لقب النبي -محمد عليه الصلاة والسلام – الصادق الأمين

لقب النبي -محمد عليه الصلاة والسلام – الصادق الأمين
كان لقب النبي محمد – عليه الصلاة والسلام – قبل البعثة هو الصادق الأمين، وكان أهل مكة يلقبونه بهذا اللقب؛ لأنهم رأوا منه صفات وأفعال تدل على ذلك، فهذا اللقب مكوّن من صفتين الصفة الأولى الصدق، والصفة الثانية الأمانة.
فقد تحلى النبي محمد – عليه الصلاة والسلام – بهاتين الصفتين تمام التحلي، فأما الصدق فقد كان النبي محمد – عليه الصلاة والسلام – غاية في الصدق فكان أبدًا لا يكذب لا في جد ولا في هزل – عليه الصلاة والسلام- فقد زكاه الله تبارك وتعالى فقال : ﴿ وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ (الزمر: 33) وقال تعالى: ﴿ بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ (الصافات: 37)، لما نزل جبريل -عليه السلام – بالوحي أول مرة على النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- وارتعد به فؤاده وخاف، فقال: لقد خشيت على نفسي، فقالت خديجة: “لا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتصدق الحدث ..”
وفي أحد الأيام جمعَ النبي محمد – عليه الصلاة والسلام- أهل مكة يومًا ليدعوهم إلى الإسلام فاجتمعوا في صعيد واحد فقال لهم، أرئيتم لو أخبرتكم أن خيلاً في سفح هذا الجبل ستغير عليكم أكنتم مصدقي؟ قالوا: نعم، ما جربنا عليك كذبًا يومًا، وفي القصة المشهورة لما جمع هرقل العرب الذين كانوا في بلاده ليسألهم عن النبي محمد – عليه الصلاة والسلام – عندما أرسل إليهم رسالة يدعوه فيه إلى الإسلام فكان ممن جمع أبو سفيان بن حرب وكان يومئذ على دين قريش فسأل هرقل أبا سفيان هل جربتم عليه كذبًا؟ قال أبو سفيان: لا.
وأما صفة الأمانة فكان في الغاية منها، فقد كان أهل مكة يجعون أمانتهم وأموالهم عند النبي محمد – عليه الصلاة والسلام – لأنهم يعرفون أنه أمين لن يتعدى عليها أبدًا.
وتذكر لنا كتب التاريخ والسير كثير من القصص عن تعامل أهل مكة مع النبي – عليه الصلاة والسلام – بصفة الصدقة والأمانة من هذه القصص أن أهل مكة عندما أرادوا أن يعيدوا بناء البيت مرة أخرى بعد أن اشتركوا في كل شيء في البناء حتى أنتهى كل شيء وبقي فقط الحجر الأسود يريدن أن يضعوه في مكانه فاختلفوا مَن الذي يحوز هذا الشرف فأرادت كل قبيلة أن تحوز هذا الشرف، فاختلوا مَن له الحق في ذلك، ولما زاد خلافهم قالوا حكموا أول داخل عليكم في هذا الأمر، فما هو إلا أن دخل عليهم النبي محمد – عليه الصلاة والسلام – قبل البعثة، فقالوا ابشروا فقد جاءكم الصادق الأمين، فحكوا له خلافهم، فقال: احضروا رداء كبيرَا ثم وضعوا الحجر الأسود في وسط الرداء وقال: كل قبيلة من القبائل تحمل طرف من أطراف الرداء ليكونوا حملوه جميعًا، فحملوه فيما بينهم، ورفعوه ثم أمسك به النبي محمد – عليه الصلاة والسلام- بيده الشريفة ووضعه في موضعه، وبذلك يكون الجميع شاركوا في وضع الحجر الأسود في مكانه
وقصة أخرى تبين مدى صدق وأمانة النبي محمد – عليه الصلاة والسلام- مع أهل مكة، فعندما قرر أن يهاجر من مكة إلى المدينة وكان لديه كثيرًا من أمانات أهل مكة لديه، فأمر علي بن أبي طالب ابن عمه أن يذهب إلى بيته ويأخذ أمانات أهل مك ويعطي كل واحد منهم أمانته التي تركه عند النبي محمد – عليه الصلاة والسلام- بالرغم من أنهم آذوه وضيقوا عليه وفعلوا معه الأفاعيل إلا أنه حافظ لهم على أمانتهم وكان صادقًا معهم،