
قصة قصيرة ….”صوتُ العاشق”
محمود سعيدبرغش
في قريةٍ صغيرة، حيثُ يسكنُ الحبُّ بين الأزقةِ الضيقةِ وتحتَ ضوءِ القمر، كان “ياسر” شابًا يُحبُّ “ليلى” منذُ الطفولة. لم يكن حبهُ عاديًا، بل كان عشقًا يقتاتُ على تفاصيلها الصغيرة، على ضحكتها حين تهطلُ الأمطار، وعلى نظرتها الحائرة حين تغيبُ الشمسُ خلفَ الجبال.
لكنّ القدرَ لم يكن رحيمًا، فحين كبرت ليلى، خُطبت لرجلٍ آخر بترتيبٍ من عائلتها، رجلٍ لم تكن تعرفه، ولم يلمس قلبها كما فعل ياسر. كان الخبرُ كالصاعقة، ولكنّ ياسر لم يستطع إلا أن يتمنى لها السعادة، رغم أن قلبه يتمزق.
في ليلةٍ مقمرة، وقفَ ياسرُ تحتَ نافذتها، يناديها بصوتٍ مرتجف:
“حبيبتي… قالهااا…”
“أناديكِ… أتسمعين؟”
لكنّ النافذةَ بقيت مغلقة، ولم يصل إليه سوى صدى صوتهِ يذوبُ في ظلمةِ الليل.
رحلت ليلى في صباح اليوم التالي، وظلَّ ياسر كل ليلة يعود لنفس المكان، يناديها بنفس الكلمات، رغم أنه كان يعلم أنها لم تعد هناك.
وهكذا، بقي صوتهُ يسكنُ المكان، حكايةً يرويها القمرُ والنجومُ عن عاشقٍ ظلَّ ينادي محبوبته، حتى حين لم تعد تسمع.