شهوة الطين

شهوة الطين
الشاعر علي السيد
تيبسَ حلق الماءِ والملحُ خاذله
فأمسى بوجهِ الريحِ والبحرُ ثاكله
ومدَّ على الآفاقِ صوتَ ندائهِ
وحيداً تعرى والعراءُ منازله
وألقىٍ بيم الشانئاتٍ نسائماً
خماصاً تلوك الليلَ تبكي معاقله
خليلكَ مغلوبٌ أطاعك أو عصى
وحيكت بصدرِ الداجياتِ حبائله
رأى فوقَ سفحِ الطورِ ضوءً يشدهُ
فعادَ والواحُ السماءِ تُسائله
وآبت ذنوبُ الخوفِ تملأُ كأسها
وفي شهوةٍ للطينِ والطينُ ناهله
إذا ما طغى الطوفانُ فوقَ سحائبٍ
فقل لي بهذا الطودِ ما انتَ فاعله
ومازالَ ذاكَ الموتُ يدفعُ موته
يحاولُ أن ينأى إلى ما يُحاوله
ويحملُ أقداماً تسيرُ لغربةٍ
ويمضي كظلٍ والظلالُ تجامله
تبسمَ في عينِ البروق براءةً
ولم يكُ يدري أنهُ الشذو قاتله
يطالبُ دهراً بالذي ليس عنده
و يَشغِلُها الدنيا بما لا تشاغله
يموتُ الفتى حياً و يُكسر سيفهُ
إذا ماتَ منهُ عزمُهُ و شمائله
يظلُ على الأرماحِ يقطرُ فوحَهُ
كغيمٍ على الصحراءِ والدمُ وابلهُ
ويهدي إلى هذا الزمانِ وروده
ليُهدى إليهِ سوطهُ و قنابله
سيفرحُ إن أبلى الظلامُ اتساعهُ
و يحزنُ إن ضاقت عليه أصائلهُ