قصص قصيرة

قصة قصيرة ..”رسالة لم تُقرأ” محمود سعيدبرغش 

قصة قصيرة .."رسالة لم تُقرأ" محمود سعيدبرغش 

قصة قصيرة ..”رسالة لم تُقرأ”

محمود سعيدبرغش 

 

كان يوسف رجلاً بسيطًا يعمل في ورشة نجارة، يكدح طوال اليوم ليؤمّن قوت يومه. لم يكن يملك الكثير، لكنه كان يملك قلبًا يُحب بصدق. كان يعشق ليلى، الفتاة التي كانت تملأ حياته نورًا وأملًا، لكنها لم تكن تعلم بذلك.

 

كل يوم، كان يكتب لها رسالة يسكب فيها قلبه، يخبرها كم يعشق ضحكتها، وكيف أن عينيها تضيئان ظلام حياته، لكنه لم يملك الجرأة على إرسالها. كان يخشى أن ترفضه، أن تسخر من مشاعره البسيطة. وهكذا تراكمت الرسائل في صندوق خشبي صغير أسفل سريره.

 

في أحد الأيام، علم أن ليلى ستسافر بعيدًا، فقد خُطبت لرجل آخر، رجل يليق بها أكثر منه، كما كان يردد في نفسه. لم يكن يستطيع تخيّل حياتها مع شخص غيره، لكن ما الذي يمكن أن يفعله؟ في الليلة الأخيرة قبل رحيلها، قرر أن يضع جميع رسائله في مظروف ويتركه أمام منزلها، علّها تقرأه يومًا ما.

 

لكن القدر كان له رأي آخر. في صباح اليوم التالي، وقبل أن تفتح ليلى الباب، هبّت ريح قوية حملت المظروف بعيدًا، فسقط في الشارع وتبعثر بين السيارات المارة. لم تعرف ليلى أبدًا أن هناك من أحبها حدّ الألم، وأن هناك رجلاً كتب لها عشرات الرسائل التي لم تصلها أبدًا.

 

بعد سنوات، عاد يوسف إلى صندوقه الخشبي، أخرج آخر رسالة كتبها، قرأها بصوت مرتجف، ثم أغلق عينيه على دموعه، هامسًا: “بعض الحب لا يُكتب له أن يُقرأ… ولا أن يُنسى.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى