سيمون.. صوت الوعي بذكرى الثورة: لما النجومية بتختار الصمت، والناس بتختار تصغي بقلم الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر

سيمون.. صوت الوعي بذكرى الثورة: لما النجومية بتختار الصمت، والناس بتختار تصغي
بقلم الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر
بزمن عم يغرق بضجيج الآراء والتصريحات والمواجهات الإلكترونية، بزمن كل واحد فيه بيحكي وبيجادل وبيحاول يفرض نظريتو كأنو عم يعمل انقلاب عالفكر، بتطلع نجمة من الزمن الجميل، بصوت هادئ بس مواقفو أعلى من المايكروفونات، بتنشر كلمات قليلة بس بتِعِبّي المساحات الفاضية بالمعنى. سيمون، الاسم يلي ما بيغيب عن الذاكرة، والوجه يلي بيتحمّل ملامح العصر وبيختار يقول “لا”، مش بالمواجهة، بل بالاختيار. وبهيدا اليوم، يوم ٢٣ يوليو، الذكرى الـ٧٣ للثورة، قرّرت ما تحكي عن الثورة بمعناها السياسي أو التاريخي، بل تعيد تعريفها من خلال ثورة داخلية، ثورة على السطحية، على الاستفزاز، على الجدل الغير مفيد. ومن خلال منشورها، تصدّرت التريند، مش بصورة مستفزة، ولا ببوست مثير، بل بجملة بتشبه عقلها وروحها: “من بداية حياتي، عمري ما حاولت اتكلم أو أرد على أي حاجات تخصني أو تخص الآخرين، إيجابية أو سلبية..”.
المنشور مش طويل، بس فعاليته مثل طلقة هادفة، مش قاتلة. بتقول سيمون إنها ما كانت يوم من الأيام صوت عم يرد على كل نقد أو يفسّر كل موقف. بتعرف إن الزمن كفيل بكل شي، والزمن هو الفيصل بين الحقيقة والوهم، بين النية والنتيجة. ويمكن هيدي الجملة بالذات، “الزمن كفيل بكل شي”، هيي الثورة الحقيقية يلي بتقودها سيمون بفكرها من دون منابر، من دون شعارات. الثورة بالنسبة لإلها، مش بس كانت حركة بالشارع بـ١٩٥٢، بل هي حركة يومية داخل الضمير، والوعي، والروح.
بتكمّل سيمون وبتقول: “طول عمري بتكلم باللي عايزة أتكلم فيه، وبطريقتي، والاختيار ليّ، في الوقت اللي يناسب الحياة ويناسبني.” هيدي الجملة لحالها بتكفي تنحفر على جدران الميديا الاجتماعية. عم بتعلن بوضوح إنو الميكروفون بإيدها، بس ما بتستعمله إلا وقت بتقرر، وما بتدخل بحدود الآخرين إلا وقت بترسم حدودها الشخصية. ما بتساير ولا بتناور ولا بتحب تجاري تيار تريندات بيوم ويومين، هيي تريند بروحها، بثقافتها، بثباتها.
ويمكن لو بدنا نحكي جد، منشور سيمون هوي بحد ذاتو درس علني للكل. لأنو من وقت ما نزل، قلب الموازين وصار حديث الناس، وصاروا الكل يتداولوه مش لأنو بيكشف فضيحة، ولا لأنو بيتحدى حد، بل لأنو بسيط، وصادق، وعميق. وهيك، بلحظة صمت حقيقي، قدّرت سيمون توصل أكتر من كل يلي بيصرخوا تيبينوا، وتقدّمت على نجوم عم يسعوا جاهدين يتصدروا التريند ولو بكلمة رخيصة.
مش أول مرة بتفاجئنا سيمون بذكاءها، ولا أول مرة بتصير حديث الناس من دون ما تطلب. هيي ببساطة ما بتطلب، بتكون. بتفرض احترامها بدون صراع، وبتفرض حضورها بدون شو. وقت بتكتب #خليك_ايجابي و#فكر_واختار_صح، ما عم تعمل حملة تسويق، عم تعمل حركة توعية. ووقت بتقول “ودي شخصيتي”، ما عم تعتذر، عم تعلن استقلالها الفكري. هيدي هيي الثورة، مش بس ضد استبداد سياسي، بل ضد استبداد التفكير الجماعي، ضد العشوائية، ضد النمط، ضد الرد العشوائي عالسوشيال ميديا.
وسيمون، متل دايمًا، بتعلّمنا كيف نكون أوفياء لذاتنا، مش لخيال الآخرين عنّا. بتعلّمنا كيف ننتقي الكلام، مش لأنو ما في عنا رأي، بل لأنو رأينا أثمن من أنه ينرمي بهدر. وبمناسبة ذكرى الثورة، كتير مناسب إنو وحدة من نجمات الوعي تختار تبني ثورة بالمعنى الأوسع: ثورة على التفاهة، على الاستسهال، على الردود السطحية، على اللغو، على كل شي بلا قيمة.
اليوم، صار فينا نقول إنو سيمون مش بس بتتصدر التريند، بل بتعلّمنا إنو “التريند” مش غاية، بل وسيلة توصل من خلالها رسالة أرقى. ومتل ما الثورة بـ٢٣ يوليو بدّلت وجه التاريخ، منشور سيمون بدّل وجه المحتوى، وردّنا نحترم من جديد كلمة “اختيار”. نحترم الصمت كقوة، ونحترم الشخص يلي بيقرر يحكي لما يحس إنو الوقت صار ناضج للكلام.