كيف نعيد الانضباط للقيم والسلوكيات في بيئة العمل؟

كيف نعيد الانضباط للقيم والسلوكيات في بيئة العمل؟
بقلم: حمادة عبد الجليل خشبة
في أحد المصالح الحكومية، لفت نظري موظف بسيط ينظم الملفات بهدوء، يرد على المواطنين باحترام، يؤدي عمله وكأنه رسالة مقدسة. سألته: “بتشتغل هنا من زمان ، قال أيوة يا بنى ، قلت له ما شاء الله نشيط وبتشتغل بهمة كبيرة ؟” فابتسم قائلًا: “أنا بحب شغلي، ولو كل واحد فينا اشتغل كده البلد هتتغير بجد.”
خرجت من عنده وأنا أفكر: كيف نحافظ على هذه الروح؟ أين ذهبت القيم والسلوكيات التي تربينا عليها؟ ولماذا أصبح الالتزام والإتقان استثناءً بدل أن يكون هو القاعدة؟
لقد تغيرت بيئة العمل في كثير من المؤسسات. هناك من يعمل بضمير، وهناك – وللأسف – من جاء فقط ليوقع حضوره وينتظر موعد الانصراف. الانضباط لم يعد ثقافة عامة، بل تحول عند البعض إلى عبء يُتجنّب، والالتزام صار يُقابل أحيانًا بالسخرية أو الاستغراب.
ولست هنا بصدد التعميم، فبلادنا مليئة بالشرفاء، لكن الأمانة تقتضي أن نعترف: نحن بحاجة عاجلة لإحياء منظومة القيم والسلوكيات داخل بيئات العمل.
البداية من القدوة. المدير الذي يحضر في موعده ويلتزم بمهامه، هو أفضل من ألف منشور إداري.
ثم يأتي دور الثواب والعقاب، لا مجاملة ولا استثناءات… من يعمل يُكافأ، ومن يستهين يُحاسب، دون النظر إلى الأسماء أو المناصب.
نحتاج كذلك إلى تحفيز حقيقي، فالموظف ليس آلة، بل إنسان يحتاج لكلمة طيبة، وشعور بالاحترام، وفرصة للتطور.
ولا ننسى أن بيئة العمل الصحية تُبنى على التعاون والاحترام المتبادل، لا على الصراعات الداخلية أو الصراخ الفارغ.
بلدنا لا ينقصها الموارد، ولكنها تحتاج بشدة إلى الضمير والانضباط.
مصر تستحق أن نمنحها أجمل ما فينا، لا أقل ما لدينا.
وشبابها هم أملها الحقيقي… إذا أخلصوا النية، وتسلّحوا بالقيم، فلن يقف في طريقهم شيء.
فلنجعل كل مصلحة حكومية، وكل مؤسسة، وكل مكتب، وكل مصنع… منارة عمل وشرف.
ولنردد جميعًا:
“هنا تُبنى مصر… بالانضباط، بالإخلاص، وبقوة الإرادة.”
حفظ الله مصر وشعبها وقائدها وجيشها