عندما يتحول الحارس إلى لصّ.. التعليم في مرمى الغش
عندما يتحول الحارس إلى لصّ.. التعليم في مرمى الغش

عندما يتحول الحارس إلى لصّ.. التعليم في مرمى الغش
بقلم: محمود سعيد برغش
في واقعة مؤلمة تهز الثقة في منظومة التعليم، ألقت مديرية التربية والتعليم بمحافظة المنوفية القبض على أحد الملاحظين أثناء محاولته تصوير ورقة امتحان الجبر لطلاب الشهادة الإعدادية، وذلك في الدقيقة الأولى من بداية اللجنة.
المدهش في الأمر أن المتهم ليس طالبًا متورطًا، بل معلمًا يفترض أن يكون رقيبًا على النزاهة وضامنًا لعدالة الامتحان.
هذه الحادثة لا يمكن اختزالها في “خطأ فردي”، بل هي مؤشر خطير على خلل عميق يستدعي وقفة جادة. فإذا كان من أُوكلت إليه مسؤولية حماية الامتحانات هو من يسعى إلى اختراقها، فكيف نثق بالمنظومة؟ ومن يضمن أن الخيانة لم تصبح عادة؟
التحقيقات جارية، والإجراءات القانونية اتُّخذت ضد المعلم المتهم، في ظل تأكيدات الوزارة على أن الغش جريمة لا تسقط بالتقادم، ويجب التصدي لها بكل الوسائل. لكن يبقى السؤال المؤلم: هل تكفي الكاميرات والعقوبات لردع النفوس الضعيفة، أم أن المشكلة أعمق من ذلك؟
حين يغشّ المعلم، تتزلزل القيم في عيون الطلاب. يصبح الغش “ذكاءً” والخداع “مهارة”، وتتحول لجان الامتحانات إلى مسرح للفوضى. وهذا يستوجب أكثر من مجرد عقاب؛ بل يستوجب إعادة بناء الثقة، وتطهير المنظومة، وإعادة النظر في تأهيل من نضعهم داخل اللجان.
فالامتحان ليس مجرد اختبار معلومات، بل اختبار مبادئ. وإذا سقط القدوة، فمن يبقى ليرفع راية الصدق والانضباط؟
إن ما حدث اختبار للجميع: للوزارة، للمعلمين، وللطلاب. والنجاح الحقيقي اليوم ليس في اجتياز مادة، بل في إنقاذ منظومة تنهار حين يخون الحارس أمانته.