عين جالوت.. عندما انتصر العرب على الطوفان المغولي، فأين هم اليوم؟
عين جالوت.. عندما انتصر العرب على الطوفان المغولي، فأين هم اليوم؟

عين جالوت.. عندما انتصر العرب على الطوفان المغولي، فأين هم اليوم؟
كتب أشرف ماهر ضلع
في قلب فلسطين، وفي سهلٍ أخضر تحيط به الجبال، وقف العرب في وجه العاصفة، يومًا لا يزال محفورًا في ذاكرة التاريخ. معركة عين جالوت (3 سبتمبر 1260م) لم تكن مجرد نصر عسكري، بل كانت ملحمة صاغتها الإرادة، حيث وقف المماليك بقيادة سيف الدين قطز يدافعون عن آخر قلاع العالم الإسلامي أمام زحف المغول، الذين دمروا بغداد، وأحرقوا الشام، وأرادوا أن ينهوا كل ما تبقى من الحضارة الإسلامية.
هناك، في عين جالوت، لم يكن النصر مجرد سيوف مشهرة، أو خيول تركض فوق الدماء، بل كان نصرًا للإيمان والإرادة والقيادة الحكيمة. وعندما صرخ قطز بأعلى صوته: “وإسلاماه!”، لم يكن ذلك مجرد نداء معركة، بل كان صرخة التاريخ، التي أعادت التوازن إلى عالم كاد أن يسقط تحت سنابك خيل المغول.
بين الأمس واليوم.. أين العرب من عين جالوت؟
واليوم، بعد قرون من ذلك النصر المجيد، نقف أمام مشهد مختلف. لم يعد الخطر يأتي فقط من جيوش المغول، بل من الفرقة والشتات والتناحر الداخلي. العالم العربي، الذي كان ذات يوم قادرًا على إيقاف أعتى جيوش التاريخ، بات يعاني من انقسامات أضعفته، وصراعات داخلية جعلته سهل المنال أمام القوى الطامعة.
أين وحدة الصف؟ أين القيادة التي توحد الشعوب بدلًا من أن تفرقها؟ لقد أثبتت معركة عين جالوت أن العرب والمسلمين يستطيعون الانتصار متى ما توفرت لديهم الإرادة والقيادة الرشيدة والتخطيط السليم، فلماذا اليوم يغيب القرار العربي الموحد، بينما تعصف بالعالم أزمات كبرى تتطلب موقفًا صلبًا كصلابة المماليك في عين جالوت؟
درس التاريخ لا يُنسى
ما حدث في عين جالوت كان رسالة واضحة: لا شيء مستحيل أمام الإيمان بوحدة المصير، وأمام العزيمة التي لا تلين. قد تختلف المعارك، وقد تتغير الوجوه، لكن يبقى الدرس خالدًا: لا انتصار بدون وحدة، ولا قوة بدون إرادة، ولا كرامة بدون ثبات.
فهل نعيد قراءة التاريخ، ونتعلم كيف يكون المجد، أم نبقى أسرى الماضي، نتغنى ببطولات الأجداد دون أن نصنع حاضرًا يليق بهم؟