شعر و ادب

قراءة في فيلم فينش

قراءة في فيلم فينش

قراءة في فيلم فينش

بقلم السينارست. محمد شامية

الروبوت الذي تمت صناعته كي يعتني بكلب يقود البشرية للخلاص بعد كارثة بيئية تحل بالارض تدفع من تبقى عليها نحو الانقراض .. تخيل لو ان فلم جميل كهذا نفذ تحت هذا الملخص ! .. فقد الفيلم بصمته الخاصة ولم يذهب بعيدا عن التماسات والتقاطعات النمطية التي تقدمها افلام الخيال العلمي عادة بالرغم من امتلاكه فرصة ذهبية لذلك هدرها امام الاداء الشيق لتوم هانكز والدقة المتناهية بالاعتناء بالتفاصيل من ناحية تنفيذية اضافة للاخراج القوي ..

ظهرت سابقا افلام تانسن الآلة مثل فلم “تشابي” وكذلك فلم الانيميشن “والي” وتلك التي تتحدث عن حالة الوحدة والعزلة ما بعد الكارثة كفيلم “انا اسطورة” لكن كان لكل منها قدرته على اعطاء المسار الجديد للحكاية والرسالة التي يتبناها .. انحصرت الاحداث في فلم فينش بحقبة وجود العالم فينش المحتضر الذي سارع بتصنيع روبوت يعتني بكلبه من بعده عندما شعر ان ايامه باتت معدودة لكن هذا الروبوت الفضولي لم يتم استثمار مزاياه حكائيا كي يحدث تغييرا بات قادرا عليه مستعينا بالقواعد والسلوكيات التي لقمه اياها صانعه كي يتمكن وحيدا اما من تطويرها او كسرها تكيفا مع الوضع بما يخدم بقائه ويخدم انقاذ الحياة على الكوكب الذي دمرته انانية البشر من جهة ومن جهة ارضاء شعوره المستمر بالخذلان من كونه آلة عديمة الفائدة

كما قدمه الفلم “هذا إن تجاهلنا غياب المبرر التقني الذي يجعل من آلته ذات وعي وادراك كما فعلوا باعمال اخرى” .. تصور كم التشويق والبلاغة التي سنشهدها عندما نرى روبوتا اصبح اكثر انسانية منا ويفهمنا اكثر مما نفهم انفسنا ويقودنا الى الخلاص مكافحا عنصر الجريمة ومؤسسا لمجتمع لا مكان فيه للخارجين عن السرب .. هذا الانعطاف الرهيب كان ليجعل من فلم فينش الاعظم بين كل ما نفذ حتى الان لولا انحصار الاحداث في حقبة العالم فينش ومعاناته مع تعليم الروبوت ومسابقة الزمن قبل وفاته ليكون سقف انجازات هذا الروبوت الفضولي الذكي هو قدرته على الاعتناء بالكلب متجاهلا ماساة كوكب كامل في حين ان لحظة ادراكه مدى هشاشة سياسة الهرب المستمر التي كان ينتهجها صانعه البشري والتي لن تفضي عاجلاام آجلا الى نتائج تذكر ستكون هي اللحظة المرتقبة من قبل المشاهد بل والفكرة الواجب تقديمها اصلا ..

حبكة الفيلم بالكاد تطرقت واظهرت التكتلات البشرية التي يخافها العالم فينش ويعيش بذعر مستمر منها وهي التي تجبره على التنقل والهروب المتكرر والعيش وحيدا معتبرا انعدام الثقة بالآخر قانونا وكان للعواصف والاتربة وعوامل الطبيعة النصيب الاكبر من المعاناة رغم انها ليست الخطر الداهم الوحيد ! .. هذا التوزع شبه الاحادي لعامل التازيم في احداث الفلم اخذ من بريقه كذلك لا شك .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى