مقالات

ضل  الحيطة .. بقلم أماني محمد صالح

 

ضل  الحيطة

أماني محمد صالح.. السودان

كثيرة  هي الأمثال السودانية القديمة التي قد نتفق معها  أو لا ، فلكل عصر مفاهيمه ومعطياته التي  تحكمه  وليس بالضرورة أن تكون هذه  الأمثال  صالحة  لكل  زمان.

بعض هذه الأمثال تحمل الكثيرمن الدروس والعبر  نستفيد منها  في حياتنا ؛ فالحياة  مدرسة كبيرة نكتسب فيها الخبرات من المواقف الحياتية التي نتعرض لها سواء  كانت مواقف سلبية أو إيجابية  فكلاهما يضيف إلى رصيد الإنسان وتشكل  شخصيته  وتؤثر  فيه.

فتجارب الحياة هي المدرسة الحقيقية التي نأخذ منها الدورس والعبر  التي نواجه بها الحياة بكل ما فيها ،  فالعاقل من خرج من كل تجربة  بدروس ومفاهيم جديدة ولا يمر بها مرور الكرام كأنها  أحداث تمر مرور السحاب.

من الأمثلة  الشائعة التي نتوقف  عندها  مرارا  ونعتبرها من  الأمثال المجحفة في حق النساء باعتبارها نصف المجتمع إن لم  نكن كله هو المثل القائل: ( المرة كان فاس ما بتقطع راس!!) من القائل؟ لا أعرف! لكنه من الأمثال السودانية  الشائعة التي ترفض  جملة وتفصيلا، فالمرأة هي الأم وليست هنالك  أعظم ولا أصعب من  الأمومة والتربية والسهر  وغيرها  من الأدوار التي تقوم بها المراة ؛ فالمرأة في رأيي  هي كل المجتمع..  فالمرأة  يمكنها القيام بدور الرجل والمرأة عكس الرجل  الذي  لا يستطيع   فعل ذلك.

فالمرأة السودانية مثلا..   قوية وقادرة أن تكون  مثل (فأس) وتقطع رأس.

وعلى مر العصور  مع اختلاف الزمان وتعاقب الأجيال منذ زمن مهيرة إلى الكنداكة إلى وقتنا الحالي لا أحد يستطيع نفي ما  قدمته  المرأة السودانية  في ثورتنا  وما زالت تقوم به حتى الآن.

 

فهي تناضل جنبا إلى جنب بجانب الرجل بل ويستمد منها القوة والعزيمة والإصرار  على الاستمرار  حتي تحقيق كل المطالب  فهل  هذه لا تقطع رأس ؟!

ضل راجل ولا ضل حيطة هي مقولة أو مثل  متدوال  بشكل كبير  وتقال دائما للفتيات  عندما يتوقفن في اختيار شريك حياتهن  والذي يعتبر  حق  من حقوقهن الأساسية.

وقبل نتحدث عن الشريك هنالك نقطة مهمة تحسم هذا الجدل أن تعليم المرأة وتمتعها باستقلالتها المادية يجعلها تبحث الشريك والسند الحقيقي لا عن من ينفث عليها ومقدار الرجل لمعنى الشريك تكون الحياة أكثر تفهما لا بحث عن مصالح لتحقيقها من الطرفين

فنتوقف  قليلا عند كلمة شريك فالشريك يعني المشاركة في كل شيء في الحياة.. في الأحاسيس.. المشاعر.. وفي  مواجهة معارك الحياة سواء كانت  فرح أو حزن  الخ ..

هذا الشريك هل يعقل أن يتم اختياره  بمنطق (ضل  راجل ولا ضل حيطة).. هذا الرجل من المفترض ان يكون السند  والشريك  بمعناه الحقيقي أم مجرد (ضل) فقط؟ ماذا تريد   من هذا الظل؟

ما المغزى  الحقيقي من هذا المثل؟ هذا المثل بعض المجتمعات حسب ثقافاتها  تعتبره من الأمثال  التي يجب أن تضعها الأنثى في اعتبارها عند اختيارها لشريك الحياة..  فتتزوج وفقا لمنطق (ضل راجل)..

فهي  قد تصيب أو تخيب على الرغم من أن كل الزيجات نتوقع فيها أن تصيب أو تخيب،  لكن أن يكون  مثل  هذا المثل والأمثال التي على شاكلته في ذهنها وهي تقدم على اختيار الشريك..  هو أمر مرفوض.

فهي وجهات نظر  قد نتفق أو نختلف عليها، كل  حسب الظروف المحيطة بها ما تقتضيه هذه الظروف  وأولوياتها، يجب  أن لا نتجاهل  هذه النقطة  مهما كان اختلافنا مع هذا المثل.

ضل راجل ولا ضل حيطة.. أعتقد أن السبب وراء هذا  المثل كان في سياق زمن  سابق  عندما كانت المراة لن أقول  ضعيفة  لأن  المرأة التي تربي الأجيال  في أي عصر هي قوية بفطرتها لكن..  ما أعنيه  كونها ليست متسلحة بالعلم، مستقلة  تتمتع باستقلاليتها  المادية والفكرية  في اعتقادي أن هذا هو (ضلها) وهذا هو سندها لأنه اذا افترضنا بأن هذا الظل  مثالي.. ورجل بمعنى الكلمة فالموت قد يفرقهم  وتجد نفسها بلا سند..

من سيكون (الضل) رغم إيماننا الكامل  بتسيير الأمور  من القادر لكن نتحدث  عن  المثل على سبيل التحليل الإجتماعي ومدى تأثير تدواله  في الاختيار.

أكثر ما يدعو للإستغراب أنه في عصرنا هذا  أغلب الرجال هم من يبحثون عن الفتاة التي تمتلك المال والجاه والوظيفة للإرتباط بها..  تاركين كل الصفات الأخرى..

البحث فقط عن المال إذا كان هنالك رجل فقط  يريد شريكة حياة تختصر لهم المشوار  من المسكن وغيره من مقومات الحياة بدل السعي لأن يبني  (عشه  قشة قشة).

فهل  يعتبر   مثل  هذا الرجل  من من يستحق  أن يقال عليه  مثل هذا المثل:  (ضل راجل ولا ضل حيطة)  ولا يحق لنا أن نقلب المثل ويصبح:( ضل  امراة وضل حيطة)  تماشيا مع معطيات  المرحلة  والتفكير.

طبعا  لم ولن أنسى وأنا أكتب هذا الموضوع، القوامة ما أقره الشرع في هذا  الشأن  والمودة والرحمة والسكينة.. لكن نحن  هنا بصدد الحديث عن الحالة السابقة الذكر إذا كان  الرجل هو من يبحث عن من تمتلك المال والوظيفة وتختصر عليه المشوار..  هل هذا المثل  ينطبق عليه في هذه الحالة!؟

من هو الضل في مثل هذه الحالات وهل يمكننا استبدال  المثل:  (ضل  حيطة) ؟!

وكما قالت نوال السعداوي.عملوا بناتكم الاستقلال المادي حتى يبحث عن رفيق للحياة لا عائل عملوا أبناءكم الاستقلال المنزلي حتى يبحثوا عن حبيبة لا عن عاملة منزل

 

أماني هـانم

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى