قراءة في المسلسل المصري “الغاوي” السيناريست محمد شامية
قراءة في المسلسل المصري "الغاوي" السيناريست محمد شامية

قراءة في المسلسل المصري “الغاوي”
السيناريست محمد شامية
يطلّ علينا الفنان أحمد مكي بعمله الجديد “الغاوي”، ويستوقفك مدى قرب شخصية “شمس”، التي جسّدها مكي، من شخصيته الحقيقية ونشأته، إن كنت من متابعي هذا الفنان الملهم وتمتلك إطلالة، ولو بسيطة، على حياته الشخصية. فيبدو وكأن العمل قد استُنبط منه وكُتب له خصيصًا.
لكن، برز كمًّا من العيوب الحكائية، مما يجعل أجمل ما في هذا العمل هو عدم خلو الشاشة من مكي؛ هذا الفنان الجميل، المتكامل، الذي نحتاج، كجمهور، لأن نراه خارج كاريكاتيراته المتكررة التي أحببناها في أعماله السابقة. فهو كوميديان صاحب نهج حداثي خاص وممتع إن قصد الإضحاك، وممثل أكشن ودراما مقنع، يمتلك كاريزما تمكّنه من تطويع أي شخصية مهما بلغت من تعقيد.
من أبرز سمات عمله الجديد، الوتيرة المتسرعة بالسرد وارتباكها؛ حيث نرى تقديمًا لما هو ثانوي على حساب الجوهري، وكأننا أمام نسخة مبدئية غير منضبطة للنص، بالكاد عكست تصور السيناريست لأجواء العمل ومعرفته بشخصياته. واستند العمل على هذا التصور فقط، ثم زاد الطين بلة عدم استغلال الإخراج كأداة سردية لردم هذه الهوّة، كما يجب، إذ كان ذلك ممكنًا بدرجة كافية لوضع العمل في نطاق المقبول، لكن المخرج مرّرها دون أن يعطي هذه الناحية حيزًا من تكنيكه.
كما لوحظ أيضًا ارتباك في عمليات المكساج، حيث كانت الموسيقى التصويرية تُستخدم أحيانًا بشكل مفرط، مما يقلل من تأثير المشاهد، وأحيانًا أخرى كانت غير منسجمة مع العاطفة الخاصة بالمشهد، ما جعل بعضها يبدو خارج السياق الدرامي.
وفُرضت الكوميديا و”الإفيهات” بشكل غير منسجم مع السياق، مما أضعف من الحبكة ومستوى التوتر، وانعكس ذلك بوضوح على حالة التعاطف والتماهي لدى المتلقي. فكنا أمام سيناريو أضعف من القصة نفسها، من حيث تراتبية المشاهد وصياغتها الفنية، وأسلوب السرد العام الذي بالكاد احتوى على حالة من التقديم والتأخير وعنصر المفاجأة الكافي لصناعة التشويق.
انحاز النص إلى الحوار غير المكثف أكثر من الصورة والحركة أثناء محاولة البرهنة والتفسير لما يحصل. لكن، والحق يُقال، لدى مكي رصيد من الحب والشعبية ما يجبرنا على احترام المحاولة، وإن كانت خيارًا لا يلبي حجم التطلعات منها. ونقول له: استمر في ثورتك على ذاتك، لأننا نثق بقدراتك، و”إحنا في ضهرك يا كبير”.
بقلم السيناريست والمخرج محمد شامية.