
قصة” السر”
بقلم / نشوة أبوالوفا
الفصل الثالث والختام
باع عبودي شقتهم القديمة، وأعطاني كامل نقود شقتي التي كنت أقطنها مع أنور وبحثنا عن شقة تناسب امكانياته ووجدناها وشرعنا في تأثيثها، صممت إحسان أن يأتي عبودي ليقيم معنا بدلًا من الفندق فعقدنا القران لكيلا يتناول أحد سيرتي،
وأقام معنا في شقتي القديمة على مضض، وصمم أن لا أصرف قرشًا واحد ما دمت على ذمته، لم نكن نرى بعضنا إلا لحظات قليلة فلقد كان دائم الاقامة بالشقة الجديدة مع العمال ليتابع معهم العمل، أنهينا الشقة والأثاث وحددنا موعد الحفل كان حفلًا جميلًا في باخرة راسية على النيل، وحجز لنا في فندق بشرم الشيخ لتمضية شهر العسل، بعد حفل الزفاف ذهبنا مباشرة للمطار بفستان الزفاف الذي اخترته بسيطًا بلا تكلف ملائمًا للسفر، وصلنا للفندق وصعدنا غرفتنا، كنت أنظر للغرفة معجبة بتشكيل الإوز والورد الذي وضع على السرير كترحيب بنا.
احتضنني من ظهري قائلًا: يا الله أخيرًا تحقق حلمي طوال عمري بأن أضمك لذراعي.
فاستدرت له لأواجهه قائلة: طوال عمرك كيف ذلك؟!
قال وهو يلعب في شعري الذي أضحي حريريًا بفعل البروتين: لقد أحببتك يا سارة يوم ولدت يوم حملتك بين ذراعي وأنتِ وليدة، قلت لنفسي هذه لي، مع أني كان عندي وقتها سبعة سنوات، ولم أخبر أحدًا أني أحبك، لكن وجدتك دائمًا مع أنور تميلين له، فآثرت الصمت لهذا كنت دائمًا خشنًا في تعاملي معك، كنت أخشى أن تفضحني طيبتي معك، يوم أن أعلنت خطوبتكما أحسست أني طعنت في قلبي،
وبزواجكما اكتمل موتي لهذا رفضت الزواج فكيف تسكن قلبي أنثى غيرك، لم أستطع أن أفعلها أبدًا، كنت أحس أن أنور يتلاعب بك لكني لم أستطع الكلام فلقد كنت أراكِ في غاية السعادة معه، ولم أكن لأسمح لنفسي أن أكون أنا سببًا في تعاستك،
أنا أعشقك يا ساره أعشقك.
– يا عبودي أنا …
– بدون أنا، لم يعد لأنا مكان، هناك نحن ونحن فقط، أعلم أنكِ لن تنسي أنور ولكِ ذكريات معه لكن وجودك معي وحبي لك الذي سترينه سيكون لك ذكريات جديدة تفوق تلك القديمة، وهذه أولها…
قبلني قبلة لا أستطيع أن أصفها لقد زلزل كياني، الآن تيقنت أن أنور لم يحبني لقد أحسست بفيضان مشاعر عبودي وبحنانه من قبلته، كانت شيئًا آخر لا وصف له سأظلمه إن وصفته، حقًا إنه يحبني بصدق، ذبت معه انصهرت في بوتقة مشاعره التي بثها لي بهدوء، وتروي يشوبه اشتياق لا حد له، احتضنني بقوة لنغفو في سبات عميق.
حياتي مع عبودي كانت نعيمًا لا يشوبه شيء.
إحسان توفيت بعد زواجنا بفترة قليلة، بالتحديد يوم أن اكتشفت حملي، كانت في قمة السعادة ونامت ولم تستيقظ، مرت شهور الحمل وأنا في غاية الدلال عبودي كان يعاونني في كل شيء، كان يترك عمله كثيرًا ليأتي ويعتني بي، رغم أنه أحضر لي خادمه، فحالته المادية تحسنت كثيرًا بعد أن أصبح مقصدًا لكثير من الأثرياء في تصليح سياراتهم لما اشتهر عنه من أمانه ودقه في الإصلاح.
وضعت طفلتي، اسماها عبودي نور، لتكون نور حياتنا، كنت طالبت الممرضة والأطباء بألا يسمحوا له بأن يدخل لي إلا بعد أن أفيق تمامًا وأنقدتهم من أجل ذلك مبلغًا ليس بقليل بعيدًا عن معرفه عبودي، كنت أخشى من البنج وما سأقوله
عندما أفقت وتأكدوا من إفاقتي الكاملة سألت الممرضة: هل قلت شيئًا في البنج؟
قالت: كلها أشياء غير مفهومه مجرد كلمات، أنور، البانيو، قهوة، إحسان، فقط.
ضحكت وقلت لها: أنور اسم زوجي السابق، من الجيد أنني طلبت منكم ألا يدخل لي عبودي إلا بعد افاقتي.
ضحكت قائلة: إنه بالخارج يحمل الطفلة، وسأل عنكِ أكثر من عشر مرات، إنه يحبك جدًا.
– وأنا أحبه جدًا ادخليه بسرعة.
دخل عبودي وحملت طفلتي نور حياتنا وثمرة حبي.
سعادتي بأني لم أتلفظ بحديث يوجه الشك لي كانت تعادل سعادتي بوليدتي.
كنتُ نقية النفس صافية النية بذلت من أجل أنور كل غالٍ ونفيس، كان هو العالم كله، ربما كان لدي أغلى من نفسي، كان هو محور حياتي، وعلى قدر المحبة يأتي الانتقام، كما عشقته وذبت في هواه كان يجب أن يكون انتقامي، انتقام لم أتخيل أنني أنا من قد يفعله حتى في أسوء كوابيسي.
لكنه حقًا أخرج أسوء ما في نفسي، فعندما ينقلب البشر على بعضهم، تكون أشرس الحيوانات أحن منهم.
تريدون معرفه سري؟!
هل ستتحملون معي ما فعلته؟!
هل تستطيعون كتمان السر؟!
إذا كانت إجابتكم نعم تعالوا معي…
تذكرون ذلك اليوم بعد أن اكتشفت حقيقة أنور
بعد أن جلست أعقد خططي مع ذلك الشيطان الذي سيطر عليّ وقتها، اختمرت الفكرة في رأسي يجب أن أنتقم من الكل، كل من أساء لي سأنتقم منه…
أنور الذي حطم قلبي، إحسان التي كانت تريد تزويجه، حتى غادة التي كانت تتنمر عليّ.
كنت قد اشتريت شقة في منطقة نائية لا جيران لها، كنت وضعتها في قائمه اهتماماتي لأجعلها مفاجئة لأنور
فاشتريت كميات من الأسيد من أماكن متفرقة وخزنتها في الشقة، وأعددت خطتي، منحت الخدم عطلة، واتصلت به من هاتف عمومي لأخبره أن يضع الحقائب بالسيارة لأن ميعاد السفر تقدم وطلبت منه أن يقابلني في الطريق لنذهب في مشوار مهم يحمل مفاجئة ستعجبه.
وقد كان…
قابلته في الطريق بسيارتي وركبت معه وذهبنا للشقة وصعدنا لأريه إياها قائلة إنها شقة ممتازة اشتريتها للاستثمار في المستقبل وسيزيد ثمنها كثيرًا بالتأكيد،
قدمت له العصير الذي يحبه، أخذ يرتشف منه وهو يتجول في الشقة.
بعد قليل بدأ يترنح، ثم سقط وقال: أحس أن جسمي مشلول يا سا…..
ولم يكمل بالطبع
إنه العقار الذي وضعته له عقار يجعلك غير قادر على الحركة أو النطق لكنك تحس بكل شيء، اشتريته من على الانترنت بحساب زائف، في هدوء جررته للحمام،
وهو غير مستوعب لما يحدث له.
قلت له وأنا أنزع ملابسه لألقيها في ماء النار الذي يملأ حوض الاستحمام والذي اشتريت له سدادة مخصوصة:
– أنور يا عزيزي، أعلم كل شيء عنك، وعن خيانتك، وعن نساءك، وعن سمعتك الملوثة، وأعلم أنك أوهمتني أنني لا أنجب، وهذا انتقامي يا أنور، كما أحببتك أكرهك الآن، لدرجه أني سأفعل ما سأفعله بك ولن أندم أبدًا.
بكل هدوء تناولت المنشار الكهربائي، وبدأت في تقطيع أوصاله ونظرات الألم والرعب وعدم التصديق لما أفعله به مرتسمة على محياه، كلما قطعت جزءًا ألقيته في حوض الاستحمام، ليذوب بينما أقطع جزءًا آخر منه، وكأنني لست أنا من تفعل ذلك، كأنني أشاهد فيلم رعب، بلاشعور، ولا أي رد فعل مني.
أغمض عيناه، لا أدري هل فقد الوعي من الألم أم مات، في كلتا الحالتين لا يهم، ألقيت جذعه في حوض الاستحمام، ففتح عيناه، حسنًا أنه ما زال حيًا، لا أكترث لن يظل على قيد الحياة طويلًا، وقفت أراقبه وهو يذوب، ثم بعثت برسالة من هاتفه لهاتفي
بأنه في مهمه وسيبيت فيها لمدة يومان ويعود على موعد السفر،
بعد أن ذاب كليًا أخذت البقايا وألقيتها في المقلب العمومي للقمامة، فهذا هو المكان الذي يستحقه، ثم قدت سيارته وأغرقتها وعدت أبحث عنه وأبكي كما علمتم،
أما غادة فأنا من رش على رأسها سبراي مزيل الشعر وهي نائمة، فنومها ثقيل جدًا،
أما إحسان التي كانت تشجعه على الزواج بغيري وضعت لها السم قبل أن ترى الأحفاد اللذين تمنتهم، وسأعيش الآن مع حبيبي عبودي ونوري نور حياتي،
لكن هذا السر يثقلني، وها أنتم ساعدتموني في حمله لكن إياكم والبوح به،
أنتم الآن تعرفون سري فاحذروني.
كانت تلك رواية سارة التي قصتها على مسامعي، أنا الطبيبة النفسية بمستشفى الأمراض العقلية، والتي روتها لي على فترات متقطعة، فلقد كانت في بعض الأحيان تبدو سليمة العقل كاملة الإدراك وفي لحظات أخرى كانت تتحول لطفلة صغيرة لا تدري عن الدنيا شيئًا.
فبعد ولادة نور بقليل أصيبت سارة بحمى شديدة، وهذت بكل ما كان منها، لقد صدم عبودي صدمة شديدة، ولم يدر ما يفعل، هاتف أحد أصدقائه في سلك الشرطة، وقص عليه ما سمعه، وبعد أن شفيت من الحمى، صارحها عبودي بم كان منها، حاولت التبرير له، واعترفت بكل ما فعلته، وكان يسجل اعترافها، وعندما عرفت أن عبودي سجل اعترافها، لم تصدق أن سرها انكشف، وأصابتها لوثة عقلية، لتدخل المصحة، ويربي عبودي نور وحيدًا.
تمت بحمد الله
#nashwa_aboalwafa
#نشوة_أبوالوفا