مقالات

لا تجعلوا أعماركم عائقًا لآمالكم

لا تجعلوا أعماركم عائقًا لآمالكم

 

لا تجعلوا أعماركم عائقًا لآمالكم

هذا لمقال نشر في جريدة تينسي آراب نيوز الورقية بأمريكا
Do not let your age be an obstacle to your hopes

    بقلم  :  مها السبع

آمالُنا مدينةٌ، وأعمارُنا سفينةٌ. فكيف لنا أن نكُفَّ عن أحلامِنا الواسعةِ من أجل سفينةِ العمر؟ من أجل ألّا يُقال عنا: “أفعالُه لا تُناسبُ عددَ سنواتِ عمرِه”، سواءٌ بالإيجاب أم بالسلب؟
عزيزي القارئ، هيا بنا نمضي معًا في مدينةِ أحلامِنا، ونتأملَها دون النظرِ إلى سفينةِ أعمارِنا، كي لا يتوقفَ عندها عقاربُ الساعات.
كم من الناس يضعون أعمارَهم عائقًا أمام نصب أعينِهم، ويجعلونها في عقولِهم إشارةً للتوقف عن الأماني والأحلام؟ بالفعل، يصبح الإنسانُ مقعدَ الفكر، مشلولَ الإرادة، بسببِ هذا الفكر الخاطئ، ويقول لنفسِه: “بلغتُ من العمرِ كذا سنةً، وليس لي الحق في تحقيقِ ما أحبُّ!” ما كل هذا؟
لقد خلقنا الله أحرارًا، ولسنا عبيدًا لأفكارِنا ولا لأي أحدٍ. إن الله جميلٌ يحبُّ الجمال، فما الجمال إلا لمساتٌ يضعها الإنسانُ لنفسِه كيفما شاء ومتى أحب. عندما نريد أن نحققَ حلمًا أو نفعل شيئًا، يجب أن نتخيلَ كأننا في طرقاتٍ مفروشةٍ ببساطٍ أخضر، تملأُها ورودُ الجمال، نهرول إليها لنحقق كل ما نحبُّ. لا ينبغي أن ننظر إلى أعمارِنا أو إلى من حولَنا.
كثيرون يقولون: “أصبحت أعمارُنا لا تناسبُ أحلامَنا”، وهنا يخطئون. ما دمتَ تتنفس، ما دمتَ تحلم، ما دمتَ على قيدِ الحياة، فأين المشكلة؟ ولو كنتَ في المئة من عمرك وأردتَ أن تجري، افعل. أردتَ أن تحب وتعشق، افعل. أردتَ أن تحقق ما لم تحققه من قبل، افعل. أردتَ أن تكون طفلًا تنظر للأشياء بعين البراءة، افعل. أخبر العالم بما تشعر به، ولو أردتَ أن تبكي في أحضان الليل أمام الناس، افعل. ولو أردتَ أن تخبر الجميع أنك تنظر للأشياء بعين الطفولة، فلا تخشَ من عمرك، ولا تخشَ من الذين يتحدثون عنك: “ماذا فعل ولماذا؟”.
اترك كل عينٍ تتأملُك وتراقبُ أفعالَك، وكن نموذجًا للإرادةِ والقوة. في الوقت نفسِه، قد ترى العتابَ والعنادَ من بعضهم بكلماتٍ قد تضايقُك، مثل: “هل أنت صغيرٌ لتفعلَ هذا؟”. نعم، جميعُنا أطفالٌ من الداخل. قد تختفي هذه الطفولةُ منا في أوقاتٍ كثيرة، لكن عندما نجد أقربَ فرصةٍ للتعبيرِ عما بداخلنا، نفعلُ هذا. قد نبكي سرًّا، ونبكي نتيجةَ إخفاء ما بداخلِنا لفترةٍ طويلة. وعندما نريدُ أن نضحك، قد نجدُ أنفسَنا أمام أضعفِ المواقفِ التي تجعلُنا نبتسم، وقد نقهقهُ من الضحك.
والسؤال هنا: هل يُحدد عمركَ هذه الانفعالات؟ هل يحاسبُك اللهُ على هذا؟ لا، وألف لا. لذلك، لا تخشَ من طفولتِك المتأخرة، ولا تخشَ أن تعيشَ عمرًا لا يناسبُ عمرك. أعمارُنا سفينةٌ، نعم، قد أدمعَنا القدرُ فيها، وفارقَنا الأحبابُ فيها، وأحزنَنا الزمانُ فيها. فكيف لنا ألا نصطنع الفرح ونبتسم ونحقق الأماني قبل مضي قطارِ العمر؟
حينها، لن ينفعَ الصديقُ صديقَه، وسيودعُ الخليلُ خليله، وستدفنُ في التراب، ويعودُ المشيعونَ إلى ديارِهم. منهم من سيبكي عليكَ ساعاتٍ، ومنهم من سيبتسم، ومنهم من سيذكركَ لفترةٍ وجيزة. وفي النهاية، الجميعُ سينساك. فكيف لك ألا تحلمَ وتحققَ أحلامَك بما يرضي الله ورسوله قبل أن يأتي يومٌ تصبح فيه ذكرى قد تُذكر أو لا تُذكر؟
عليك أن تتركَ شيئًا يُذكَر عنكَ في سطورِ حياتك، ليُتحدثَ عنك، وليذكركَ الجميع. لأن آمالَنا مدينةٌ، وقلوبَنا سفينةٌ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى