مقالات

كلمة كنت مابين الإنسان والكون

كلمة كنت مابين الإنسان والكون

 

كلمة كنت مابين الإنسان والكون

بقلم : مها السبع 

كلمة كنت ليست مجرد فعل ماضٍ عابر، بل هي مرآة نرى فيها ما مضى من حياتنا وما فقدناه من زهوٍ ولحظات. فالوردة حين تزهر وتفوح عطراً، ثم تجف وتذبل، لا تدرك أنها كانت يوماً وردة عطرة. والمال حين يفيض في يد صاحبه ثم يتلاشى، لا يعرف أنه “كان” كثيراً وذهب. وكذلك الحلم حين يرفع صاحبه إلى القمة ثم ينحدر به إلى اليائس لا يعي أنه “كان” يوماً صوتاً عالياً يملأ الحياة.
إذن، كلمة “كنت” ليست من أستخدام صفة الزهور ولا للمال ولا للأشياء بل هي وسيلة خاصة للإنسان. بها يحادث نفسه، يتذكر مجده، ويتأمل ما فقد. هي لغة تخصه وحده، بأستخدام الكون يصوغ بها ذاكرته ويستعيد بها نصفه الغائب.
ولو نظرنا إلى الإنسان دونا عمل، ودونا مال أو إنتاج، دونا فرح دونا حزن لوجدناه يمتلك خاصية الإحساس المعنوي فقط وليس ملموس لأنه فاقد جميع الأشياء السابقة الملموسة والمحسوسة الذي تجلب له السعادة
حين ذلك يشعر بالنقص حين يفقد، ويشعر بغياب الكون الباقية. والمترجمة والمكملة آيضا لمعنى كلمة سعادة الأنسان
قال رسول الله ﷺ:
كُنْ في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابرُ سبيلٍ”
المعنى هنا إن الدنيا مؤقتة، والإنسان بس اللي يعي مرورها ويقول “كنت”.
عزيزي القارئ، ما الكون إلا نصفنا الآخر، وما الأشياء إلا امتداد لأرواحنا. وحين نتأملها ندرك أن كلمة “كنت” هي جسر يصل بين وجودنا العابر وذاكرة الكون الباقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى