرة عصيهم و حبالهم.جميع الناس بما فيهم موسى و اخوه عليهما السلام و فرعون و حاشيته و باقي الحاضرين رأوا ان هذه الحبال و العصي قد تحولت الى ثعابين باسثتناء السحرة الذين رأوا عصيهم وحبالهم على نفس هيئتها-لم تتغير- لان الساحر لا يسحر نفسه.
ولكن حينما القى موسى عصاه تحولت هذه العصا بمعجزة من الله الى ثعبان هائل اكل ثعابين السحرة حسبما شاهده جميع الحاضرين باستثناء السحرة الذين رأوا ثعبان موسى عليه السلام عصاه تلتقم عصيهم و حبالهم وليس ثعابينهم حسبما راى الحاضرون.
فلو كان موسى ساحرا مثلهم لرأوا عصاه -وليس ثعبانه الحقيقي- تاكل عصيهم و حبالهم .
هنا ادرك السحرة ان موسى و هارون عليهما السلام مؤيدان من الله بمعجزة وانهما رسولا رب العالمين و ليسا ساحران.
فخروا سجدا لله تعالى وامنوا به و برسالة موسى وهارون وكان ما كان بعد ذلك من تعذيبهم و قتلهم على يد فرعون لعنه الله . حيث كانوا قد اصبحوا كفارا مشركين و باتوا شهداء مؤمنين .
خلاصة:
قصة سحرة فرعون تعلمنا:
أهمية اتباع الحق فور ظهوره.
أن العلم نور إذا اقترن بالإخلاص.
أن الثبات على الإيمان أعظم ما يقدّمه المؤمن لله.
زوجة فرعون، وتُعرف في القرآن الكريم باسم آسية بنت مزاحم، كانت من المؤمنات الصالحات، وقد آمنت سرًا بدعوة موسى، رغم أنها زوجة أكبر طاغية في التاريخ.
—
موقفها:
لما عرفت صدق موسى عليه السلام، آمنت بربه وأخفت إيمانها.
لكن فرعون اكتشف أمرها، فغضب وأراد أن يجعلها عبرة لغيرها.
—
كيف عذبها فرعون؟
رُوي في كتب التفسير والآثار (مثل تفسير ابن كثير) أن فرعون:
1. ربطها من يديها وقدميها في الأرض.
2. أمر جنوده أن يضربوها بالحجارة أو السياط ضربًا شديدًا.
3. تركوها في الشمس للتعذيب، وهددها بالقتل إن لم تكفر بالله وتعود لعبادته.
4. لكنها ثبتت على إيمانها، وكانت تدعو الله في أثناء التعذيب.
—
دعاؤها المشهور في القرآن الكريم:
> “ربِّ ابنِ لي عندَك بيتًا في الجنة، ونجّني من فرعونَ وعملِه، ونجّني من القوم الظالمين.”
(التحريم: 11)
—
نهايتها:
ماتت صامدةً مؤمنة.
قال العلماء: لما رأت مكانها في الجنة كشفه الله لها، ابتسمت، فغضب فرعون وقال: “انظروا! لقد جُنّت!”
لكنها كانت ترى ما لا يرون: النعيم المقيم.
—
الخلاصة:
تعذيب فرعون لزوجته كان جسديًا قاسيًا، لكنه لم يستطع كسر إيمانها.
أصبحت آسية بنت مزاحم من أعظم نساء الجنة، وضُرب بها المثل للناس جميعًا في الإيمان والصبر.
فرعون هدد موسى عليه السلام عدة مرات، وبتصاعد في التهديد، وكان يريد من ذلك منع دعوته، وإرهاب الناس من اتباعه، لكن موسى بقي صامدًا. إليك أبرز تهديدات فرعون كما وردت في القرآن:
—
1. التهديد بالقتل:
قال فرعون لقومه:
> “ذروني أقتل موسى وليدعُ ربه، إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يُظهر في الأرض الفساد.”
(غافر: 26)
التفسير:
فرعون كان يدّعي الخوف على دينهم، لكنه في الحقيقة خاف على سلطته ومكانته، فأراد قتل موسى.
—
2. التهديد بالسجن:
عندما أظهر موسى معجزته (العصا واليد البيضاء)، قال فرعون له:
> “لَئِنِ اتخذتَ إلهًا غيري لأجعلنّك من المسجونين.”
(الشعراء: 29)
التفسير:
فرعون رفض التوحيد واعتبر أن عبادة الله مخالفة لسلطانه.
—
3. السخرية والاستهزاء:
> “أم أنا خيرٌ من هذا الذي هو مهينٌ ولا يكاد يُبين؟”
(الزخرف: 52)
التفسير:
سخر من موسى بسبب لسانه (عقدته)، ليضعف تأثيره أمام الناس.
—
4. التشكيك والاتهام بالسحر:
> “إن هذا لساحر عليم. يريد أن يُخرجكم من أرضكم بسحره، فماذا تأمرون؟”
(الشعراء: 34–35)
التفسير:
اتهمه بالسحر والانقلاب على الدولة، ليفزّع الناس ويكسب تأييدهم.
—
موقف موسى من تهديدات فرعون:
رغم هذه التهديدات، موسى لم يتراجع، بل قال:
> “إني عذتُ بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب.”
(غافر: 27)
—
الخلاصة:
فرعون هدد موسى بـ:
القتل
السجن
السخرية والتشويه
التحريض والاتهام
لكن موسى عليه السلام كان ثابتًا، مستندًا إلى ثقة بالله، ويقين في النصر