
لغز “ظل بلا جسد” بقلم / د. نجوى كامل
كان الرسام نبيل يقضي ساعات طويلة في مرسمه الصغير،
غارقًا في لوحاته، يرسم على جدران أحياء المدينة القديمة
وأزقتها المهجورة ، كان الضوء الخافت لمصباحه يتراقص فوق الألوان الزيتية، مضفيًا جوًا من السكون الغريب على المكان ،
لكن في الأسبوع أو الأيام الأخيرة، بدأ يلاحظ شيئًا مريبًا ،
في كل لوحة يرسمها، كان هناك ظل لرجل يقف في الزاوية، رغم أنه
لم يضفه بفرشاته على الرسم ……
ظن أنه مجرد انعكاس عابر أو وهم بصري، لكنه أدرك أن هذا
الظل يظهر في كل لوحة جديدة، بغض النظر عن المنظر
الذي يرسمه.
ذات ليلة، بعد أن أكمل لوحة جديدة لساحة مهجورة، حدّق في
الظل مرة أخرى. كان أطول من المعتاد، ملامحه غير واضحة،
لكنه بدا مألوفًا بشكل يثير القشعريرة. حاول نبيل محوه باستخدام
قطعة قماش مبللة، لكن الفرشاة لم تحرك اللون، وكأن الظل متغلغل
في نسيج اللوحة ذاتها.
شعر بقشعريرة تزحف على جسده. وبينما كان يحدق في اللوحة،
لاحظ أن الظل تحرك قليلًا. جف حلقه، وتراجع للخلف.
— “هل أنا أتوهم؟”
حاول إقناع نفسه بذلك، لكنه لم يستطع مقاومة الرغبة في التحقق.
فكر في تجربة غريبة؛ ترك اللوحة على الطاولة، وخرج من الغرفة.
عندما عاد بعد دقائق، اتسعت عيناه رعبًا—كان الظل قد اقترب من مركز اللوحة!
أطفأ المصباح على عجل، لكنه شعر بوجود شيء يتحرك في الظلام.
دقات قلبه تسارعت، وعندما أشعل الضوء مرة أخرى، لم يكن هناك شيء… باستثناء اللوحة.
لكن هذه المرة، لم يكن الظل داخلها فقط. بل انعكس على الأرضية،
وكأنه خرج من إطارها.
ارتجفت يداه، وسمع صوت خطوات ناعمة تتردد في أنحاء المرسم. التفت بسرعة، لكنه لم يجد أحدًا. إلا أن لوحة جديدة كانت قد
ظهرت على الحامل—لم يرسمها هو.
كانت تصور مرسمه الذي يعيش فيه ،
لكنه كان فارغًا… باستثناء ظل يقف عند الباب،
يراقبه بصمت ،